تفشى وباء الكوليرا في البحرين في النصف الثاني من عام 1978 حتى بدايات عام 1979م، بلغت عدد الحالات المثبتة والمؤكدة رسميًا 913 حالة، ولكن استمرار ظهور حالات متقطعة خلال عام 1979 أوصل عدد الحالات إلى ما يزيد عن ألف حالة.
الحالة الأولى كانت لرجل من المنامة سُجلت في 10 أغسطس 78م، ثم لحقته حالتان من أقاربه في اليوم التالي. هذه الحالات الثلاث كانت قد اتصلت بمسافرين قادمين من دولة أعلن ظهور وباء الكوليرا فيها في الأسبوع التالي.
تفشى المرض في جميع مناطق البحرين، لكنه ظهر أكثر في البيئات الفقيرة. كان الرجال أكثر تعرضًا للإصابة من النساء، وعزي ذلك إلى طبيعة تنقلهم واختلاطهم وأكلهم خارج المنزل.
لوحظ كثرة الإصابة نسبيًا عند الأطفال الرضع، فبينما بلغ معدل الإصابة في المجمل العام 27 حالة لكل عشرة آلاف شخص، نجدها ترتفع إلى 84 حالة لكل عشرة آلاف عند الأطفال الرضع، مما أدى إلى اعتبار أن الرضاعة غير الطبيعة قد تكون سببًا من أسباب الاختطار.
لوحظ أن عدد الحالات تزايدت بشكل كبير بعد عيد الفطر الذي صادف الأسبوع الرابع بعد بدء الوباء، وبلغت ذروة الإصابات في الأسبوع السابع.
أدى الوباء إلى حالتي وفاة، الأولى لطفل رضيع له من العمر 6 أسابيع، والثانية لرجل فوق الثمانين عامًا.
كان عدد سكان البحرين وقتها 341000 نسمة (ثلث مليون تقريبًا). وكانت نسبة الإصابة بمرض الكوليرا متدنية نسبيًا (0.3 %)، وكانت معظم الحالات تظهر عليها أعراض خفيفة نسبيًا.
وبالرغم من الجهود الرسمية، لم يتم التعرف على أصل المرض وتحديد مسبباته بشكل قطعي. وقد أقتصرت الإجراءات الرسمية على القيام بحملات توعية صحية، وزيادة المراقبة على المطاعم، والترصد الوبائي وتوفير التطعيم ضد الكوليرا للراغبين.
وكان يتم عزل المصابين في المستشفى (حجر صحي)، أما المخالطين فيعطون مضاد حيوي لمدة 3 أيام مع المراقبة.
أخذت خلال تفشي الوباء عينات من المياه الجوفية والعامة ومن الأطعمة، وتم فحصها مختبريًا حيث جاءت النتائج سلبية. ولكن 8 عينات من مياه مخزنة في عبوات وخزانات مياه بغرض الشرب وجدت موجبة، أي ملوثة ببكتيريا الكوليرا.
خلص المسئولون إلى أن المرض سببه وانتشاره راجع إلى جملة عوامل متداخلة منها سلوك الأفراد المصابين الذين لم تظهر عليهم أعراض المرض ومياه الشرب والأكل مع عوامل بيئية أخرى.
للعلم، مرض الكوليرا سببه بكتيريا تنتقل عن طريق الغذاء والشرب، بينما فيروس الكورونا ينتقل بالسعال والرذاذ ولمس الأسطح الملوثة.
د. عبد الأمير الليث
الأستاذ المشارك في الكيمياء الحيوية