عاصفة السيتوكين وعلاقتها بمرض«كوفيد - 19» ... د.رباب عبدالوهاب

تزايدت الأدلة السريرية على أن السبب الرئيسي للوفاة بين مرضى كوفيد - 19 هو الحالة الخطيرة المعروفة باسم «عاصفة السيتوكين». السيتوكين هو بروتين يستخدم في عمليات نقل الإشارة والتواصل بين الخلايا ويقوم بوظائف هامة أثناء العدوى الفيروسية وأي رد فعل مناعي غير منضبط يؤدي إلى إضعاف المناعة في الجسم.

ورد الفعل المناعي الخارج عن السيطرة يسمى بعاصفة السيتوكين، حيث الخلايا المناعية تصبح غير قادرة على التمييز بين الخلايا المصابة والخلايا السليمة مما يؤدي إلى رد فعل معاكس وبذلك لا تستطيع السيتوكينات المفرطة توجيه الجهاز المناعي بدقة للتخلص من العامل المسبب للمرض وتكون التأثيرات السلبية لعاصفة السيتوكين على كل أجزاء الجسم.

ومرضى كوفيد - 19 تتراوح أعراض إصابتهم من اللاشيء إلى حد الخطورة والسر يكمن في حدوث عاصفة السيتوكين، إذ أن حدوث العاصفة يشكل عاملًا حاسمًا في تفاقم المرض وحدوث الوفاة. وفي الحالات شديدة الخطورة تعج دماء المرضى بمستويات عالية من بروتينات الجهاز المناعي (السيتوكينات) مع تدني في عدد كريات الدم البيضاء وهذا مؤشر على فشل الجهاز المناعي. وتستهدف السيتوكينات المرتفعة عدد كبير جدًا من الخلايا، فيبدأ الجسم في مهاجمة خلاياه وأنسجته (غالبًا الرئة) بدلًا من محاربة الفيروس. عندها تتكسر الأنسجة وتتسرب الحويصلات الهوائية في جدران الرئتين فتمتلئ بالسوائل مما يسبب الالتهاب الرئوي ثم يتبعها متلازمة الضائقة التنفسية وتجويع الدم للأوكسجين. يتزامن مع ذلك حدوث تسريب في الأوعية الدموية وزيادة نفاذيتها وتجلط الدم في مختلف أنحاء الجسم مما يؤدي إلى انسداد مجرى الدم وعدم وصوله لأجهزة الجسم ثم فشل متعدد للأعضاء ثم الوفاة.

ووجد فريق بحثي بكندا في أغسطس 2021، أن مرضى كوفيد - 19 لديهم مستويات مرتفعة من بروتين يسمى «الجالكتين - 9» في بلازما الدم وهو المسؤول عن توجيه الخلايا المناعية لإطلاق السيتوكينات المؤيدة للالتهابات بسرعة استجابة لعدوى كوفيد - 19 عن طريق الارتباط بالخلايا المناعية وإجبارها على إنتاج السيتوكينات. ووجدوا أيضًا ارتباطًا إيجابيًا بين مستويات هذا البروتين والسيتوكينات المؤيدة للالتهابات التي يتم إطلاقها في الدم، والتي يمكن أن تؤدي إلى عاصفة مناعية ضارة. وأشارت نتائج البحث إلى أنه يمكن استخدام مستويات هذا البروتين في الجسم كمؤشر حيوي لتشخيص كوفيد - 19 والإشارة إلى شدة المرض باستخدام دم المريض، ما قد يوفر أداة أخرى غير جراحية لتشخيصه، رغم الحاجة إلى مزيد من الدراسة حول هذا الجانب.

لذا يجب تطوير علاجات تمنع أو تثبط «الجالكتين - 9» لتقليل أضرار العاصفة ومضاعفات المرض وتقليل الحالات الخطيرة التي تتطلب دخول المستشفيات ومنع الوفيات.

 

 

د.رباب عبدالوهاب

أستاذ مساعد ، كلية العلوم الصحية والرياضية

جامعة البحرين


pdfmedical