في نهاية شهر يناير، ومع تزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا في مدينة ووهان التي تعتبر بؤرة تفشي الفيروس الواقعة في مقاطعة هوبي، تعرضت المرافق الصحية لضغط شديد، ووصلت إلى حالة من العجز لاستقبال المزيد من الإصابات التي باتت تقدّر بـ 10 آلاف حالة.
وفي خضم الإجراءات الهائلة التي اتخذتها الحكومة الصينية لاحتواء الأزمة الصحية التي عصفت بالبلاد، برز الخبر المدهش بنية الحكومة الصينية على إنهاء بناء مستشفيين جديدين في مدينة ووهان في غضون أيامٍ فقط!
وبالفعل تمّ افتتاح مستشفى هوشينشان الضخم في فبراير الجاري المكوّن من طابقين، بمساحة 25 ألف متر مربع، وبسعة 1000 سرير وقد تمّ بناؤه في عشرةِ أيام فقط، والذي افتتح في الثالث من فبراير، وأعقبه افتتاح مستشفى ليشنشان في الخامس من الشهر نفسه، أي بعد عدّة أيام، بسعة 1600 سرير!
وبما أن بناء المستشفيات يعدّ من أصعب المشاريع المعمارية تنفيذاً، لصعوبة وتعقيد تصميمها، وارتفاع تكلفة إنشاءها، وطول مدة البناء والتشغيل، فقد كان ما حققته الصين في تلك الأيام القليلة مدعاة للإعجاب في مجالات عدة، كمجال الصحة العامة، ومجال التخطيط والهندسة المعمارية، بل وحتى في المجال اللوجيستي، خاصة مع وضع مدينة ووهان تحت الحجر الصحي، وصعوبة الدخول والخروج من المدينة.
وهذا يقودنا إلى التساؤل: كيف استطاعت الصين بناء مستشفيين ضخمين بهذه السرعة؟
في الحقيقة هناك عدة عوامل ساعدت على سرعة الإنجاز، لكن تبقى طريقة البناء التي تم إتباعها، عن طريق تركيب "وحدات مسبقة الصنع"، هي السر الأكبر لتحقيق هذه المعجزة المعمارية، التي لم تكن لتتحقق إلا بإماطة كل المعوقات البيروقراطية والمالية واللوجستية، وتسخير جيش من الحفارات والرافعات والمعدّات الميكانيكية، وتعيين ما قُدّر بـ 7 آلاف عامل، ليعملوا طوال الليل في تركيب هذه الوحدات، وصفّها جنباً إلى جنب كما قطع الليغو!
والجدير بالذكر، أن وجود تصميم معماري مسبق لهكذا نوع من المستشفيات قد أعطى المشروع دفعة قوية، ففي العادة يأخذ تصميم المستشفيات بتعقيداتها، وكثرة متطلباتها التقنية والخدمية، أشهراً طوال لإنجازها. أما في حالة مستشفى هوشنشان مثلاً، فقد تم الاستناد إلى النموذج المعماري لمستشفى شياوتانغشان في بكين، الذي تم بناؤه خلال 7 أيام، في الفترة التي شهدت فيها الصين انتشار وباء سارس عام 2003.
مع ذلك فإن اختلاف التضاريس، واستخدام تقنيات مهمة لاحتواء تفشي الفايروس في المستشفى عن طريق استخدام ضغط الهواء السلبي لضمان تدفق الهواء المهوى إلى الأجنحة المعزولة ولكن ليس خارجها، قد أدى إلى تغييرات جذرية في التصميم المعماري.
ولضمان افتتاح المستشفى في أيام، لم يتم الانتظار لحتى إنهاء أعمال البناء بالكامل، بل كان كلما تم الانتهاء من جزء، يتم الإسراع بتجهيزه بالمعدّات الطبية اللازمة.
ولازالت مساعي الحكومة الصينية في احتواء الأزمة على قدمٍ وساق، مع إعلانها خطة لبناء مزيد من المرافق الصحية لاستقبال أعداد المرضى المتزايدة.