لعلّنا نشهد ما آلَ إليه التعليم في عصرنا الحالي، ولعلّنا ندرك مفاهيم كانت تغيب عنّا لم نعتَد تداولها بين التربويين والمثقفين، فترانا نلوّح بتقدمنا وتنامي التعليم المتميّز واستراتيجيات التمايز وجودة الأداء وتحسين أداء المدارس وما إلى ذلك من مصطلحات اندرجت ضمن المنظومة التعليمية لدينا،
إلا أننا لا ندرك أنّ هذا التميّز الذي نشير إليه، ما هو إلا قشور بدَت لنا على السطح لم تكن لتقيس مدى تراجع الأداء التعليمي الحقّ الذي أردنا له كل التميّز لأبنائنا بعيدًا عن سياسات التعليم لدى منظريها.
فتركيز أهدافنا التعليمية على الجانب النظري، من شأنه أنْ يحُول دون النهضة بمخرجاتٍ مميزة لأجيالٍ يوسَمون بصفات الموهوبين والمبتكرين والمبدعين والمخترعين المتميزين الذين تدفع بهم صفاتهم تلك نحو الأداء خارج إطار المقرر الدراسي المحصور الرؤى في تحقيق أهدافه قصيرة الأمد. فهل تتبنّى مناهجنا بشتى مسمياتها أسلوب التحاور والمناقشة والمناظرات وكذلك اعتماد أساليب ومهارات التفكير الإبداعي في جميع مراحل التعليم بعيدًا عن دفتي الكتاب المدرسي لنهل المعرفة الإيجابية منها.
باعتقادي الشخصي المتواضع، أنّ التعليم لن يكن ناجحًا ومتميّزًا ما لمْ نجرؤ على مسايرة العصر ومجابهة العقبات التي تجعلنا في مصاف الدول المتقدمة على مستوى التعليم كدولة “فنلندا “ التي أصبحت أقوى دولة تعليميًا لعام 2015 م، تلك الدولة الإسكندنافية الصغيرة التي تناهض أسلوب التكرار النظري وتدعو بكل ثقة وقوة لإلغاء المواد الدراسية واستبدالها بمواد تكاملية عملية. دون الحاجة للحفظ والاجترار لموادٍ ومعلومات نظرية تنتهي علاقة الطالب بها بانتهاء الامتحان.
لَكَم طالَ انتظارنا لنقفز بالتعليم من ساحة التنظير والكلمات الرنّانة، ولَكَم استهوتنا فكرة المواد العملية البعيدة عن حشو أدمغة الطلاب دون ترميمها بين الفينة والأخرى ومناصرتها على التحدي والمتعة عند تلقي العِلم وا لمعارف بكل أريحيّة؛ لبناء مستقبل تعليمي يستحق وبكل جدارة أن نطلق عليه مسمى «التعليم المتميّز” .
د. منى فخر
دكتوراه في تطوير المناهج و طرق التدريس
مُقدّمة برامج تربوية / تنمية مهارات التفكير الإبداعي