مع توسع الانفتاح العالمي، زادت حاجة الأفراد إلى التعدد في اللغات. ففي مجتمعاتنا العربية عامة، ومجتمعنا الخليجي خاصة، يكاد لا يخلو يوم الفرد من التعرض للغةٍ ثانيةٍ غير اللغة العربية، وخاصةً ما تكون هي اللغة الإنجليزية في معظم مجالات الحياة.
فهي لا تقل أهمية عن لغتنا العربية، فأصبحنا نتحدث بلغتين أو أكثر أي أصبحنا ثنائيي اللغة، فتعرف ثنائية اللغة بأنها القدرة على استخدام لغتين في حياتنا اليومية. بينما أحادية اللغة هي استخدام لغة واحدة في حياتنا اليومية. فما هي اللغة التي يجب أن نعلمها لأبنائنا؟ وهل يجب أن يصبحوا ثنائيي اللغة أم لا؟
أصبح الكثير من الآباء يذهبون لتعليم أبنائهم اللغة الثانية لديهم (الإنجليزية) أولًا، فيتحدثون بها في مكان اللغة الرئيسية (اللغة العربية) ويقومون بتعليمها لأطفالهم منذ ولادتهم؛ إما سعيًا منهم لإعداد أبنائهم لمدرسةٍ ذات نظامٍ إنجليزي (الذي يليهما الجامعة وبيئة العمل)، أو لكون مربية أبنائهم من متحدثي اللغة الثانية وهي من تقوم بتلبية جميع احتياجاتهم، أو لاعتقادهم بأن اللغة الثانية أكثر سهولة من اللغة الرئيسية ليتعلمها الطفل (وخاصةً إذا كان الطفل متأخرًا عن أقرانه في النطق واللغة أو يعاني من متلازمة داون أو التوحد أو ما شابه ذلك من الاضطرابات النمائية التي تؤثر على اكتساب اللغة).
ويهملون بذلك لغتهم الرئيسية، ولغة مجتمعهم، غير مدركين للصعوبات التي سيواجهها الطفل في مجتمعه الذي يتحدث اللغة العربية بشكلٍ أساسي ووطنه الذي يعتمد على اللغة العربية كلغة رئيسية في أغلب شؤونه. وفيما يتعلق بالسهولة، فإن أغلب الدراسات تشير إلى أن اللغة الرئيسية للوالدين والتي يكونون أكثر ارتياحًا في التحدث بها هي اللغة الأسهل تعلمًا لأبنائهم، ولعله يعود إلى أن الأطفال بحاجة للاستماع إلى لغة ذات جودة وكمية عالية كي يكتسبوها، وفي غالب الأحيان لن يستطيع الوالدان في مجتمع تسيطر عليه اللغة الرئيسية (العربية) حيث يتحدث بها غالبية مجتمعه، أن يوفروا لغةً ذات جودةٍ عالية، وخاصةً إذا كان مستوى اتقان الوالدان للغة الثانية لا يساوي مستوى اتقان الأصحاب الأصليين لهذه اللغة. فمع أهمية اللغة الثانية (اللغة الإنجليزية)، فإنها لا تزيد عن أهمية لغتنا الرئيسية (اللغة العربية)؛ فمن الصعب استبدالها بلغةٍ ثانية. فمهما كانت المبررات، فإن عدم تعلم الطفل للغة مجتمعه الرئيسية يؤثر على حياته، وإن كان الأثر غير واضحٍ في بداية حياته فإنه يكبر معه، وتزيد عزلته عن مجتمعه وعائلته، وقد يؤثر حياته الاجتماعية ومعاملاته داخل بلده. الشيء الذي يحثنا أكثر لأن نكون ثنائيي اللغة، فنتحدث اللغتين العربية والإنجليزية على حدٍ سواء، وأن نعلم أبناءنا ذات الشيء.
لكن هل ثنائية اللغة تسبب تأخر لغوي/ صعوبات لغوية / اضطرابات لغوية؟
المقال القادم سيفصل في الإجابة على هذه الأسئلة.
حسين النشيط
اخصائي نطق ولغة