ابنك التوحُدي يضع الأشياء في فمه! كيفَ تتصرف؟.... زهراء داوود

يُعاني الكثير من أهالي الأطفال المُصابين باضطراب طيف التوحُد من مضغ الأشياء غير الصالحة للأكل كالطين والألعاب الصغيرة والورق، وذلك يُشكل خُطورة كبيرة على صحة وحياة الطفل مما يجعل الوالدين في حالة قلق دائم طِوال الوقت.

عامة الأمراض، كالحمى والصداع على سبيل المثال لها أسبابها والعلاج كذلك هو الحال في السُلوك، فأي سُلوك يطرأ على الطفل المُصاب بأي اضطراب لا بُد من سبب ما لحدوثه، فقبل التفكير بالعلاج عليكَ أن تُحلل هذا السُلوك و تبحث عن أسبابه، ما الذي دفع الطفل لوضع كُل شيء في فمه؟

 

1 – أن الطفل لا يُدرك أن هذه الأشياء غير صالحة للأكل .

2 – أن الطفل لا زال في ما يُسمى بِـ (المرحلة الفمية) يعني أنهُ لا زال في طور إكتشاف الأشياء من حوله.

3- سُلوك وضع الأشياء في الفم لربما عادة منذُ الصغر أو تأتي كسلسلة متواصلة مع سلوك آخر كسُلوك مص الإصبع.

4- في الغالب يعود هذا السُلوك إلى وجود مُشكلة حسية في حاسة التذوق الناتجة عن نقص التكامل الحسي.

5- بعد إطلاعي على بعض الدراسات، يُفسر بعض الأطباء مثل هذهِ السُلوكيات بأنهُ نقص في بعض الفيتامينات بالجسم يعمل على دفع الطفل لتذوق أشياء لا تصلح للأكل يجد فيها الطفل استثارة حسية لحاسة التذوق.

6 – يلجأ بعض الأطفال لهذا السلوك للفت النظر وجذب الإنتباه وطلب الإهتمام من ذويه.

ونأتي الآن للحديث عن كيفية التعامل والحد من حدوثه:

 

1- محاولة التحدث مع الطفل عندما يقوم بمضغ الأشياء غير الصالحة للأكل في فمه، فتمسك بيده وتقول له (لا) ومن ثُم مراقبته لمعرفة ما إن استطاع إدراك أن هذا الشيء لا يُؤكل، وفي حالة الأطفال غير الناطقين فإنهُ بالإمكان إستخدام الـ Behavior card أو الدلائل البصرية التي توجه الطفل إلى أن هذا السُلوك خاطئ مع الإستمرارية في ذلك حتى يتنسى لهُ إدراك أن هذه الأشياء لا تُؤكل، وفي حال إستمرار هذا السُلوك الخاطئ يجب سحب المُعزز وفي حالة الإستجابة الإيجابية يتم إعطاؤه ما يُريد.

 

2- إذا كان الطفل يقوم بمضغ قُصاصات الورق، كبداية قبل البدء بتوجيهه أن الورق لا يُؤكل ويجب إبعاد المُثيرات يعني إبعاد الكُتب والمجلات قدر الإمكان.

 

3- إذا كان الطفل يُمارس هذا السُلوك منذُ الصِغر واعتاد عليه وأصبح من الصعب جداً السيطرة على هذا السُلوك، يلجأ البعض إلى استخدام عشبة (المُرْة) ذات الطعم اللاذع وهي عشبة غير ضارة بالمعدة يتم إذابتها بقليل من الماء، ما إن تمَ وضعها على الأشياء الضارة التي يضعها الطفل في فمه ستجدهُ ينفر تلقائياً من الطعم المُر ويتركها في الحال إلى أن يعتاد ويستوعب أن هذه الأشياء غير صالحة للأكل.

 

 

4- إذا كان الطفل يُعاني من مشاكل حسية، ففي هذه الحالة يجب البدء بإعطاء الطفل طعام قاسٍ إذا كان ينجذب إليه (كالجزر والتفاح) أو أداة المضغ الخاصة بهِ، حتى يُشبع رغبته الجامحة بالعض وإزالة التوتر الذي يُعاني منهُ. ومن هذا المنطلق يتم توجيه الطفل أن هذا الطعام يُؤكل وبالمقابل يتم تعليمه على الأشياء الضارة التي لا تُؤكل والهدف هو غرس الفكرة في عقله حتى يفهمها جيداً ويُفضل البدء بإعطاء الطفل الطعام الذي يُحبه لإشباغ رغبته في العض كتعزيز له.

5- عندما يصف الطبيب فيتامينات لأي طفل، نحنُ كأخصائيين نأخذ بعين الإعتبار ربما يكون عامل مساعد لعلاج الطفل ولكن على الأهل الإنتباه جيداً لنوع الدواء ويعالج أي مُشكلة بالضبط وما هي آثاره الجانبية، ويُفضل أن ينتبه الأهل أن الأدوية التي يصفها الأطباء لا تعالج مثلاً فرط الحركة ونقص الإنتباه نهائياً، حيثُ يفضل البدء بالعلاج السُلوكي.

 

6- قد يكون سُلوك وضع الطفل أي شيء في فمهِ دافع للعناد أو لفت نظر الوالدين لإيصال مشاعره التي لا يستطيع التعبير عنها وجذب إنتباههم، لربما أن لا يشعر بالحب الكافي والإحتواء، حينهما عليكَ أن تٌطوق كلتا ذراعيك واحتويته داخل قلبك ووفرت كل إحتياجاته حتى لا يلجأ لأي سُلوك خاطئ من أجل أن يثير غضبك ويصبح محور اهتمامك إذا قام بهذا السُلوك.

 

وختاماً، في كل مرة يحاول فيها الطفل مضغ شيء غير مناسب فقط قُم بتذكيره بمضغ أداة المضغ الخاصة بهِ بدلاً من الأشياء الضارة، لكن على الأهل التحلي بالصبر لأنهُ من المُمكن أن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لإعادة توجيه وتغيير هذه العادة.

 

إن الطفل المُصاب باضطراب طيف التوحد كأي طفل طبيعي لديهِ احتياجات حسية وقد تكون عن طريق الفم بشكل كبير لذلك يقوم بوضع الأشياء في فمه ويحتاج إلى لحظات مضغ قليلة أو مضغ كبير وشديد، ما إن عرفت سبب وضع الأشياء غير الصالحة للأكل في فمه ستكون قادر على مُساعدته في التخفيف من هذا السُلوك.

 

زهراء داوود

محلل سلوك