ضرس العقل ما له و ما عليه 2

بقلم الدكتور عمار المصري

وهنا يبرز السؤال الهام ألا وهو ما هو موقف طبيب الأسنان من أضراس العقل خاصة أن بعضها قد يكشف صدفة من خلال صورة شعاعية أجراه الطبيب لأسباب أخرى فإذا بسن منطمر يظهر فيها دون أن يكون مصحوباً بأية أعراض تدعو إلى التداخل عليه وقلعه جراحياً وهنا يبرز دور الطبيب في نصح المريض وإرشاده إلى التدبير الأمثل وسنستعرض هنا أغلب الاحتمالات بالنسبة لأضراس العقل:

أولاً: إذا كان ضرس العقل متوضع بشكل ممتاز وله مكان مناسب لحجمه مع إطباق سليم وطبيعي مع ضرس العقل المقابل بدون أية مشاكل أو شكاوى من المريض هنا نتعامل مع هذا الضرس كأي ضرس عادي وليس له أية خصوصية تذكر ولابد من الإشارة إلى أن أضراس العقل هنا و بالرغم من بزوغها الصحيح إلا أن إمكانية تنظيفها قد تكون صعبة إضافة إلى أن أغلب المرضى لا يستخدمون هذا الضرس في عملية المضغ.

ثانيا ً: إذا كان ضرس العقل متوضع بشكل جيد ولكنه يبدي أعراضاً مزعجة كأن يكون بازغاً بشكل جزئي ومغطى بأنسجة لثوية فقط تصاب بالالتهاب بين الحين والآخر (ما يسمى بالتواج) فهنا ينظر الطبيب إلى مدى إمكانية الاستفادة من وجوده أم لا.

 فإذا كان هناك ضرس العقل المقابل بوضع جيد ويمكن أن يطبق على الضرس المسبب للمشكلة بشكل صحيح إذا أزيلت تلك الأنسجة الرخوة بشكل كامل فهنا يفضل المحافظة عليه والاقتصار فقط على إزالة الأنسجة المغطية له ويتم ذلك عن طريق الليزر أو بالطريقة الجراحية.

ثالثا ً: إذا كان ضرس العقل المقابل غيرموجود أو متوضع بشكل شاذ ويستوجب القلع ففي هذه الحالة ليس هناك فائدة من المحافظة على الضرس المسبب للمشكلة حتى ولو كان ذا توضع جيد في مكانه لأنه سيكون فاقداً لوظيفة المضغ وبالتالي يفضل قلع الضرس المسبب للمشكلة مع الضرس المقابل سيء التوضع في نفس الجلسة أو في جلسة لاحقة مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك حالات خاصة يقدرها الطبيب تستوجب المحافظة على مثل هذا الضرس لاعتبارات تعويضية كأن يكون له دور مستقبلي في التخطيط لجسر تعويضي عن الأضراس المجاورة المفقودة.

رابعا ً: أما إذا كان ضرس العقل المسبب للمشكلة سيء التوضع كأن يكون مائلاً بشكل واضح ويضغط على الضرس المجاور أو قد يكون أحد عوامل تراكب الأسنان وسوء انتظامها أو أن يكون منزاحاً إلى جهة الخد بصورة واضحة مسبباً للعض المستمر لباطن الخد فهنا يجب قلعه وقلع الضرس المقابل أيضا ًإن وجد لأن الضرس المقابل سيتطاول مع مرور الزمن بسبب فقدانه الوظيفة والتماس مع المقابل و يؤدي تطاوله إلى تشكل نقاط تماس راضة مع السطح الخلفي للرحى الثانية في الفك المقابل مما قد يسبب مشاكل في المفصل الفكي الصدغي مستقبلاً.

رابعاً : إذا كان ضرس العقل منطمر ضمن العظم ومتهم بأنه المسبب لآلام مبهمة في الفك أومتهم بأنه السبب في زيادة تراكب الأسنان خاصة إذا كانت جذوره لا تزال في طور التشكل ويتضح شعاعياً أنها تأخذ اتجاهاً مائلاً ضمن الفك أو أنه لا يوجد لها مكان على القوس السنية عند فحص الفم فهنا يجب قلعها وقلع ضرس العقل المقابل إن وجد.

خامسا ً: إذا كشفت ضرس العقل المنطمرة كلياً صدفة من خلال صورة شعاعية مأخوذة لأغراض أخرى دون أن يشعر المريض بوجودها فهنا يأخذ الطبيب عدة أمور بعين الاعتبار كوجود كيس محيط بهذا الضرس وهذا الكيس قد يأخذ حجماً كبيراً يستدعي بالضرورة إجراء القلع الجراحي حتى ولو لم توجد أي أعراض يشعر بها المريض لأن هذا الكيس سيضعف الفك كما يفضل فحصه نسيجياً، وأيضاً يمكن للطبيب أن يلاحظ مدى الأذية التي يمكن أن يسببها الكيس بالضرس المجاورة كأن يكون هناك بداية لامتصاص جذورها وبالتالي يمكن أن يعتبر القلع الجراحي إنقاذاً للسن المجاورة.

وفي النهاية لابد من التذكير بأن ضرس العقل المنطمر قد يكون من أحد أسباب كسور الفك السفلي في حالة التعرض للرضوض الشديدة أو الحوادث وذلك بسبب توضعه  في زاوية الفك وإضعافه للمنطقة بسبب نقص كمية العظم في الفك كما أنها قد تسبب في بعض الأحيان اختلاطات قليلة المصادفة كطنين الأذن أو الصداع وغير ذلك الأمر الذي ينبه إليه بعض الاختصاصيين عند تعذر وجود أسباب أخرى.

ولا ننسى أنه أحياناً يكون القلع الجراحي مستطباً للمحافظة على النتيجة الجيدة للمعالجة التقويمية ومنع نكسها وذلك بناء على نصيحة اختصاصي تقويم، كما أن أضراس العقل المنطمرة أو المنحصرة قد تكون أحد الأسباب الواضحة لاضطرابات وآلام المفصل الفكي الصدغي عندما تكون المسبب لاختلال واضح في إطباق الأسنان نتيجة ضغطها على القوس السنية غير المنتظمة أصلاً وإحداثها زيادة في خلل الإطباق.

وهكذا نجد أن للطبيب دوراً هاماً في تقدير الحالة والتعامل معها كمحصلة لعدة اعتبارات دون النظر فقط إلى الضرس المسبب للمشكلة بحد ذاته.


pdfmedical