تخطي اضطرابات الطعام وتجنب آثارها في الفم 1 .... د. حوراء الراشد

إن كنت تعاني من اضطراب في الطعام في السابق أو الحاضر، أو لديك شك بإنك قد تكون في طريقك للإصابة بهذه الاضطرابات الخطيرة فهذا المقال يفيدك من أجل تجنب مخاطر هذه الاضطرابات وآثارها على كافة أعضاء الجسم من ضمنها الأسنان واللثة وصحة الفم بشكل عام.

ماهي اضطرابات الأكل/ الطعام؟

بدايةً فلنتعرف على هذا المصطلح. على الرغم من أن "الأكل/ الطعام" مصطلح وعامل رئيسي في هذه الاضطرابات، إلا أنها تتعلق بأكثر من مجرد سلوكيات الطعام. اضطرابات الأكل تصنف ضمن الحالات الصحية- العقلية المعقدة والتي تتطلب غالبًا تدخل الخبراء الطبيين والنفسيين لتغيير مسار المريض جذرياً، حيث قد تؤدي هذه الاضطرابات إلى كسب عادات أكل غير صحية تدوم مدى الحياة، وفي أقصى الحالات، قد تؤدي إلى عواقب صحية خطيرة وحتى الوفاة لا سمح الله، إن تُركت دون علاج.

 

 أسبابها

الهوس بالطعام أو بالوزن أو بشكل الجسم، مؤشر هام قد يدل على بداية المعاناة من اضطراب الطعام. كما قد يجمع هذا الاضطراب بين الأعراض الجسدية والنفسية، غالباً ما تشمل التقييد الشديد في الطعام، أو الإفراط في تناول الطعام، أو سلوكيات التطهير، مثل القيء أو الإفراط في ممارسة الرياضة.

بالإضافة إلى ذلك يعتقد الخبراء أن اضطرابات الأكل قد تكون ناجمة عن مجموعة متنوعة من العوامل، احداها عامل الوراثة. تقدم دراسات التوائم والتبني (التي تشمل التوائم الذين انفصلوا عند الولادة وتبنتهم عائلات مختلفة) بعض الأدلة على أن اضطرابات الأكل قد تكون وراثية. أظهر هذا النوع من الأبحاث بشكل عام أنه إذا أصاب أحد التوأمين باضطراب في الأكل، فإن الآخر لديه احتمال بنسبة 50 % للإصابة باضطراب واحد أيضًا.

كما قد تكون سمات الفرد أو شخصيته سبب آخر لتكوين هذه الاضطرابات النفسية، وبالخصوص عند اتباعه لحميات معينة من أجل نقصان الوزن. عدم التحكم في الأعصاب، والسعي الدائم للكمالية، والتهور في ردود الفعل واتخاذ القرارات هي بعض أهم السمات الشخصية التي ترتبط غالبًا باضطرابات الأكل. ولكن لا يعني بذلك أن جميع الأشخاص الذين يكمنون هذه الصفات سوف يعانون من  الاضطراب.

وقد تشمل الأسباب الأخرى المحتملة، متابعة الصور المثالية والمزيفة للنحافة، والتأثر بالتفضيلات الثقافية للنحافة والتي يتم عرضها عبر جميع منصات التواصل الاجتماعية ووسائل الإعلام التي تروج لمثل هذه الأجسام "العليا" بشكل يومي. في الواقع، يبدو أن بعض اضطرابات الأكل تكون غائبةً تماماً في الثقافات التي لم تتعرض للصورة المثالية للنحافة التي تم حقنها في معظم المجتمعات الغربية في الآونة الأخيرة. ومع ذلك، فإن صورة النحافة "المقبولة ثقافيًا" حاضرة وبشدة في العديد من مناطق العالم الأخرى، وقد ينتهي الأمر بعدد من البنات الشابات إلى الإصابة باضطراب في الأكل.

اقترح بعض الخبراء أن الاختلافات في بنية الدماغ والبيولوجيا قد تلعب أيضًا دورًا في تكوين اضطرابات الأكل. وأن قد تكون مستويات إرسال الدماغ لهورمونات السيروتونين والدوبامين على وجه الخصوص، من أهم العوامل. ولكن من هذه الناحية هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات قبل إجراء استنتاجات قوية كهذه.

من هم الأكثر عرضةً للمعاناة من اضطرابات الأكل؟

بالرغم من إثبات بعض الدراسات بأن معظم حالات اضطراب الأكل قد تبدأ في سن المراهقة وغالبًا ما تصيب الإناث بالأخص، إلا أنه في الواقع قد يعاني ما يصل إلى 13 % من الشباب أيضا، حيث يعانون من اضطراب واحد في الأكل على الأقل مع حلول سن العشرين. فبالتالي يمكن الاستنتاج بأن اضطرابات الأكل قد تصيب أشخاصًا من أي الجنسين وفي أي مرحلة من العمر، ولكنها أكثر انتشارًا بين الإناث المراهقات. وقد يعود سبب ذلك إلى متابعة هذه الفئة العمرية، بل واستهدافها عن طريق وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعية بالأمثال المزيفة "للأجسام المثالية أو الكاملة".

وتجدر الإشارة إلى أن في حال ظهور أي علامة من علامات الاضطرابات هذه، فيلزم عدم تجاهل خطورة الموضوع والانتباه إلى حالة المريض جسدياً وعاطفياً ونفسياً ومحاولة علاج الاضطراب الذي قد يعاني منه، بالإضافة إلى إبلاغ الخبراء المختصين عن المريض وحالته في أسرع وقت بطريقة مراعية لشعور المريض لمنع تدهور حالته أكثر في المستقبل، وبالأخص في حال وصول المريض إلى مرحلة قد تشكل خطر على حياته، ويكون وقتها المريض في أمّس الحاجة للتدخل النفسي من أجل إنقاذه من العالم الوهمي المخترع من قبل الاضطراب الذي يعاني منه، وتأهيله لاسترجاع وعيه للواقع ومساعدته على تخطي أفكاره المستهلكة لصحته بشكل دائم.

بشكل عام تم تصنيف فقدان الشهية رسميًا تحت نوعين فرعيين - النوع المقيد ونوع الشراهة عند الأكل والتطهيرعما بعد. الأفراد الذين يعانون من النوع المقيد يفقدون الوزن فقط، ويكون هذا من خلال اتباعهم لنظام غذائي أو الصيام أو ممارسة الرياضة بشكل مفرط. أما الأفراد المصابون بنهم من الأكل والتطهير فقد يفرطون في تناول كميات كبيرة من الطعام أو على عكس ذلك قد يأكلون القليل جدًا. في كلتا الحالتين، بعد تناولهم الطعام، يلجأ هؤلاء المرضى إلى أساليب التطهير المختلفة مثل القيء، أو تناول المسهلات، أو مدرات البول، أو ممارسة الرياضة بشكل مفرط. فقدان الشهية ضارًا جدًا بالجسم، ومع مرور الوقت، قد يعاني الأفراد المصابون به من ترقق العظام والعقم وهشاشة الشعر والأظافر ونمو طبقة من الشعر الناعم في جميع أنحاء الجسم، وفي الحالات الشديدة، يمكن أن يؤدي فقدان الشهية إلى فشل القلب أو الدماغ أو العديد من الأعضاء وحتى الوفاة لا سمح الله.

 

 

د. حوراء الراشد

طب وجراحة الفم والأسنان