الاضطرب الإدراكي لدى مرضى السكري... د. صديقة حسين

داء السكري مشكلة تثقل كاهل الصحة العامة، حيث يشكل عبئًا كبيرًا على الأفراد والمجتمع. المشكلة تنمو بشكل سنوي فهناك ما يقارب 70 ألف طفل في جميع أنحاء العالم معرضون للإصابة بمرض السكري من النوع الأول كل عام، مع زيادة سنوية عامة في الإصابة تقدر بحوالي 3 %.

ومع التطور الطبي والتقني ساهمت الأدوات الجديدة لاختبار ومراقبة مرض السكري إلى - حد معين – في انخفاض معدلات الوفيات بالعقد الماضي. وتشير التوقعات لاستمرار انخفاض معدل الوفيات بسبب داء السكري مع زيادة في جودة الحياة لدى المرضى بسبب الرعاية الوقائية التي تقيهم مضاعفات المرض، ومن جملتها التغيرات النفسية وأكثرها شيوعًا الخلل المعرفي الذي يعد من الاضطرابات الإدراكية.

 

الخلل المعرفي:

تعتبر المدة الطويلة لمرض السكري وصغر سن ظهوره من أقوى المؤشرات على ضعف المعالجة المعرفية.

ويعرف الاختلال المعرفي بأنه المرحلة بين الانخفاض المعرفي المتوقع للشيخوخة الطبيعية والانحدار الأكثر خطورة في الخرف. قد تنطوي الحالة على مشاكل في الذاكرة واللغة والتفكير والحكم، وتكون هذه المشاكل أكبر من التغييرات العادية المرتبطة بالعمر.

 

وتشير بعض الدراسات أنه حتى قبل استيفاء مرض السكري للمعايير السريرية، فإن ضعف تحمل الجلوكوز (وهو حالة من اضطراب مستوى جلوكوز الدم) يمكن أن يكون من عوامل الخطورة التي تتسبب بضعف الإدراك. وأثبت ذلك من خلال عدة اختبارات منها انخفاض درجات ﺍﺧﺗﺑﺎﺭ ﺍﻟﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻳﺔ ﺍﻟﻣﺻﻐﺭ MMSE، وعجز الذاكرة طويل المدى، إضافة إلى انخفاض الطلاقة اللفظية. وترصد هذه النتائج باستمرار في الأبحاث والدراسات المتعلقة بداء السكر، بغض النظر عن وجود الاكتئاب.

وقد ثبت إن نتائج اختبارات الذاكرة اللفظية الفورية، والذاكرة البصرية الفورية، والذاكرة العاملة، والذاكرة المتأخرة، إضافةً إلى المهارات الحركية البصرية، والمهارات البصرية - المكانية، والوظيفة المعرفية الشاملة خلال نوبات نقص السكر الحادة في الدم تكون جميعها ضعيفة.

وتساعد بعض مضاعفات داء السكر الجسدية كاعتلال الشبكية وارتفاع ضغط الدم واعتلال الأعصاب المتعدد، والمضاعفات العصبية مثل الخرف الوعائي في تحسين فرص اكتشاف الخلل المعرفي في وقت مبكر.

 

جودة الحياة:

 تتأثر جودة الحياة على عدة صُعد وأبرزها:

  • ضعف الإدراك: المرضى الذين يحصلون على 23 درجة وأقل في اختبار MMSE تتراجع القدرة لديهم في الرعاية الذاتية والقدرة على أداء أنشطة الحياة اليومية باستمرار؛ كما أنهم بحاجة أكثر للرعاية الشخصية ويرتفع معدل دخولهم للمستشفيات.
  • صعوبات تقيد اتخاذ القرار اليومية وما يترتب عليها من الآثار الاجتماعية؛ تشمل الأمثلة التالية:
  • صعوبات في مغادرة المنزل دون إنسولين وطعام.
  • القلق من أخذ حقن الإنسولين في الأماكن العامة.
  • الاختبار اليومي لمستويات الجلوكوز في الدم.
  • وجبات متكررة وموزعة بالتساوي.
  • الجهد البدني المخطط.
  • الحمل المخطط.
  • تقييد الطعام لارتباطه دائمًا بجرعة الإنسولين.
  • مخاطر إعطاء الإنسولين نفسه من حيث نقص أو ارتفاع السكر في الدم، أو صعوبات في تعلم التمييز بين أنواع الإنسولين وتأثيراتها، أو في تعلم ضبط الجرعات؛ وكذلك تحديد موقع الحقن بسبب الحثل الشحمي (هي حالة مرضية تتصف بنسيج دهني غير طبيعي أو منتكس).
  • يمكن أن تحدث اضطرابات النوم، مثل الأرق، بسبب التغيرات السريعة في مستويات الجلوكوز أثناء النوم، أو بسبب عدم الراحة أو الألم المصاحب للاعتلال العصبي المحيطي الذي ينتج عن تلف يُصيب الأعصاب خارج المخ والحبل النخاعي.
  • عدم القدرة على السيطرة على المرض: تتأثر بعوامل مثل تدني الكفاءة الذاتية، أو موضع التحكم الخارجي، أو قلة الصلابة، أو التشاؤم، أو التفاؤل غير الواقعي.

 

التعرف على العلامات الأولى للاضطرب الإدراكي عند مرضى السكري يسهم كثيرًا في العلاج بالوقاية من المضاعفات.

 

 

د. صديقة حسين

استشارية الطب النفسي

للأطفال والبالغين والعلاقات الأسرية