مضخة الإنسولين تساعد الأطفال وذويهم على التعايش مع داء السكر

Artificial pancreas

السكري هو مرض مزمن يتطلب متابعة دائمة مع الطبيب المعالج واتباع نظام حياة صحي ومتوازن للحفاظ على مستوى السكر في الدم بمعدلاتها الطبيعية والوقاية من مضاعفات السكري.

ومع ذلك، فإن الإصابة بمرض السكري في سن مبكرة يشكل تحديًا إضافيًا، خاصة فيما يتعلق بالحماية والرعاية اللازمة للأطفال المصابين بالمرض. يتطلب ذلك الكثير من العمل والتعاون بين الأطباء والعائلات والمجتمع لتوفير الدعم اللازم وتوفير الموارد اللازمة للحفاظ على صحة الأطفال المصابين بالسكري.

الداء يشاغب في سن مبكرة وهذا يتطلب مستوى أعلى من الحماية ولمدة أطول.يجب على الأهل العناية بأطفالهم المصابين بالسكري من خلال توفير الغذاء الصحي والمتوازن والإشراف على نشاطهم البدني ومراقبة مستوى السكر في الدم بشكل منتظم والتأكد من تلقي العلاج اللازم والاستشارة مع الطبيب المعالج بانتظام.

ويجب أن يتعلم الأطفال المصابون بالسكري وعائلاتهم بشأن المرض وكيفية إدارته والتعامل مع المواقف اليومية وتتبع نظام حياة صحي لتحسين نوعية حياتهم والحد من مضاعفات السكري في المستقبل.

استشاري أمراض السكر والغدد الصماء د. حسين طه في لقاء مع الطبي أضاء على دور التقنية التي انتجت مضخة الإنسولين أو ما يطلق عليه البنكرياس الصناعي في إيصال الهرمون بالكميات المناسبة للجسم بأقل قدر من الحقن.

ودعا كل أب وأم ممن لديهم أطفال مصابون بالسكر والذين تتوفر لديهم القدرة المالية لتركيب مضخة الإنسولين والاستفادة من تقنياتها العالية التي تحافظ على صحة الطفل وتحسن من جودة الحياة لديه وتقيه شر الأمراض الأخرى.

 

وأطلق الدعوة في نهاية الحوار التالي:

لماذا يطلق على النوع الأول من السكر سكري الأطفال؟

صحيح، السكري ينقسم إلى نوعين رئيسيين. ويعرف النوع الأول بالسكري الذي يصيب الأشخاص في سن مبكرة ويتميز بعدم قدرة البنكرياس على إنتاج الإنسولين بشكل كافٍ. وعلاوة على ذلك، يتميز السكري النوع الأول بتعرض الجهاز المناعي للخلايا المنتجة للإنسولين في البنكرياس، مما يؤدي إلى تدميرها وتضررها بشكل كبير.

أما النوع الثاني من السكري، فيتميز بعدم قدرة الجسم على معالجة الإنسولين بشكل كافٍ، وهو الأكثر شيوعاً في الكبار والأطفال. يحدث هذا النوع من السكري عادة بسبب النمط الغذائي الغير صحي وعدم ممارسة النشاط البدني، بالإضافة إلى عوامل وراثية وبعض العوامل البيئية.

وفي سكر الأطفال يتعرض البنكرياس للتلف والتآكل مما يؤدي إلى عدم قدرته على إنتاج الإنسولين بكميات كافية، وهذا يؤثر على مستوى السكر في الدم ويؤدي إلى العديد من المضاعفات الصحية، بما في ذلك النمو السليم لدى الأطفال. لذلك، يجب على الأشخاص المصابين بالسكري النوع الأول أو النوع الثاني الحفاظ على مستوى السكر في الدم بشكل منتظم والالتزام بالعلاجات الموصوفة من قبل الطبيب المعالج، بالإضافة إلى ممارسة النشاط البدني بانتظام واتباع نظام غذائي صحي.

 

هل هناك فرق في المخاطر بين الكبار والصغار؟

المخاطر المرتبطة بداء السكري واحدة على المدى الطويل، ولكن تأثيراتها أكبر على الأطفال في فتره زمنيه اقل إذا تأخر التدخل الطبي في السيطرة على مستويات السكر في الدم. وفي حالة تعرض الطفل لمستويات عالية من السكر في الدم، قبل اكتشاف الإصابة بالمرض، فإنه يمكن أن يعاني من مضاعفات خطيرة مثل تحمض الدم (حموضة الدم السكرية)، الذي يمكن أن يؤدي إلى الوفاة إذا لم يتم التدخل الطبي بسرعة كافية. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتسبب ارتفاع مستويات السكر في الدم في فقدان البوتاسيوم والجفاف، وهو أمر خطير يمكن أن يؤثر على صحة الطفل بشكل كبير. ومع تقدم المرض، يمكن أن يتسبب السكري في العديد من المضاعفات الصحية الخطيرة التي تتطلب تدخلاً طبياً سريعاً للحد من الآثار السلبية وإبعاد المخاطر عن الطفل. لذلك، من المهم الكشف عن الإصابة بداء السكري في مرحلة مبكرة والحفاظ على مستويات السكر في الدم بشكل طبيعي.

 

كيف تعالج مثل هذه الحالات لدى الأطفال؟

في الغالب يصل الطفل أو المريض لهذه الحالة بسبب عدم تشخيصه بداء السكر لذلك يتصاعد تأثير السكر ليبلغ هذه المرحلة. وفي هذه المرحلة أو قبلها يشخص المرض وتوضع له خطة علاجية تقوم على تزويد الجسم بالإنسولين لتنظيم مستوى السكر في الدم.

 

ما هو نوع الأدوية (حبوب أو حقن)؟

النوع الأول من داء السكري يحتاج إلى تزويد الجسم بالإنسولين، وتوجد أنواع مختلفة من الإنسولين التي تصنف وفقًا لسرعة تأثيرها على معدلات السكر في الدم. ويتم إعطاء المريض غالبًا نوعين من الإنسولين، وهما الإنسولين بطيء المفعول الذي يستخدم لتغطية 40-50٪ من احتياج المريض اليومي للإنسولين، والإنسولين سريع المفعول الذي يعطى مع الوجبات اليومية. ويجب على المريض تناول الحصة المناسبة من الكربوهيدرات في الوجبات اليومية لتفادي الهبوط السكري.

 

ما هي الحلول العلاجية الأخرى؟

ما ذكرته آنفًا هو الطريقة التقليدية لإيصال الإنسولين للجسم عن طريق الحقن، لكن هناك طريقة جديدة نوعًا ما وهي قائمة على استخدام تقنية عالية الدقة عن طريق مضخة الإنسولين والتي يطلق عليها "البنكرياس الصناعي".

الجهاز مكون من ثلاث أجزاء رئيسية: الجهاز الإلكتروني الذي يقرأ ويحلل النتائج ويبرمج كميات الإنسولين التي يحتاجها المريض ويضخها في الجسم، خزان الإنسولين،ومستشعر السكر (الصدفة) يوضع في المنطقة الشحمية ويقيس نسب السكر في الدم باستمرار ويرسلها للجهاز.

وحاليا يوجد تقنيات جديدة لاستشعار مستوي سكر الدم بحيث ترتبط بالهواتف الذكيه  لولي أمر الطفل أو المريض نفسه سواء كان طفلًا أو بالغًا والطبيب.

 

ما الذي يميزه عن الطريقة التقليدية؟

الكثير من الأمور أولها أنه يقيس نسب السكر بالدم باستمرار، وعليه يزود الجسم بالقدر الذي يحتاجه الجسم من الإنسولين، وكذلك يعطي إشعارات للمريض وولي أمره قبل أن يدخل المريض مرحلة الهبوط.

ومنها أيضًا التعامل الذكي حيث يوقف الجهاز ضخ الإنسولين مع نقص السكر في الدم وقبل الوصول لمرحلة الهبوط، ويضخ إنسولين بشكل كافٍ مع ارتفاع السكر عن المعدل الطبيعي في الدم.

هذا على صعيد السيطرة على السكر في الدم، وله مميزات اجتماعية أيضًا فهو يحسن من جودة حياة الطفل ويجعله يمارس حياته بشكل طبيعي ويلعب مع أقرانه ويمارس الرياضة، كما أنه يبعد الوصمة أو أن يكون مادة للتندر أو التنمر بسبب حقن الذي يأخذها بشكل تقليدي في المدرسة، وهذه النقطة تكون حساسيتها أعلى بين البنات التي تحتاج إضافة لما تقدم لمكان خاص لتأخذ الحقنة. كل ذلك يرفعه الجهاز الذي يمكن تثبيته تحت الملابس ويضخ الإنسولين بشكل آلي دون تكرار الحقن. وبالمناسبة من حسنات الجهاز أن المريض لا يتعرض للحقن كثيرًا فهناك حقنة تبدل كل ثلاثة أيام تقريبًا وأخرى كل سبعة أيام.

 

ماذا عن مضاعفات السكري الأخرى؟

مع الحفاظ على مستويات السكر في الدم بالعلاج التقليدي أو العلاج الذكي فهذا يقي الطفل من مضاعفات السكري التي تؤثر على الكلية وتسبب الفشل الكلوي أو شبكية العين وتسبب العمى أو الأطراف السفلية أو غيرها من التبعات التي يسببها الداء في المدى المتوسط أو البعيد، أو الدخول في غيبوبة سكرية بسبب الهبوط والتي قد تؤدي للاضرار بالدماغ.

 

كيف يهيأ الطفل لاستخدام مضخة الإنسولين؟

العلاج بمضخة الإنسولين يتطلب بعض المتطلبات الخاصة. يتم استخدام مضخات الإنسولين كبديل للحقن اليومية، وتعمل عن طريق توصيل جرعات صغيرة ومستمرة من الإنسولين إلى الجسم عن طريق إبرة رفيعة موصولة بأنبوب صغير يتم تثبيته تحت الجلد.

 

ومن بين المتطلبات الأساسية لاستخدام مضخة الإنسولين:

  1. تلقي التدريب اللازم: يجب أن يتلقى الشخص التدريب اللازم على استخدام مضخة الإنسولين والحفاظ عليها والحصول على الدعم الفني اللازم.
  2. تغيير الإبرة بانتظام: يجب تغيير الإبرة التي توصل الإنسولين إلى الجسم بانتظام لتجنب التهابات الجلد وتلف الأنسجة.
  3. مراقبة السكر في الدم: يجب على الشخص المصاب بمرض السكري استخدام جهاز قياس السكري لمراقبة مستوى الجلوكوز في الدم بانتظام.
  4. تحديد الجرعات: يجب تحديد الجرعات المناسبة وفقًا لتوصيات الطبيب المعالج ومتابعة مستوى السكر في الدم بانتظام.
  5. الحفاظ على النظام الغذائي: يجب الحفاظ على نظام غذائي صحي ومتوازن ومحسوب من حيث السعرات الحرارية ونسب الكربوهيدرات والدهون والبروتينات.
  6. النشاط البدني: يجب الحفاظ على نشاط بدني منتظم وممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
  7. الاستشارة الطبية: يجب الاستشارة بانتظام مع الطبيب المعالج وإجراء الفحوصات الدورية لمتابعة الحالة الصحية والتأكد من عدم وجود أي مضاعفات.

 

في المجمل نفضل كأطباء لكل مريض سكري بما فيهم الصغار تركيب مضخة الإنسولين لمميزاتها المذكورة. ولكن مع الأطفال نخضع الطفل وولي أمره للتدريب على استخدام الجهاز، وبعدها نختبرهم فإذا اجتازوا الاختبار وبعدها يركب الجهاز.

 

هل يجتاز الجميع الاختبار؟

في الغالب نعم، لكن للأسف هناك من لا يجتاز الاختبار ولذا لا نوصي بتركيب الجهاز له حتى يستطيع التعامل معه بشكل جيد مع إشعارات الجهاز أو انسداد الأنبوب وغيرها للاستفادة من فوائده.

 

ما هي فئات مرضى السكر التي تنصحها الجهاز؟

في الحقيقة الجهاز يصلح لكل مرضى السكر، وهو ممتاز جدًا للفئات التالية:

  1. المرضى المواظبون على أخذ الحقن بانتظام للحفاظ على معدلات السكر بشكل طبيعي، وهذا يعني أنهم يحقنون أنفسهم ٤ حقن في اليوم. الجهاز سيضمن لهم سكر في معدلات طبيعية بأقل قدر من الحقن.
  2. الفئة الثانية وهم المرضى الذين لديهم هبوط متكرر مع فقدانهم الإحساس بالهبوط، وهذا يعرضهم لخطر الغيبوبة السكرية ومضاعفاتها. المضخة ستجنبهم الهبوط وما بعده من التبعات.
  3. الفئة الثالثة وهم المصابون بمضاعفات السكري كالفشل الكلوية أو النزيف في الشبكية أو القدم السكرية أو غيرها.

 

هل من كلمة أخيرة؟

بداية أشكر الطبي على استضافتي، وأوجه دعوة لكل أب وأم ممن لديهم أطفال مصابون بالسكر والذين تتوفر لديهم القدرة المالية لتركيب مضخة الإنسولين والاستفادة من تقنياتها العالية

تقنيات مضخات الإنسولين توفر العديد من المزايا للأطفال الذين يعانون من داء السكري، وتحسن من جودة حياتهم وتساعدهم في ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي. ويمكن للأهل والمدرسين وجميع أفراد المجتمع أن يلعبوا دوراً هاماً في دعم هذه الفئة من الأطفال، وتشجيعهم ومنحهم الثقة للقيام بأدوارهم الحياتية والاجتماعية بشكل طبيعي. ويمكن أيضاً توفير بيئة صحية ومناسبة للأطفال الذين يعانون من داء السكري في المدارس والأماكن العامة، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي لهم ولأهاليهم. وبذلك يمكننا جميعاً محاربة أي وصمة قد تلحق بهم والمساهمة في تحسين جودة حياتهم وصحتهم.

 

د. طه: "البنكرياس الصناعي" يضبط السكر بدقة


pdfmedical