أبحاثٌ كثيرة كشفت النقاب عن اكتشافات جديدة، أكسبتنا معلومات تُبحر بنا في ميادين لم نعرفها من قبل.
لاحظ الباحثون منذ فترة طويلة أنّ القُرّاء الذين يعانون من عسر القراءة تُظهِر أعينهم حركاتٍ أثناء القراءة تختلف اختلافًا كبيرًا عن الأشخاص الطبيعيين.
هذه الدراسات التي قامت بملاحظة حركات العين للمصابين بعسر القراءة قد أُجريت على عينات صغيرة من الأشخاص، بينما نُشرت ورقة بحثية جديدة كتبها باحثو كونكورديا في دورية Nature Journal Scientific Reports تم إجراء البحث فيها على عينة أكبر بكثير.
وحسب المقال المنشور في موقع "ساينس ديلي" في أبريل 2021م، أنّ هذه الدراسة استخدمت تقنية تتبع العين لتسجيل الحركات، وخلصت إلى أنّ الأشخاص الذين يعانون من عسر القراءة لديهم طريقة مختلفة تمامًا وأكثر صعوبة لأخذ عينات من المعلومات المرئية عن القُرّاء العاديين.
والجدير بالذكر أنّ البحوث التي أُجريت مُسبقًا أسفرت عن أنّ الأفراد الذين يعانون من عسر القراءة لديهم معدلات قراءة أبطأ، كما بحثت الدراسات السابقة أيضًا في حركة العين لدى البالغين الذين يعانون من عسر القراءة. ولكن الورقة البحثية الجديدة جمعت هذه الأشياء معًا، واستخدمت المقاييس السلوكية فأعطتنا تمثيلًا كاملاً حول كيفية حدوث الاختلافات.
يستخدم باحثو عسر القراءة عدة مقاييس لقياس حركات العين التي تشمل التثبيتات (مدة التوقف) ويتم عدّها، وأطوال القفزة ويتم إحصاء عدد المرات التي تعبر فيها عيون القارئ عن قفزة. في الدراسات المعتادة، يستخدم باحثو عسر القراءة جملة واحدة لقياس هذه الحركات. بينما استخدم فريق الدراسة الحالية بدلاً من ذلك نصوصًا متطابقة موحدة تتضمن عدة جمل طويلة قرأها 35 طالبًا جامعيًا مصابين بعسر القراءة و 38 آخرين في مجموعة ضابطة (عاديين).
أراد الباحثون معالجة سؤال أساسي في هذا المجال: هل صعوبات القراءة ناتجة عن أصل معرفي أو عصبي أم حركات العين هي التي توجه استيعاب المعلومات أثناء القراءة؟
أفضت الدراسة إلى وجود اختلاف في سرعة القراءة بين الطلاب الذين يعانون من عسر القراءة قد تصل إلى ثلث السرعة مقارنة بأسرع القُرّاء في المجموعة الضابطة.
ولكن باستخدام مجموعة متنوعة من التدابير لتجميع ملف تعريف شامل، وجد الباحثون أنّ الاختلاف في السرعة لم يكن نتيجة لاستغراق وقت أطول لمعالجة المعلومات المرئية غير اللغوية. وهذا يشير إلى وجود صلة مباشرة بحركات العين.
لوحظ أنه عندما قرأ المشاركون الذين يعانون من عسر القراءة نصًا، فإنهم توقفوا لفترة أطول لاستيعاب المعلومات، ولكنهم لم يواجهوا أي مشكلة في دمج معاني الكلمات في سياق الجملة. يُلاحظ هذا السلوك بشكل شائع عند الأطفال الذين يتعلمون القراءة. بينما البالغون الذين يقرؤون بسرعات عادية لا يتعرضون لهذه التوقفات وحركات العين.
يُعبّر القائمون على الدراسة عن عسر القراءة بأنّه اضطراب في النمو يبدأ في الطفولة، وغالبًا لا يتم تشخيصه حتى يواجه الطفل صعوبات حقيقية.
يُمكن للباحثين أن يروا كيف يتعامل الأفراد المصابون بعُسر القراءة مع القراءة وأين وكيف يعانون. وبما أنّ تقنية تتبع العين أصبحت أكثر شيوعًا وبأسعار معقولة - فمعظم كاميرات الويب والهواتف الذكية مجهزة بها بالفعل، على سبيل المثال - يأمل الباحثون أن يتمكنوا من تسخيرها لمساعدتهم على تتبع كيفية قيام الأشخاص المصابين بعُسر القراءة بالقراءة والتدخل فيها.
الآن بعد أن علمنا أن هناك اختلافات في كيفية القراءة لدى ذوي عسر القراءة، علينا أن نسأل عما يمكننا فعله لتحسين قراءتهم؟ هل هناك طرق يمكننا من خلالها تغيير النصوص لتسهيل معالجتها، مثل تغيير الخطوط أو زيادة حجم النص؟ هذه هي الخطوات التالية التي ستتناولها البحوث القادمة.
ريحانة حبيل
اختصاصية صعوبات تعلم