من المتعارف عليه في الأوساط الطبية أن ممارسة الرياضة بانتظام لها جملة لا تنتهي من الفوائد الجمة على مختلف الأصعدة. أبرزها العلاقة وثيقة بين ممارسة الرياضة بانتظام وصحة القلب، فممارسة الرياضة بانتظام تقلل من أمراض القلب، كما أنها تقلل من معدل الوفيات المرتبطة بأمراض القلب بنسبة تصل إلى 35.%
ولكن على الطرف الآخر، انتشرت في الآونة الأخيرة حالة الموت المفاجئ أثناء ممارسة الرياضة والنشاط البدني، وهو ما أثار حالة من الهلع والقلق لدى العديد من الناس؛ فالرياضي الذي يعتبر أنموذجا للصحة في نظر المجتمع يسقط فجأة ودون سابق إنذار مودعًا الحياة، وتاركًا وراءه صدمة لا يمكن تجاوزها بسهولة. فهل نحن في خطر فعلي؟ وكيف لنا أن نكتشف ذلك ونقيمه بشكل علمي مدروس؟ وهل يمكننا اتخاذ خطوات عملية للحد من هذه المشكلة؟
تشير الدراسات الإحصائية على اختلافها إلى أن معدل الموت المفاجئ المرتبط بممارسة الرياضة يعتبر قليل جدًا ولله الحمد، ففي إحدى الدراسات رصد ما معدله حالة واحدة فقط في كل مئة ألف شخص تقريبًا. والإحصائيات المحلية في مملكة البحرين لا تختلف كثيرًا عن المعدلات العالمية؛ فبحسب تقرير رسمي تم استعراضه في أحد المؤتمرات المحلية بلغت حالات الموت المفاجئ المرتبط بممارسة الرياضة 24 حالة فقط طوال 10 سنوات (منذ عام 2009 حتى عام 2019)، وهو ما يمثل أقل من (0.001 من معدل السكان).
وتعتبر الفحوصات الطبية ما قبل ممارسة الرياضة وتحديدا فحوصات القلب من الأمور المهمة التي قد تنقذ حياة الشخص وتقلل من خطر تعرضه للموت المفاجئ، ولكن التوصيات العلمية بخصوص نوع الفحوصات والأشخاص الذين يجب أن يقوموا بهذه الفحوصات محل خلاف علمي وهو ما يعقد الموضوع أكثر. ولكن اتفقت أغلب المنظمات المتخصصة في هذا الجانب على ضرورة أخذ التاريخ الطبي والعائلي على أقل التقادير، واختلفت في أهمية اجراء الفحوصات الأخرى كتخطيط القلب وغيره بين مؤيد ومعارض.
على الصعيد المحلي، فإن هناك ندرة وشح في الدراسات التي تتناول موضوع الموت المفاجئ المرتبط بممارسة الرياضة بالرغم من أهمية الموضوع، وهو ما يدعو لمزيد من البحث وبذل الجهود في هذا الجانب لتطوير وابتكار الطرق التي قد تقلل من هذه الحالة الخطرة في أوساط المجتمع.
وانطلاقًا مما سبق بيانه، وضمن متطلبات الدراسات العليا في كلية العلوم الصحية والرياضية التابعة لجامعة البحرين، قسم العلاج الطبيعي- تحت إشراف الدكتور محمد عبد الله، فقد تم تطوير بروتوكول من عدة مراحل يستهدف الكشف عن مخاطر التعرض للموت المفاجئ المرتبط بممارسة الرياضة والتقليل منها قدر الإمكان. وتتمثل المرحلة الأولى من البروتوكول في معرفة التاريخ الشخصي والعائلي للفرد بشكل دقيق ومفصل وتحديد الأعراض الطبية التي قد تكشف عن وجود خطر التعرض للموت المفاجئ أثناء الرياضة وذلك من خلال استبيان إلكتروني يمكن تعبئته بشكل فردي، وهو ما يسهل على الفرد عملية التقييم الذاتي وتحديد مدى الحاجة لمراجعة الطبيب المختص أو إجراء الفحوصات القلبية التخصصية في مراحل أخرى.
ويمتاز الإستبيان المذكور بأنه أداة سهلة وغير مكلفة، بلغة عربية موجزة وسهلة وواضحة تمكن أي فرد من ملئه بنفسه. كما أنها أداة يمكن الإعتماد عليها في هذا الجانب؛ فقد طورت بناء على توصيات جملة من المؤسسات والمنظمات العلمية المرموقة في مجال القلب والرياضة كجمعية القلب الأمريكية والكلية الأمريكية للطب الرياضي وغيرهما. وقد تم إخضاعه للتقييم والتدقيق من قبل جملة من الإستشاريين المتخصصين في مختلف المجالات كطب القلب، فسيولوجية التمارين، الطبي النفسي، العلاج الطبيعي والطب الرياضي وذلك على عدة مراحل.
وختامًا وانطلاقا من الآية الكريمة: "ومن أحياها فكأنَما أحيا الناس جميعا"، فإننا نوجه دعوة للجمهور الكريم ذكورًا وإناثًا للمساهمة في هذه الدراسة واتخاذ خطوة قد تنقذ حياة الآخرين.
إذا كنت بحرينيًا، يتراوح عمرك ما بين 18 إلى 60 سنة، وتمارس الرياضة بانتظام (بمعدل 150 دقيقة على الأقل في الأسبوع من التمارين المتوسطة الشدة أو بمعدل 75 دقيقة على الأقل في الأسبوع من التمارين عالية الشدة)، فإننا نعتز بمشاركتك.
امسح الرمز التالي للمشاركة، أو ادخل على الوصلة التالية:
https://forms.gle/5ifKjujwV2RgPvq38
المراجع الرئيسية:
- Emery, M. S., & Kovacs, R. J. (2018). Sudden Cardiac Death in Athletes. JACC: Heart Failure, 6(1), 30–40.
- Hamad, A. (2020, Feb). Report of the National Committee Investigating the Causes of Sudden Cardiac Deaths in the Walkways and Gyms in Bahrain. Paper presented at the UK-BH Sports, Health and Exercise Science Symposium, Manama. Bahrain
- Schmehil, C., Malhotra, D., & Patel, D. R. (2017). Cardiac screening to prevent sudden death in young athletes. Translational Pediatrics, 6(3), 199–206.
محمد الريس
اخصائي علاج طبيعي