في فبراير 2020 انطلق سباق محموم في المملكة لشراء المطهرات الكحولية وكمامات الوجه التي نفدت في الأيام الأولى من السوق، وارتفعت أثمانها وصار البحث عنها من محل لآخر مجهدًا، وأصبح الإتجار فيها مربحًا وتوالت منشورات الانستغرام ورسائل الواتساب للإعلان عن توافرها وبيعها بأسعار تنافسية.
اليوم وبعد مرور 4 أشهر ومع استمرار معركة الوقاية من فيروس كورونا كوفيد - 19، عادت الرفوف في الصيدليات والمحال التجارية بالامتلاء بالمطهرات والكمامات وبأسعار معقولة نسبيًا.
هذا المشهد يرصد صورة عامة لتوافر المطهرات في المملكة، ولكن كيف كان التزام الناس بتطهير أيديهم اليوم وبعد مرور الأشهر الأربعة، هل ملوا من ذلك؟
"الطبي" بحثت عن الإجابة لدى قراءها ونقلتها في الأسطر التالية:
حاجي: لست شرطية
منى حاجي الموظفة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لها تجربة مختلفة فالوزارة بادرت بتثقيف موظفيها وارشادهم حول قواعد النظافة والتعقيم الجديدة التي فرضتها الجائحة.
وتطوعت في فرق التفتيش على مواقع العمل وارشادهم للالتزام بالقواعد الجديدة التي وضعتها الحملة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا كوفيد – 19.
وقالت أنها اهتمت كثيرًا بمتابعة الأخبار والمواد الإعلامية الإرشادية في القنوات الفضائية منذ بداية ظهور الفيروس. وأوضحت: "منذ ذلك الوقت وحتى الآن احرص على تعقيم يدي باستمرار داخل المنزل، ولبس القفازات إذا اضطررت للخروج وأستبدل القفازات عند زيارتي المواقع المختلفة فلدي كمية منها في السيارة لهذا الغرض".
وقالت أن هذه الإجراءات متبعة في منزلها، فلديها معقم رذاذ لمقبض الباب الخارجي، وآخر لتعقيم اليدين في غرفة المعيشة في المنزل.
ولفتت إلى أنها تزور والدتها بين فينة وأخرى بشكل خاطف في مدة لا تتجاوز الدقائق العشر، وتحرص على قاعدة التباعد الاجتماعي أثناء الزيارة وتجلس على بُعد مترين من والدتها.
حث الأسرة والمثابرة معها وتشجيعها على الحفاظ على صحتها، ليست الميدان الوحيد الذي ركزت عليه حاجي بل أضافت له ميادين أخرى في الأسواق، والأماكن العامة لنشر الثقافة الصحية اللازمة لمواجهة الفيروس بين البحرينيين والمقيمين.
وقالت أنها زارت الكثير من مواقع العمل وخصوصًا في المحلات التجارية خلال عملها من أجل التفتيش والتأكد من الالتزام بالإجراءات الاحترازية. وأردفت: "لاحظت أن العمالة الأجنبية تخاف من فريق التفتيش وتعتقد أننا سنحرر لهم مخالفات. وهذا غير مبرر فأنا لست شرطية ولا أحرر المخالفات فدوري ينحصر في التأكد من الالتزام بالإجراءات الاحترازية والحث عليها".
وواصلت: "لدي مشاركة أخرى في التطوع للتوعية في الأماكن العامة، ولاحظت الوعي الكبير عند البحرينيين وتجاوبهم مع التعليمات والتزامهم بها".
وبيّنت أن ما يثير حنقها واستياءها حينما ترى مخالفات للإجراءات الاحترازية في الأسواق وعلى الأخص في المحلات الصغيرة التي يتواجد فيها أكثر من زبون في رقعة ضيقة.
ودعت الجميع للمواصلة في تعقيم اليدين أو غسلها بالصابون إذا كان المعقم الكحولي يسبب الحساسية.
وأكدت أن مرور الوقت يزيدها إصرارًا على التمسك في التعقيم والالتزام بالإجراءات الاحترازية.
القمر لم يمل
يعقوب القمر ناشط اجتماعي ورب أسرة يحث أسرته على اتباع الارشادات الوقائية، ويدعوهم لعدم التهاون والتساهل في تطبيقها.
وقال: "تعلمتُ طرق تعقيم اليدين الصحيحة عن طريق منشورات وزارة الصحة والمواد الإعلامية التي تبث في تلفزيون البحرين، هذا بالإضافة للخلفية العملية التي اكتسبتها من عملي السابق في مركز ألبا الطبي التابع لشركة ألمنيوم البحرين".
وبيّن أن قواعد النظافة الشخصية الجديدة التي تؤكد على تعقيم اليدين باستمرار أصبحت لازمة عنده وعند أهله منذ الإعلان عن أول اصابة بفيروس كورونا كوفيد – 19 في فبراير الماضي. وأكد أن هذا السلوك سيكون ملازمًا لهم طيلة حياتهم.
القمر يعقم يديه في كل مكان، ويوضح: "احرص على تعقيم يدي في الأماكن التي أقصدها لقضاء حوائجي كالمنشآت الصحية، أو المتاجر، فاعقم يدي عند الدخول ومرة أخرى عند الخروج، وارتدي القفازات وأحملها معي أينما أذهب".
وأكد أن طول الفترة لم تجعله يمل تعقيم يديه، بل زادته اصرارًا على الاستمرار في التمسك بهذا السلوك الذي يحميه ويحمي من يخالطه. مشددًا على أنه لن يتراجع عن التمسك بسلوكيات النظافة والتعقيم فـ "النظافة من الايمان".
وختم بالقول أن الوعي بالتوقي من الفيروس صار أعلى لخطورة الوباء، وشكر "الطبي" على اهتمامه باستطلاع الآراء حول هذا الموضوع المهم، واستمرارها في تثقيف المجتمع.
المرزوق قريب من خطة المواجهة
لم يكن التعقيم وارتداء الكمامات جديدًا على سيد أحمد المرزوق الذي يعمل في مجال التصنيع الغذائي كما أنه ليس بعيدًا عن خط مواجهة الفيروس فزوجته من العاملات في القطاع الصحي.
وقال: "في بداية الإعلان عن وصول الفيروس للمملكة في فبراير الماضي حرصت على متابعة الإرشادات الحاثة على الوقاية منه عبر قنوات التلفاز ومنصات التواصل الاجتماعي وعلى الأخص حسابات الانستغرام". وأضافت: "تعلمت الطرق الصحيحة لتعقيم اليدين، كما أن زوجتي دربتني على ذلك أيضًا. وصرت أحمل المطهر معي أينما ذهبت حتى إني أستطيع وصفها بالوسواس".
المرزوق حريص على حماية نفسه وأسرته فهو أبٌ لطفلين واجتهد في تدريبهما على طرق التعقيم الصحيح، وأفصح قائلًا: "لم يكفني الالتزام بتطهير اليدين باستمرار فقد دربت أولادي عليها، فكلما عقمت يدي وضعت سائل التعقيم في أيديهما وطلبت منهما تقليدي، فأصبحا يتقنان التعقيم وملتزمان به".
وقال أن الرهبة من الفيروس كانت دافعًا لتطهير يديه بشكل متعدد في اليوم، واستدرك "الآن وبعد مرور أشهر على ظهور كورونا كوفيد – 19 وتخفيف الإجراءات صار التزامي أقل بنسبة ما ولكني حريص على التعقيم وحمل المطهر معي".
وأكد أن أهم القواعد التي يجب الالتزام بها وجعلها في المقام الأول هي التباعد الاجتماعي فهي عنصر وقائي مهم يقلل من انتشار المرض، وأوضح: "لو أصيب شخص لا قدر الله فإن قاعدة التباعد الاجتماعي ستقلل من نشره للعدوى".
ودعا المتهاونين بالإجراءات الوقائية قائلاً: "اتقوا الله في أنفسكم، فإذا لم تخافوا على أنفسكم خافوا على من تحبون".
د. خمدن: الحساسية واردة فاتقوها
من الأسباب التي يسوقها البعض مبررًا عدم التزامه إضافة للتبرم من الالتزام بالسلوكيات الجديدة الحساسية التلامسية في الوجه واليدين. توجهت "الطبي" إلى اخصائية أمراض الجلدية والتناسلية د. فاطمة خمدن للتعرف على حقيقة هذه الحساسية وكيف يمكن الوقاية منها.
واستهلت الحديث بقولها لاحظت أن فئة من الناس بدا عليها الملل وأصبحوا لا يطبقون الإرشادات الاحترازية. وقالت: "هذا ما ألحظه في المجتمع، أما العاملون في الحقل الطبي فيبدون التزامًا بالتدابير الوقائية في العمل وفي حياتهم الخاصة".
وفي ردها على الآثار التي يسببها التعقيم المستمر لليدين ولبس الكمامات لساعات طويلة، أوضحت: "ارتداء الكمامات لفترة طويلة قد ينتج عنه الشعور بـطفح جلدي "حرار"، وظهور حب الشباب، والكدمات والرضوض وهذا واضح على العاملين في الحقل الطبي نتيجة ارتداءهم الكمامات لفترات طويلة". وأضافت: "يمكن أن يصاب الأشخاص الذين يرتدون كمامات قماشية من حساسية تلامسية بسبب نوع القماش".
وشرحت أسباب هذه العلامات التي تدفع البعض لحك الجلد، قائلة: "تمنع الكمامة تجدد الهواء في هذه المنطقة، وتحبس البخار الذي يخرج من الفم، وتحبس العرق أيضًا. وقد يؤدي ذلك لالتهاب بويصلات الشعر".
وفيما يتعلق بالحساسية من المطهرات الكحولية، أوضحت: "من النتائج المحتملة لتعقيم اليدين باستمرار بالمطهرات الكحولية الحساسية، وجفاف البشرة، والرغبة بحك الموضع. وبدأنا نلاحظ ذلك على الناس". وأردفت: "ليس هذا فقط بل رصدنا آثار الحساسية في الوجه، ومنطقة حول العين لأن الأفراد يلمسون وجوههم بأيديهم التي لا زالت آثار الكحول عليها".
وأشارت إلى أن هذه التبعات لا تبرر أو تدعو للتقليل من التدابير الاحترازية بل قدمت جملة نصائح للتقليل من الآثار الجانبية قائلة: "يفضل وضع كريم لتشكيل طبقة عازلة لحماية الرأس والوجه من الكدمات والرضوض، والحرص على تبديل الكمامة كل 4 – 6 ساعات، أما من يرتدون كمامات قماشية فعليهم غسلها يوميًا". وواصلت: "للوقاية من آثار المطهرات الكحولية أنصح بوضع كريمات مرطبة، واستعمال صابون الذي يحتوي على كريمات مرطبة، اضافة لحك الجلد بلطف إن استدعت الحاجة ذلك حتى لا يترك آثارًا على الجلد".
وختمت بالقول: "أدعو الجميع للتحلي بالصبر من أجل سلامتهم، ويتذكروا دائمًا أنه كلما ضاقت الأمور فإن الفرج يصبح قريب". وبيّنت: "قوا أنفسكم العدوى من أجلكم ومن أجل سلامة من تحبون ولسلامة الطواقم الطبية التي تعيش تحت ضغط كبير جراء الثقل الملقى على عواتقهم في مواجهة الفيروس، والضغط النفسي من الخوف على عوائلهم من العدوى التي قد ينقلونها إليهم".