نبدأ جميعًا هذه الحياة مع عائلة، سواء كانت تلك العائلة مكونة من أقارب بالدم، أو جيران بمنطقة سكنية مترابطة.
تؤثر هذه العائلة التي نعيش معها عندما نولد على كل جانب من جوانب حياتنا، من اللحظات الأولى حتى اللحظات الأخيرة.
تؤثر عائلتنا على هويتنا وما نصبح عليه في المستقبل، للأفضل أم للأسوأ. نتعلم مفرداتنا، عاداتنا، وتقاليدنا وكيفية مشاهدة ومراقبة العالم من حولنا.
نتعلم أيضًا كيف نحب وكيف نتفاعل مع الآخرين، وغيرها من العلاقات المهمة الأولى.
إذا ولدنا في عائلة صحية تتمتع بعلاقات صحية، فمن المحتمل أن نتعلم كيفية الحفاظ على علاقات صحية. أما إذا ولدنا في عائلة مُهتزة تكافح من أجل التواصل، فقد نكافح أيضًا للتواصل مع الآخرين.
تتعرض جميع العائلات تقريبًا لنوع من الخلل الوظيفي في وقت أو في آخر، ومع ذلك فإنّ معظم العائلات تحتفظ أو تستعيد الشعور بالكمال والسعادة.
وهنا تكمن أهمية الإرشاد الأسري الذي يقدّم للعائلات طريقة لتطوير أو الحفاظ على أسرة صحية وعملية.
نقلًا عن موقع علم النفس الإيجابي فالإرشاد الأسري هو شكل من أشكال العلاج المصمم لمعالجة قضايا محددة تؤثر على صحة الأسرة وعملها. يمكن استخدامه لمساعدة الأسرة خلال فترة صعبة، أو تحول كبير، أو مشاكل في الصحة العقلية أو السلوكية لدى أفراد الأسرة.
كما يوضح الدكتور مايكل هيركوف، فإنّ الإرشاد الأسري ينظر إلى مشاكل الأفراد في سياق الوحدة الأكبر، وهي: الأسرة. يفترض هذا النوع من العلاج أنّ المشاكل لا يمكن معالجتها بنجاح أو حلها دون فهم ديناميات المجموعة.
يمكن أن يستخدم الإرشاد الأسري تقنيات وتمارين من العلاج المعرفي أو العلاج السلوكي أو العلاج الشخصي أو أنواع أخرى من العلاج الفردي. كما هو الحال مع أنواع العلاج الأخرى، ستعتمد التقنيات المستخدمة على المشكلات المحددة التي يواجهها العميل أو العملاء.
تعتبر المشكلات السلوكية أو العاطفية عند الأطفال من الأسباب الشائعة لزيارة مرشد أسري. لا يعاني الطفل من مشكلة في الفراغ، بل هو موجود، ويحتاج على الأرجح إلى المعالجة، في سياق الأسرة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ مصطلح "عائلة" في الإرشاد الأسري لا يعني بالضرورة أقارب الدم. فإن "الأسرة" هي أي شخص "يلعب دورًا داعمًا طويل المدى في حياة الفرد، والذي قد لا يعني علاقات الدم أو أفراد الأسرة في نفس المنزل".
ومن أكثر أنواع العلاج الأسري شيوعًا:
- بوينيان: هذا النوع من العلاج الأسري هو الأنسب للحالات التي لا يستطيع أو لا يرغب فيها الأفراد في إشراك أفراد الأسرة الآخرين في العلاج. تم بناء علاج بوينيان على مفهومين أساسيين: التثليث (الميل الطبيعي للتنفيس من خلال التحدث إلى طرف ثالث) والتمايز (نتعلم أن نصبح أقل تفاعلًا من الناحية العاطفية في العلاقات الأسرية).
- الهيكلي: يركز العلاج الهيكلي على تعديل وتقوية نظام الأسرة لضمان سيطرة الوالدين وأنّ كلًا من الأطفال والبالغين يلتزمون بالحدود المناسبة. في هذا الشكل من العلاج، ينضم المعالج إلى الأسرة من أجل المراقبة، ومساعدة وتعزيز قدرة الأسرة على تقوية علاقاتها.
- النظامي: وهو نوع العلاج الذي يركز على الاتصالات والمعاني اللا واعية التي تكمن وراء سلوكيات أفراد الأسرة. المعالج في هذا النوع من العلاج محايد وبعيد، مما يسمح لأفراد الأسرة بالتعمق في قضاياهم ومشاكلهم كأسرة.
- الاستراتيجي: هذا النوع من العلاج مباشر وأكثر إيجازًا من الأنواع الأخرى، حيث يقوم المعالج بتخصيص واجبات منزلية للأسرة. تهدف هذه الواجبات إلى تغيير الطريقة التي يتفاعل بها أفراد الأسرة من خلال تقييم وتعديل الطريقة التي تتواصل بها الأسرة وتتخذ القرارات. يأخذ المعالج موقع القوة في هذا النوع من العلاج، والذي يسمح لأفراد الأسرة الآخرين - الذين قد لا يمتلكون عادةً نفس القدر من القوة- بالتواصل بشكل أكثر فعالية.
ريحانة حبيل
قيادية تربوية