من المحزن جداً أن يصاب الإعلام الصحي بفايروس “الشو” (Show) والسبب في مستغلي وسائط التواصل الاجتماعي، الذين يخلفون بأفعالهم الغير مسئولة الكثير من الضحايا التي تنجر مع الأسف وراء من يدعون بأنهم "مؤثرون" ويبحثون عن متابعين هنا وهناك دون أن يعوا بعواقب أفعالهم.
"الإعلام الصحي" رسالة نبيلة لا يعمل فيها إلا أصحاب التخصص الواعين تماماً لمعنى الكلمة في الإعلام وجعلها رسالة هادفة تساعد المتلقي على كسب معلومات متنوعة تكون من مصادر موثوقة ومصدقة قد مرت عبر عدة مراحل تخصصية حتى أصبحت جاهزة للنشر الإعلامي.
العاملون في القطاع الصحي ينقسمون إلى عدة أقسام في عملهم وتقلدوا مناصبهم بعد سنوات طويلة من الدراسة الأكاديمية العامة والتخصصية واكتساب المهارات المهنية، وحضورهم دورات تطويرية، وأشرفت عليهم جهات إدارية تتبع أعلى المقاييس والمعايير العالمية من أجل أن تكون مخرجات النتائج عالية المضمون وذات فائدة للمتلقي، ومقدمها مسئول قانونياً عن أي إخفاق يحدث بعد ذلك.
ما يحصل الآن في "السوشيال ميديا" إنك تجد بعض من المغرمين بالشو والبروز عبر هذه الوسائط في تقديم معلومات صحية، وبعضهم طبية لمتابعينهم الذين يتابعونهم أصلاً لأمور أخرى بعيدة كل البعد عن هذا القطاع الحيوي والحساس المتعلق بصحة الناس، وضمان حياة خالية من الأوجاع، وقد ينجر إليهم عبر أساليبهم المتبعة بعض فقراء الوعي من أجل حلول سريعة وعاجلة تخلصهم من معاناتهم الصحية كما يقدمونها لهم معسولة ببعض الكلمات متناسين المضاعفات التي يمكن أن يخلفونها للمرضى المتابعين.
الرقابة الإلكترونية خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي وعلى مدى السنوات الماضية أصبحت أكثر تشدداً في مراقبة المنشورات الإعلامية عبر مختلف كل الوسائل الإعلامية، وأفردت قسم الجرائم الإلكترونية لمتابعة مثل هذه التدخلات من أصحاب "الشو" في عبر اتخاذهم القطاع الصحي وسيلة للانتشار أو ترويج مواد طبية خارج نطاق التصريح الذي تفرضه الجهات المعنية والرقابية أو التي تسمح ببيعها في الصيدليات أو المحلات الأخرى لما تحمله من أضرار لا تحمد عواقبها.
المعروف أن أصحاب الأمراض المزمنة، أو الراغبين في القوام المتناسق أو الرشاقة الخارقة، وحتى الذين يعانون من السمنة المفرطة هم أكثر ضحايا هؤلاء الذين اتخذوا من هذه الوسائط سبيلاً لترويج بضاعتهم المختلفة عبر بعض الناس الذين يجلسون خلف الشاشات ويروجون بكلمات معسولة مع بعض القسم الكاذب لخداع المتابعين واستغلالهم لدفع مبالغ طائلة وخيالية في بعض الأحيان على أمل كاذب للحصول على معجزة تنقلهم من الحال الذي هم فيه إلى التخلص من المعاناة والراحة الأبدية بين ليلة وضحاها.
المطالبة بالتشديد على مثل هذه الأفعال المجرمة قانونياً في كل العالم أمر حتمي وعاجل، في المقابل هناك أمر لا يقل أهمية عبر تكثيف وسائل التوعية بهذه المخاطر من قبل الجهات الصحية والطبية والرقابية حتى تصبح مجتمعاتنا آمنة من هذه الآفات التي تعتقد "بالشو" وسيلة لترويج أخطارها التي لا تحمد عقباها لاحقاً.
محمود النشيط
إعلامي متخصص في العلاقات العامة