كيفَ نُحيي الأمل معاً؟ ... زهراء داوود

بعد مرور فترة زمنية من عُمر الطفل التوحدي تشتكي الكثير من أمهات أطفال التوحُد من عدم تحسُن قدرات الطفل أو يشعرنَ بالإحباط الشديد لعدم دخولهِ المدرسة وبقائه لفترة طويلة في مركز التأهيل، أو عندما يتعرض الطفل التوحدي للانتكاسة والتراجع للوراء، وهُنا تبدأ المشاعر السلبية تُسيطر على الأم وتفقد الأمل.

إذن، كيفَ يُمكننا أن نزرع بصيص الأمل في قلب الأم ورفع معنوياتها؟

بدايةً علينا شرح بعض المفاهيم التي قد يجهلها الكثيرون، أي مُصاب باضطراب التوحد سواء كان صغيراً أم كبيراً ومهما كانت حالته شديدة أو خفيفة، باستطاعة الأم في كل الأحوال أن تُحسن من حالة ابنها، فلا يوجد مصطلح (غير قابل للتطور) في قاموس التوحد لأي مُصاب بالتوحد فالاعتقاد السائد والخاطئ لعامة الناس أن المُصاب بالتوحد قدراته جداً ضعيفة، لا بل العكس تماماً، فالمصابون بالتوحد يمتلكون قدرات كبيرة ومفتاح السِر هو بيد الأم قبل الأخصائي، والتحدي هنا يكمن في حل هذا السؤال هل باستطاعة الأم اكتشاف قدرات ابنها أم لا؟

والتوحدي عادةً مُعجب جداً بحالهِ وسعيد جداً بوضعه ولا يشعر بالحزن بتاتاً كونهُ مضطرب ولا يملك القُدرة على التواصل مع الآخرين فهو يرى نفسه إنساناً طبيعياً، فعندما نبدأ بتدريب المصاب وتأهيله والضغط عليه لتحسين قدراته نجدهُ يحاول الهرب والرفض بطريقته الخاصة بافتعال العديد من السلوكيات غير المرغوب فيها، وحتى أثناء فترة التدريب نفسها عندما يصل لمرحلة التطور المطلوبة يظل شعور الحنين لوضعيته السابقة داخل نفسه لذلك علينا أن لا نقدم للمصاب أي فرصة للتهرب أثناء التدريب ولا ثانية واحدة.

سأتناول في هذا المقال عدة خطوات تساعد على تحسين قدرات المُصاب بالتوحد مهما كانت حالته ومرحلته العمرية:

الخطوة الأولى: تدريب المصاب باضطراب التوحد منذُ الصغر على تنفيذ الأوامر والطاعة والاستقلالية قدر الإمكان في جميع مراحل حياته مما يسهل التحكم والسيطرة على سلوكياته إلى جانب ذلك تتمكن الأم من التخلص بأسرع وقت ممكن من أي سلوك جديد (غير مرغوب به) قد يطرأ فجأة.

الخطوة الثانية: في حال أن المصاب بالتوحد يعاني من اضطراب آخر مثل اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه ADHD  يتوجب على الأم اتباع نظام الحميات الغذائية المخصصة وضبط الحركة عن طريق العلاج السلوكي والوظيفي.

الخطوة الثالثة والأهم: التعاون مع الأخصائي وتطبيق كل التعليمات التي يقدمها الأخصائي للأم والمتابعة المستمرة للخطة العلاجية المُعدة من قبل الطبيب أو الأخصائي، فحلقة الوصل المتكاملة بين الأهل والأخصائي هي العامل الأساسي في تطوير قدرات المصاب بالتوحد وتدفعهُ إلى الأمام دائماً.

الإيمان النابع من قلب الأم يفيض بالأمل الكبير عند إصرارها القوي على تغيير ابنها التوحدي، فالأمل هو الذي يصنع منها أم قوية مكافحة ومجاهدة تبذل قُصارى جهدها لأجل تحسين حالة ابنها الذي يستشعر القوة من عينيها؛ حينها هو أيضاً سيبادر معها بتطوير نفسه، ومن الأمثلة الجميلة التي يحتذى بها الأستاذة زينب جاسم والأستاذة نجاة والدة يوسف صاحبة كتاب (تجربتي مع التوحد) فلهما الدور الكبير في تدريب أبنائهما وتطويرهم عن طريق المتابعة الدائمة واتباع الخطوات السابقة التي تم ذكرها سابقاً.

إنها معركة الوجود عزيزتي الأم، فأمامكِ خيارين أما الوقوف مكتوفة الأيدي أو أنكِ تفتحين بمفاتيح الأمل باب السعادة لابنكِ التوحدي، ولخوض هذا التحدي الكبير عليكِ أن تتسلحي بالأمل والتفاؤل، واليقين التام أن ابنكِ يستطيع أن يتطور وتتحسن حالته للأفضل ومن هذا المُنطلق ليكن شعاركِ (أنا أقدر). 

 

زهراء داوود

أخصائي تعديل سلوك


pdfmedical