استيقظت نور من نومها تشتكي من آلامٍ في ظهرها بعد يومٍ مُتعبٍ من الأعمال المنزلية، فقد كانت تُحضّر لحفلِ عيد ميلاد ابنها الأول، أما علي البالغ من العمر 35 عاماً قد أحس بألمٍ مفاجئ أثناء تأدية تمارينه الرياضية مما ألزمه التوقف عن اللعب والعودة للبيت.
سلطان البالغ من العمر 60 عاماً، أحس بألمٍ في ظهره وعندما ذهب لاستشاري العظام أخبره أنه كان مُصاباً بسرطان البروستات قبل عامين وأنه ترك التدخين من سنةٍ واحدة فقط.
جميلة ذات الـ 40 عاماً أحست بآلامٍ في ظهرها ولديها تاريخٌ في عيادة النساء لمشاكل في الرحم. أما حسن البالغ من العمر 30 عاماً لم يستطع النوم لارتفاعٍ في درجة حرارته، آلام في الظهر وعدم القدرة على التبوّل.
قد يبدو لك ألم الظهر عاملاً مُشتركاً في قصة أبطالنا الخمسة، فرغم أن آلام الظهر تحتل المرتبة الأولى عند تصنيفها عالمياً وأن 80 % تقريباً من العامة أصابوا بآلامٍ في الظهر ولو لمرةٍ واحدة في حياتهم، إلا أن الموضوعَ ليس بهذه السهولة كما تتوقع.
البدء بأخذ التاريخ المرضي الصحيح للمريض يُساهم في الوصول إلى التشخيص الصحيح، فآلام الظهر قد لا تكون مرتبطةً بخللٍ في ميكانيكية الظهر، أو شدٍّ في عضلاته أو انزلاقاتٍ غضروفية، فالأمر قد يكون أبعد من ذلك ولكن على الاخصائي أن يُفكّر دوماً خارج الصندوق.
ولا ننسَ دور المريض كذلك في إعطاء المعلوماتِ بدقّةٍ عالية قدر المُستطاع وألا يُخفي على طبيبه أو مُعالجه شيئاً حتى لو كان يظن أن لا علاقة له بذلك.
في حادثة لسيدة تبلغ من العمر 75 عاماً ذهبت لوحدة الطوارئ تشكي من ألمٍ حاد في ظهرها يصل لـ 9 / 10 حسب مقياس الألم، علماً بأنها كانت بحالة جيدة قبل هذا اليوم، وتتناول أدوية الضغط والسكر، ولكن لأن المنظومة الطبية أبعد بكثير من التعامل مع الحالات بسطحيّة تامة، تم إجراء الفحوصات الدقيقة من أشعة عادية ومقطعية، بيّنت أن السيدة تُعاني من حالة طبيّة طارئة للشريان الأورطي صاحبه نزيف واستوجب إجراء عمليةٍ جراحية لإنقاذ حياتها.
آلام الظهر قد تكون مرآةٍ لخللٍ في نظام الجسم، كأمراض الدم والقلب كما في حالة السيدة أعلاه، وقد تكون نتيجة التهابٍ أو حصى في الكلى انعكس على هيئة ألمٍ في الظهر، وقد يكون نتيجة لسرطاناتٍ حديثة يُتوجب علينا البحث عنها حتى يتدخل الأطباء في الوقت المُناسب.
العبرة، أن على المُعالج أن يفكر دائماً في كل الأسباب المتوقعة وأن يبدأ بتقليص الخيارات بالتعاون مع كافة أفراد المنظومة حتى يتوصلوا للتشخيص الصحيح والخطة العلاجية الصحيحة.
فاطمة المرزوق
اخصائي علاج طبيعي