لوجستيات لقاح كوفيد - 19: تحديات النقل والتخزين... حسين الشيخ

الإعلان عن إجازة ثلاثة لقاحات للإستخدام الطارئ في نوفمبر الماضي كان بارقة أمل لحماية الناس من الفيروس وفرصة لاستعادة الإنتعاش الإقتصادي لمستويات ماقبل الجائحة. لكن توفير هذه اللقاحات اصطدم بتحديات لوجستية تتضمن جهوزية سلاسل التوريد لنقل وتخزين اللقاح.

سلاسل التوريد الإعتيادية للقاحات أو ما يعرف بالسلسلة الباردة مجهزة لنقل اللقاحات بين درجات حرارة تتراوح بين درجتين إلى ثمان درجات مئوية وعادة ما يكرس الباحثون الكثير من الوقت لدراسة وفهم الظروف البيئية اللازمة لنقل وتخزين اللقاحات وعطفًا على البيانات المتوفرة يعمل الباحثون على تحسين استقرار اللقاح لتسهيل عمليات النقل والتخزين تحت الدرجات الإعتيادية، ولكن الأمر مختلف بالنسبة للقاحات كورونا الذي طورت بسرعة غير مسبوقة لإخراج العالم من عنق الزجاجة حيث ركز الباحثون على فعالية وأمان اللقاح أكثر من الإستثمار في تحسين استقراره تحت درجات الحرارة الإعتيادية وهذا أدى إلى أن بعض اللقاحات تحتاج إلى نقل وتخزين في درجات حرارة تصل إلى 80 درجة مئوية تحت الصفر والتحدي يكمن في أن وسائل النقل والتخزين ليست مجهزة بشكل كافي للتعامل مع هذه العملية اللوجستية المعقدة.

ومما يعقد الأمر أن متطلبات نقل كل لقاح من لقاحات COVID-19 مختلفة عن الآخر، وبسبب ذلك نحتاج للإنتقال من السلاسل الباردة إلى "السلاسل فائقة البرودة" وقد بدأت بالفعل شركات الشحن والتخزين بتحديث معدات التبريد الخاصة بهم عبر إضافة مواد عازلة إضافية ومبردات أكبر سعة للإيفاء بمتطلبات النقل والتخزين. إما شركات تصنيع حاويات النقل بمختلف الأحجام قد عدلت خطوط إنتاجها لتطوير حاويات مبردة للهدف ذاته. في بعض أجزاء أمريكا الجنوبية وآسيا وأفريقيا يكون التحدي اللوجستي مضاعفًا، فعلى فرض توفر معدات النقل والتخزين فائقة البرودة فإن محدودية توليد واستمرارية تيار الكهرباء تجعل توفر معدات التبريد ذو فائدة محدودة لإن ارتفاع درجة الحرارة اللقاح دون الدرجة الموصى بها يفقد للقاح فعاليته فيكون مصيره  الهدر.

 

لضمان سلاسة النقل والتخزين يجب إتخاذ بعض التدابير لضمان سلامة اللقاح. عند وصول الشحنة إلى وجهتها  يجب أن تكون شرطة الجمارك على إستعداد للتخليص الجمركي في أسرع وقت كما يجب على الجهات المختصة في وزارة الصحة تفقد سلامة الشحنة عبر الإطلاع على البيانات التي تسجلها حساسات الحرارة التي يتم توزيعها عادة في مختلف زوايا حاويات الشحن. عند التأكد أن درجات الحرارة كانت مستقرة خلال الرحلة وأن مكونات اللقاح آمنة يجب أن تكون مركبات النقل جاهزة لنقل اللقاح إلى مواقع تخزين مجهزة تمهيدا لإستخدامه.

الدول التي لا تمتلك سلاسل إمداد فائقة البرودة وتفتقر لتيار كهربائي مستدام قد تتوجه لإستيراد لقاحات أكثر استقرارًا مثل لقاح استرازينيكا الذي يمكن نقله عبر السلاسل الباردة الإعتيادية (2-8 درجة مئوية) عوضًا عن اللقاحات الأخرى مثل لقاح موديرنا وفايزر-بيونتيك اللذان يتطلبان تخزينا في درجات حرارة تتراوح بين 20 إلى 80 درجة مئوية تحت الصفر.

 

اللوازم الطبية المساندة للقاح

 مما لا يخطر على بال الكثيرين هو تحدي نقل اللوازم المساندة لعمليات التلقيح مثل الإبر والمحاقن والمطهرات ومعدات الحماية الشخصية التي تفوق اللقاح بكثير من ناحية الكمية والوزن. توفير هذه اللوازم بالتزامن مع توفير اللقاح أمر لا يمكن إغفاله كون استخدام أحدهما متوقف على توفر الآخر. من المتوقع أن  تكون عملية نقل اللقاح من أكبر العمليات اللوجستية في التاريخ إن لم تكن أكبرها على الإطلاق حيث من المتوقع تشغيل 15,000 رحلة طيران ونقل 200,000 منصة شحن مبردة بدون احتساب لوازم التلقيح المساندة على مدى العامين القادمين للعودة لنمط الحياة الإعتيادي.

 

حسين الشيخ

متخصص في اللوجيستيات

 


pdfmedical