الحالة النفسية للأطفال قابلة للتأثر بعدة عوامل كالعمر والحالة العاطفية والمزاجية وقدرتهم على التكيف، كذلك نوعية المرض وشدته ومدى تأثيره على أنشطة الطفل وحياته اليومية، بالإضافة إلى أهمية موقف الأبوين والمحيطين به.
يمر العالم في الوقت الراهن بتفشي فيروس كورونا COVID – 19 والأطفال ليسوا بعيدين عن التأثر بتغيرات الحياة التي فرضتها خطط مكافحة الفيروس، ومن أول الواجبات تجاه الأطفال أن يسيطر الأهل والوالدين على القلق والهلع لديهم.
قد يشعر الأطفال بالقلق بسبب الجائحة فإذا لاحظ الأبوان والأهل أن حالة القلق والذعر والحالة النفسية لدى الطفل مستمرة وتعيق حياته اليومية فيجب عليهم استشارة طبيب نفسي أو اخصائي وعدم الشعور بالحرج حيال ذلك.
في الغالب لا يعاني الأطفال من مشاكل نفسية ولكن هذا لا يعني تجاهل قلق الأطفال الذي يزداد أثناء الأزمات.
الكبار قد يساعدون في التخفيف من مشاعر الخوف والقلق لدى الأطفال عن طريق مناقشتهم عن كيفية التعامل مع خوفهم بطريقة صحيحة وحثهم على التقليل من سماع نشرات الأخبار أو الاستماع إلى معلومات من مصادر غير موثوقة.
تأثير الأزمة والأخبار المتعلقة بها ليس واحدًا على جميع الأطفال، بل تختلف بحسب عمر الطفل وحالته العاطفية والمزاجية وشخصيته والمحيطين به، الأطفال قبل سن السادسة يتمتعون بخيال واسع جدًا ويمكنهم تكوين أفكار خيالية عن الفيروس ويتصوروه وحش أو عملاق قبيح يأكل الناس، أو يجمح بهم الخيال إلى أن الأزمة حدثت بسبب خطأ أرتكبوه.
قبل الحديث مع الطفل ينبغي على الأبوين أولًا معرفة وفهم الحقائق المتعلقة بالفيروس والاستعداد لشرحها بطريقة يفهمها الطفل مع توفير عنصر الطمأنينة، وينبغي أن تكون هذه المعلومات صحيحة ومن مصادر موثوقة كوزارة الصحة أو منظمة الصحة العالمية، ويجب على الأبوين استخدام لغة بسيطة يفهمها الطفل بطريقة ودّية مصحوبة بابتسامة، وأن يكونوا متماسكين غير متوترين أو قلقين حتى لا ينتقل قلقهم إلى أطفالهم.
كما يجب عليهم عدم الخوف من مناقشة الموضوع مع أطفالهم وتجنب إعطاء تفاصيل مخيفة أو مرعبة عن الفيروس وعدم الحديث عن الأخبار المخيفة.
وعندما يتناقش الأبوين مع أطفالهم يجب إعطائهم فرصة لطرح التساؤلات مع الاستعداد للإجابة، كما ونترك خطوط الاتصال مفتوحة ومتاحة لمعرفة المزيد في حين طرأت تساؤلات لاحقة بين الحين والآخر. وفي حال كان الطفل صغيرًا ولا يعي ما يدور حوله فلا داعي لإخباره ولكن يجب على الأبوين مراقبة التزامه بالنظافة والتعليمات الأخرى مثل غسل اليدين وعدم وضع اليد على العين والسعال والعطس في مرفق اليد.
فليكن حديث الأبوين مع الطفل حوارًا مفتوحًا بالأسئلة الاستفهامية والاستماع إليهم ومن خلال تلك الأسئلة يمكن التعرف على مدى معرفتهم بالوباء.
قد تدور تساؤلات معينة في مخيلة الطفل لا يشاركها الوالدين، تلك الأسئلة قد تسبب له الخوف والقلق أو ترفع من درجته، لذا فإن على الأبوين المبادرة بطرح الأسئلة ومناقشة موضوعاتها معه، ومن جملتها : هل سأموت؟ وهل سأمرض؟
لكي أساعد طفلي على التغلب على الضغوطات النفسية أثناء الأزمة والبقاء في البيت لا بد من مراعاة عدة أمور ومنها:
- عدم تعريض الطفل إلى نشرات الأخبار وعلى الأخص (المرعبة) أو المزيفة والشائعات.
- الالتزام بنشاط رياضي وممارسة أنشطة محببة لدى الطفل مثل الرسم والتلوين أو سماع الموسيقى.
- تنظيم مواعيد الأكل والنوم والالتزام بجدول زمني وروتين يومي.
- مشاركة الطفل في الأعمال المنزلية كالطبخ والتنظيف حتى لا يشعر بالملل وخلق أنشطة جديدة لم يمارسها من قبل مثل الاهتمام بحديقة المنزل وريّها أو الاهتمام بحيوان أليف.
- الابتعاد عن تناول أطعمة خارجية والحفاظ على تناول أطعمة صحية مفيدة كالخضراوات والفواكة والتي من شأنها تعزيز جهاز المناعة.
- مساعدتهم على التواصل مع أصدقاءهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي حتى لا يقلق على علاقاته الاجتماعية وابتعاده عن أصدقاءه في هذه الفترة.
د. نيلة علي
استشاري طب نفسي في قسم الأطفال والناشئة