المتغيرات النفسيّة وأثرها على الوضع الغذائي وتصويب الهدف ... ريده الحبيب

من خلال عملي اليومي في لقاء مختلف أنماط الشخصيات من المراجعين، أحاول رصد الحالات الأكثر تكراراً أو تعقيداً أو غرابة، لأنّها تستحق التمعن والتركيز والتي قد تثير لدي الرغبة في متابعة الحالة وتطوير خطة العلاج والتي قد تستدعي تدخّل التخصّصات الأخرى للمشاركة في علاج الحالة.

ومن أكثر ما يتردد عليّ بالعيادة مؤخّرًا الحالات المنهكة نفسيّاً من مختلف ضغوطات الحياة والتي تنعكس بدورها على تغذية الفرد ما بين زيادة الوزن أو نقصانه وما بين نشوء مشاكل صحية قد تصاحب مشكلة الوزن.

وأذكرعلى سبيل المثال، حالات الاكتئاب، التهيؤات، الخوف والهلع، التعب، الخمول وقلة الطاقة والتركيز، القلق والتوتر والأرق، الوحدة، وانعدام الحياة الاجتماعية، والمشاكل العائلية والوظيفية.

ناهيك على ما ذكرت أنّ هذه المشاكل تشمل النساء والرجال والأطفال بمختلف الأعمار.

 

حقيقة لا توجد لديّ إحصائية بذلك ولكن هي شواهد يومية ومتكررة.

 

وفي تحليلي الشخصي، فإنّ متغيرات الحياة وعصر العولمة والتعلق بالحياة الاجتماعية الإلكترونية، واختلاف أوقات الدوام العملي والساعات الطويلة والمتقلبة، واختلاف نمط الدراسة ترك أثرًا سلبيًا في غالبه، حيث انعكس كل ذلك على علاقة الفرد مع نفسه كابتعاده عن القراءة الإيجابية من مصادر الكتب المفيدة للتحصيل المعرفي. وإهمال ممارسة الهوايات الجميلة والمفيدة وانعكاسها على النفسية والحياة عموماً، وتقلص العلاقات الأسرية والاجتماعية، وكذلك ضعف الوازع الديني لدى البعض للأسف.

 

وحينما نلقي نظرة على إحصائيات منظمة الصحة العالمية نجد أنه في العام 2019، كان هنالك شخص واحد من كل 8 أشخاص أو 970 مليون شخص في جميع أنحاء العالم مصابين باضطراب نفسي وكان القلق والاكتئاب الشكلين الأكثر شيوعًا من تلك الاضطرابات.

 

أمّا عام 2020، فقد شهد ارتفاعاً كبيراً في عدد من يعانون من اضطرابات القلق والاكتئاب بسبب جائحة كوفيد 19، حيث تبيّن التقديرات الأولية زيادة في اضطرابات القلق بنسبة 26 % واضطرابات الاكتئاب الرئيسية بنسبة 28 % خلال عام واحد فقط.

وفي العام 2019، كان هنالك 301 مليون شخص مصابين باضطراب القلق، منهم 58 مليون طفل ومراهق تتنوع ما بين القلق والخوف المفرط والاضطرابات السلوكية والهلع.

 

وفي نفس العام كان هنالك 280 شخص مصابين بالاكتئاب، منهم 23 مليون طفل ومراهق، وتختلف حالات الاكتئاب ما بين تكدر المزاج، فقدان المتعة أو الاهتمام بالأنشطة مع الشعور بضعف التركيز أو الإفراط في الشعور بالذنب وضعف تقدير الذات أو اليأس واضطرابات النوم وتقلبات الشهيّة والوزن والشعور بالتعب أو فتور الطاقة أكثر من العادة.

 

وتم رصد 14 مليون شخص في ذات العام 2019 يعانون من اضطرابات الأكل، منهم 3 ملايين طفل ومراهق. وتشمل: فقدان الشهية العصبي والشره المرضي العصبي، سلوك الأكل غير الطبيعي والانشغال بالطعام، تاركة أثر سيء وخوف بارز من وزن الجسم وشكله، كل ذلك مخلفًا ورائه مخاطر صحية وأضرار جسيمة أو قصور شديد في الآداء، وغالبًا ما يبدأ من فقدان الشهية العصبي خلال فترة المراهقة أو في مطلع مرحلة البلوغ والذي قد يرتبط بالوفاة المبكرة بسبب المضاعفات الطبية أو الانتحار. أما الأفراد الذين يعانون من الشره المرضي العصبي فيتعرضون لمخاطر تعاطي مواد الإدمان بشكل كبير وكذلك الانتحار والمضاعفات الصحية ومن ضمنها السمنة والسمنة المفرطة.

كما وجد في نفس العام 40 مليون شخص منهم أطفال ومراهقين يعانون من اضطراب السلوك غير الاجتماعي وهو سلوك فوضوي معادي للمجتمع مثل التحدي والعناد وانتهاك حقوق الآخرين والأعراف والقوانين المجتمعية.

وأُضيف إلى كل ما ذكر، اضطرابات نموّ الجهاز العصبي، انفصام الشخصيّة واضطراب الكرب التالي للوضح (اضطراب ما بعد الصدمة) واضطراب ثنائي القطب.

 

 

ريده الحبيب

أخصائية تغذية علاجية ورياضية

المملكة العربية السعودية