النشاط البدني خلال رمضان: صحي لكن بشروط!... أ.عبدالصمد جابون

النشاط البدني المعتدل والمنتظم دواء مجاني لجميع الفئات الإجتماعية وله فوائد صحية خلال جائحة كورونا؛ ومع حلول رمضان، يطرح الكثير من الأشخاص تساؤلات من قبيل أنواع الأنشطة الرياضية الموصى به خلال هذا الشهر؟ وما هو الوقت الأمثل لممارستها؟

قبل الخوض في تفاصيل الموضوع، يجب أولًا معرفة الفرق بين النشاط الرياضي والنشاط البدني! هذا الأخير وضعت له منظمة الصحة العالمية تعريفًا واضحًا يتجلى في أنه حركة جسمانية تؤديها العضلات الهيكلية وتتطلب استهلاك قدر من الطاقة، بما في ذلك الأنشطة التي تزاول أثناء العمل واللعب وأداء المهام المنزلية والسفر وممارسة الأنشطة الترفيهية. أما الرياضة فهي تندرج ضمن النشاط البدني المتميز بالتنظيم والتخطيط.

وفي رمضان، قد يقوم البعض بإحداث تغييرات "نوعية" على مستوى عاداته اليومية بما في ذلك مزاولة الرياضة سواء بالتوقف أو بالتقليل أو حتى بالإفراط. وهنا تجدر الإشارة إلى ما نبهت إليه خلاصات الدراسات العلمية حول مخاطر التوقف عن ممارسة أي شكل من أشكال النشاط البدني طيلة الشهر الفضيل، والمسببة مباشرة في تراجع القوة واللياقة البدنية وحدوث انتكاسة في تكييفات القلب والأوعية الدموية والمناعة. وهكذا فإن المحافظة على استمرار ممارسة النشاط البدني اليومي خاصة لدى فئة المسنين والأطفال والمراهقين في ظل فترة الحجر الصحي، والإبتعاد عن الشاشات قدر الإمكان هو صمام أمان لنمط عيش صحي سليم وآمن.

اختيار الوقت الأنسب لممارسة الرياضة خلال شهر الصوم يتوقف مباشرة على دراسة مجموعة من المحددات كالسن والحالة الصحية العامة وكذا الهدف من مزاولة النشاط الرياضي. وعموما، فإن الصائم - خاصة الشاب ومن يتمتع بصحة جيدة - له كامل الصلاحية في اختيار أي وقت يشعر فيه بالراحة ويحس أن بمقدوره ممارستها دون إرهاق أو إجهاد كبير، مع وجود أجواء معتدلة بعيدة عن حرارة الجو الشديد (خطر إصابة الصائم بالجفاف) أو الرطوبة. وفي سياق متصل، ينصح أهل المعرفة والإختصاص بالتَّرَيض في رمضان في فترتين:

1- قبل الإفطار بساعة أو ساعتين لوجود وقت فراغ خلال هذه الفترة، بحيث ينتهي النشاط الرياضي قرب وقت الإفطار على اعتبار سرعة تعويض الجسم بالسوائل والأملاح المعدنية وكذا الطاقة المفقودة، إضافة إلى استخدام الجسم الدهون المخزونة كمصدر طاقة. ونتيجة لذلك، فأن هذه الفترة تُعد ذهبية لمن يرغب في إنقاص وزنه وفي نفس الوقت ممنوعة على مرضى السكري وضغط الدم وكبار السن لما فيها من مجازفة.

2- بعد الإفطار بساعتين إلى ثلاث ساعات، وذلك لتجنب اضطرابات الجهاز الهضمي (مثلا: عسر الهضم) حيث يكون الجسم قد أتم مرحلة هضم الطعام بكل أريحية وسلاسة. وهذه الفترة مناسبة جدا للحالات الصحية الخاصة وكبار السن، مع اتباع حزمة من الإرشادات أهمها: ممارسة رياضة خفيفة معتدلة الشدة، استهلاك كمية كافية من السوائل دون مبالغة، عدم تجاوز ساعة واحدة وكذا اختيار أماكن جيدة الإضاءة لتفادي الإصابات. ومن فضائل ممارسة الرياضة خلال هذه الفترة بالذات، تحفيز وتسريع عمليات حرق السعرات الزائدة المستمدة من الطعام المتناول مما يمنع تخزينها.

 

بصفة عامة، هناك أنواع مختلفة من الرياضات التي يمكن للصائم مزاولتها حسب رغباته وميولاته وأهدافه. لكن الخبراء ينصحون بالمشي (النسلان: الجري الخفيف) والسباحة وركوب الدراجة والقفز بالحبل وكذا اليوغا باعتبارها من التمارين البدنية والعقلية للجسم كله، ويفضلون عدم ممارسة الرياضة المجهدة والشاقة أو التي تحتاج إلى مقاومة عالية خاصة للأشخاص غير الرياضيين. ويمثل النشاط البدني المعتدل والمنتظم دواء حقيقيا مجانيا بالنسبة لجميع الفئات الإجتماعية، وله فوائد صحية جمة ذات طابع وقائي وعلاجي خاصة أثناء جائحة كوفيد- 19 والحجر الصحي.

 

 

أ.عبدالصمد جابون

استشاري طب بدني وإعادة التأهيل الحركي والوظيفي

المملكة المغربية


pdfmedical