حفظ الأغذية له طرق متعددة جميعها تستند إلى أسس علمية.... لبيب الشهابي

حماية الطعام وحفظه له هدف واحد بشكل عام، وهو منع تلوث أو تلف المواد الغذائية وإطالة عمرها مع ضمان تمتعها بالجودة المطلوبة، والكثير من التقنيات التي تستخدم لهذه الغرض في يومنا هذه ضاربة في التاريخ القديم.

وقد مارس القدماء حفظ الأغذية بالتمليح على سبيل المثال، وهي تعد من التقنيات الفاعلة في حفظ الأطعمة لأن فلسفتها تقوم على التحكم في المحتوى المائي للغذاء ما يجعله بيئة غير صالحة لنمو الكائنات الدقيقة وتكاثرها في الغذاء.

ومما لا شك فيه أن ممارسة حفظ الطعام وحمايته تحتاج إلى فهم علم الأحياء الدقيقة Microbiology  لأن عملية حفظ الأطعمة من الفساد والتدهور الذي تتسبب فيه الأحياء الدقيقة يقوم على فهم سلوكها، والظروف المؤاتية لها كي تنمو وتتضاعف، ومن ثم استعمال الطريقة المناسبة التي تحفظ هذا الطعام أو ذاك من الفساد.

ولتعريف عملية حفظ الأطعمة يمكننا أن نقول إنها مجموعة من التقنيات التي تضمن إطالة عمر الغذاء مع احتفاظه بقيمته الغذائية، ومنع نمو الكائنات الدقيقة غير المرغوب فيها، والتي تتسبب في فساده وتدهوره، ويمكن أن نلخص الأهداف الأساسية لعملية حفظ الطعام في:

  • منع تلوث الغذاء من العوامل التي تتسبب في فساده.
  • تأخير أو منع نمو الأحياء الدقيقة فيه.
  • منع الفساد الإنزيمي الذي تتسبب فيه الإنزيمات التي يحتوي عليها.

وهناك أمور تحتاجها الكائنات الدقيقة للنمو مثل الماء والغذاء، درجة الحرارة المناسبة والأس الهيدروجيني PH، لذا فإن واحدًا أو أكثر من هذه العوامل يجب إزالته من الغذاء أو التحكم فيه لمنع نمو هذه الأحياء، مما سيتسبب بالضرورة في تلف الغذاء وفساده.

وببساطة فإن تقنيات حفظ الطعام تعتمد على استهداف هذه الاحتياجات التي تضمن للكائنات الدقيقة الحياة والتضاعف في الغذاء، وتعتمد تقنيات حفظ الطعام على التحكم في العد البكتيري في الغذاء، وعلى الطرق التي تغير أو تؤخر النشاط الإنزيمي.

ومن التقنيات التي تستخدم لحفظ الأطعمة تخفيض الأحياء الدقيقة، الحرارة العالية، الطبخ أو الغليان، البسترة، التبييض، التعليب، خفض درجة الحرارة، التبريد، التجميد، التخمير، وهناك طرق تقليدية منها التمليح، التسكير، التدخين، ومن الطرق التي تستخدم في الصناعات الغذائية المعالجة بالأشعة والتعبئة تحت التفريغ، ومنها حفظ الأطعمة باستخدام المواد الحافظة (الحفظ الكيميائي) وقد تناولناه في مقال سابق.

ومن المهم هنا أن نلفت الانتباه إلى أن طرق حفظ الأغذية مهما اختلفت وتنوعت فالهدف منها هو تقييد نشاط الكائنات الدقيقة وتحويل الغذاء إلى بيئة غير ملائمة لتكاثرها مما يجنب الغذاء الفساد والتدهور وتغير الخواص الفيزيائية والكيميائية، وجميع طرق الحفظ تستند إلى أسس علمية تخدم الهدف الذي من أجله تم تنفيذها، وهو حفظ الغذاء من أي شكل من أشكال التلوث والفساد.

ولا بد من التأكيد على أن اختلاف ظروف تخزين الأغذية يمكن أن يكون فرصة سانحة كي تنشط الكائنات الحية وتتكاثر في بيئة الغذاء، فمثلا حين يتم تخزين أو نقل أغذية مجففة في حاويات مبردة أو مجمدة فإن التجفيف الذي كان الهدف منه هو تقليل المحتوى المائي للمادة الغذائية يصبح عديم الجدوى لأن النقل المبرد يزيد المحتوى المائي للغذاء مما من شأنه أن يعطي فرصة للكائنات الدقيقة للتكاثر والتضاعف، لذا لا ينصح نقل أو تخزين أي مادة غذائية خلافًا لما تنص عليه تعليمات الحفظ التي يضعها المصنع ضمن البطاقات التعريفية للمنتج.

وتعتبر عملية تخزين الغذاء من المراحل الحساسة والمهمة لذا يجب مراعاة أن تكون غرف التخزين جيدة التهوية وذات ضوء كاف، كما يجب أن تكون الأسطح والطاولات سهلة التنظيف، كما يجب أن يكون المخزن بعيدًا عن الحشرات والقوارض، ومن المفيد تزويد المخازن بأنظمة مسح ومراقبة.

 

 

لبيب الشهابي

مختص في السلامة الغذائية