حاولت توسيع دائرة الرعاية للمصابات بسرطان الثدي، بأيدٍ حانية خارج أسوار المستشفيات، فبدأت بكتابة قصة للأطفال ولم تنتهِ حتى أصدرت غصن الزيتون والتي خصصت ريعها لدعم التوعية بسرطان الثدي.
د. ساجدة سبت أخصائية الأورام ومؤلفة قصة غصن الزيتون التي استوحتها من خلال معاينتها ومعالجتها للنساء المصابات بسرطان الثدي تلمست القلق والخوف لدى المريضات من الصدمة التي قد تصيب أطفالهن إذا رأوا كيف يغير العلاج شكلهن ويسقط شعرهن.
وقالت للطبي فكرت في تعريف الأطفال بالمرض بلغة يفهمونها، وتعريفهم بدورهم المهم في دعم الأم في حالة المرض وأنهم جزء أساسي في رعاية أمهاتهن في هذه الفترة من حياتهن.
أقرأوا التفاصيل في الحوار التالي:
لماذا أصدرتِ قصة عن سرطان الثدي؟
استوحيت فكرة القصة من طبيعة عملي كطبيبة في قسم الأورام، حيث نعاين يوميًا العديد من مريضات سرطان الثدي في المستشفى. وكما نعرف أن متابعة ومعاينة مريض السرطان تحتاج إلى دعم نفسي واجتماعي بالإضافة إلى الرعاية الطبية المتكاملة. ومن أبرز المعاناة والمشاكل لمريضات سرطان الثدي تكون من الجانب النفسي ومن أبرزها القلق والخوف من التغييرات الحاصلة على أجسامهن خلال فترة العلاج الكيميائي إضافة إذا كن متزوجات ولديهن أطفال وجود القلق من تقبل الصغار لهذه التغييرات. فهي كما نعلم فترة صعبة بالنسبة للمريضة وأهل المريضة على حد سواء.
فبعض الأطفال يجد صعوبة في تقبل هذه التغييرات، بعضهم يبدأ بالتساؤل فقط وبعضهم يبدأ بالخوف والنفور من أمهاتهن وقد يلجأ البعض الآخر إلى التنمر للمظهر الخارجي للأم، مما قد يسبب معاناة نفسية كبيرة وضغوطات كثيرة وصعبة للأم إضافة إلى معاناتها جسديًا جراء العلاج الكيميائي.
كيف كانت البداية؟
كانت الفكرة موجودة منذ وقت طويل، منذ بداياتي في العمل في قسم الأورام. وقد استوقني موقف من مريضة حضرت إلى العيادة وكان يبدو عليها القلق والاضطراب حيث أخبرتني كيف أن أولادها لم يتقبلوا شكلها الجديد بعد تساقط شعرها فاضطرت إلى لبس الحجاب بشكل دائم في اليبت لتغطية رأسها خوفًا على نفسية أطفالها.
كما أن بعض المريضات ليس لديهن الجرأة على مواجهة أطفالهن خصوصًا في البداية حيث أن المريضة نفسها قد لا تتقبل هي أيضا تساقط شعر رأسها والتغييرات الأخرى التي قد تحصل على جسمها.
لماذا اخترتِ أن تكون القصة موجهة للأطفال؟
الدعم النفسي المقدم من العائلة يعتبر عامل مهم جدًا في رحلة العلاج من السرطان، كما يشكل فارقًا أساسيًا في تحسن نفسية المريضة واعطائها القوة والثقة بالنفس لإكمال العلاج. فالصحة النفسية اذا كانت جيدة تنعكس إيجابًا على الصحة الجسدية فيتعافى المريض بإذن الله تعالى بشكل أسرع خلال هذه الفترة.
معظم مريضات الثدي متزوجات ولديهن أطفال صغار أو قد أصبح لديهن أحفاد، وفكرة أن يكون الطفل الداعم الأول لأمه أو جدته قد يمنحها الاستقرار النفسي المرجو خلال العلاج، فالأم غالبًا ما تكون شديدة التعلق بأطفالها وتستمد قوتها وعزيمتها من حبهم لها، أحيانًا قد يدعمنا الصغار بعفويتهم ويغمروننا بلطفهم وحبهم أكثر من الكبار.
ما هي الصعوبات التي واجهتها في إصدار الكتاب؟
الصعوبات كانت في البداية في وجود دار نشر تتبنى فكرة القصة. وقد قامت دار رؤى متمثلة في صاحبها السيد أحمد مشكورًا بتشجيعي على إكمالها حين عرضت عليه فكرة القصة. وبعد الانتهاء من كتابة النص، كان التحدي هو اختيار الرسام الذي قد يوصل الفكرة للطفل، ففي القصة كمية مشاعر كبيرة ولابد أن تكون الصور معبرة للطفل حتى يتفاعل معها بشكل أكبر. والحمدلله كان اختيار الرسامة موفقًا.
كيف كان التفاعل مع القصة؟
كان التفاعل جميلا ومؤثرًا، من الأمهات والأطفال وحتى أصدقائي. وقد كنت سعيدة بذلك حيث أني قدمت ولو دعمًا بسيطا لمريضات السرطان.
هل تنوين إصدار قصة أخرى عن ذات الموضوع؟
أصدرت قصة أخرى للأطفال عن التدخين (سيجارة العم منصور) التي تتناول مخاطر التدخين للأطفال بشكل مضحك وعفوي. وكان الأطفال أيضا أبطال القصة حين حاولوا دعم جارهم ومساعدته للاقلاع عن التدخين. تم نشر القصة في دار لؤلؤ في دبي وقد كرمت في مهرجان الشارقة على فكرة القصة وتمت استضافتي في مهرجان الأطفال لإلقائها.
ألا تعتقدين أن قصص محاربات سرطان الثدي في البحرين تستحق أن تصدر في كتاب؟
نعم وبكل تأكيد، فتجارب المريضات خلال مرحلة العلاج مختلفة من الناحية الاجتماعية والنفسية والجسدية، فمشاركة التجربة الشخصية للمرض مع المرضى والمجتمع قد يخلق بشكل عام ارتياحًا كبيرًا وتوعية ودعم نفسي كبير لغيرهم من المرضى. كما أنه قد يعزز فكرة أن السرطان لا يعني الموت، وأن الكشف المبكر عن سرطان الثدي هو الحل الأمثل لزيادة نسبة الشفاء باذن الله تعإلى
هل من كلمة أخيرة؟
أحب أن أوجه كلمة أخيرة أوجهها للنساء بشكل عام وهي التأكيد على أهمية الفحص المبكر لسرطان الثدي وأدعوهن إلى تجنب الاشاعات التي تمنعهم من الفحص بالماموجرام أو الفحص السريري، فالكشف المبكر يزيد من فرص الشفاء.
وأحب أن أوجه كلمة إلى كل من لديه مريض أو مريضة سرطان سواء كان من الأهل أو الأصدقاء، ان الدعم المعنوي والنفسي لمريض السرطان يعتبر نصف العلاج فاغمروهن بالرعاية والحنان والاهتمام.