تعامل مع مريضك بلطف فإنه أمانة ... أ.عبدالصمد جابون

لطالما شبهت المريض إبان فترة دوامي بالمشفى بالطفل، واعتبرته دائمًا شخصًا حساسًا للغاية مما يستوجب مراعاة خصوصيته وحسن معاملته واحترامه. فالمريض بطبيعة الحال يزور المشفى "رغمًا عنه" طالبًا العلاج وآملًا تغيير وضعيته الصحية للأفضل

ومن الطبيعي أن يراوده الإحساس بالضعف أو بالنقص أو حتى بالخوف من المجهول. وهنا يبرز الدور المحوري لفن التعامل مع المريض في مسار العلاج، خصوصًا السهر على ضمان راحته النفسية بكل السبل المتاحة والممكنة على اعتبار أن الرعاية الصحية التي يحتاجها المريض هي رعاية نفسية في المقام الأول إلى جانب الرعاية الطبية والشبه الطبية وكذا تناول الأدوية وحصص العلاج.

 

فقد أشارت مؤخرًا العديد من الدراسات والأبحاث الميدانية المنجزة في مجال تقييم المردودية الصحية، إلى أن ثلثي الحالات المرضية الواردة على العيادات ومراكز العلاج ظاهرها خلل بدني (اضطراب أحد الأجهزة الوظيفية للجسم) لكن أغلبها راجع فقط لعلة نفسية. وفي بعض الحالات الأخرى، فإن التعافي من المشاكل الصحية البدنية مرتبط بشكل وثيق بالاهتمام المناسب بالشق النفسي، مما يستدعي تطوير القدرات التواصلية لمهنيي الصحة وتنويعها قصد الإستجابة الفعالة لمتطلبات المريض.

 

أولى خطوات التعامل الجيد مع المريض تبدأ باستقباله بابتسامة ينشرح لها فؤاده فتتغدى روحه بالأمل والتفاؤل، ثم احتواءه والإنصات الجيد لشكواه المرضية وتمكينه من الوقت الكافي حتى يصدح بأوجاعه وآلامه.

 

بعد ذلك، يتوجب على العاملين بالمجال الصحي مباشرة الفحوصات بكل لطف وهدوء. وخلال جميع أطوار العلاج، على كافة المتدخلين التحلي بضبط النفس وتجنب الحديث ذو الحمولة السلبية، والتركيز على ما هو إيجابي حتى تتحسن الحالة النفسية للمريض فيتقوى بذلك أداء جهازه المناعاتي ومن ثم استرجاع عافيته في أقرب الآجال.

 

وأثناء فترة تواجده بالمشفى، يتعين تذكير الشخص المريض بمسألة الرضا بقضاء الله وقدره وأن المرض فقط ابتلاء وتدبيره يكون باتخاد الأسباب. كما أن إشراك الأهل والأصدقاء في سلسلة العلاج، له الأثر الطيب في تعزيز شعور المريض بقيمة نفسه وأنه محور الإهتمام، إضافة إلى إكسابه الشجاعة والثقة فيمنحونه الشحنة الإيجابية اللازمة لتجاوز وعكته الصحية فيستعيد عافيته وتنبض الحياة من جديد.

 

 إن تجويد سلة الخدمات الطبية المقدمة للمريض لا ترتبط أساسًا بتوافر المنظومة الصحية على الإمكانات المادية واللوجستية المتطورة، وإنما هي رهينة بالتعامل الإنساني الراقي لجميع مكونات الفريق الطبي من خلال بذل الجهد في فهم المريض والإلمام بجوانبه النفسية والإجتماعية والثقافية، فيسهم بذلك في تعزيز التجاوب وترسيخ الثقة وتذليل مختلف العقبات، مما يترك في المريض الأثر الطيب وبالتالي تحقيق الرعاية الصحية المنشودة.

 

أ.عبدالصمد جابون

استشاري طب بدني وإعادة التأهيل الحركي

المملكة المغربية