التطبيب عن بُعد مواطنون يتمنون استمرارها وتطويرها

 مرت خمسة أشهر منذ الإعلان عن فيروس كورونا COVID – 19 الذي تحول إلى جائحة التي يكافحها العالم بجهود دؤوبة ومستمرة عبر تدابير احترازية مشددة أبرزت خدمة "التطبيب عن بُعد" وجعلتها خيار بديل توظفه الجهات الطبية الرسمية في المملكة سعيًا منها لكبح جماح انتشار المرض.

الظروف الحالية عززت تطبيق العلاج عن بُعد المحدود الانتشار على نطاق واسع؛ فقد أعلنت وزارة الصحة عن تفعيله بتوصيل الأدوية إلى المنازل وتقديم استشارات طبية عبر المكالمات صوتية ومرئية مع المرضى عوضًا عن الحضور الشخصي إلى المستشفيات، ناهيك عن انخراط الكثير من الأطباء في مبادرات تطوعية مجانية لتقديم استشارات طبية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

 

 

خدمات مفيدة

اختصاصي مصادر التعلم بوزارة التربية والتعليم، حمزة عيد أحمد (45 عامًا) يرى أن مبادرة الأطباء في تقديم استشارات طبية تطوعية مجانية أمر يشكرون عليه، وقال: "شاهدتُ بثًا مباشرًا عبر الانستغرام أدارته طبيبتان ضمن مبادرة أطباء الواجب، وأتيحت فرصة طرح الأسئلة والإجابة عليها، وإثر ذلك استفدت فعلًا بعد معرفتي لمدى خطورة تعرض ابني الذي يعاني من الفشل الكلوي للعدوى بفيروس كورونا".

ويشيد حمزة بالخدمات الصحية التي يقدمها مستشفى السلمانية من قبيل الاستشارات الطبية عبر الهاتف وتوصيل الأدوية إلى المنازل، مؤكدا "تم الاتصال بي هاتفيًا مرارًا من قبل الأطباء المختصين لمتابعة تطورات حالة كل من ابني محمد المصاب بالفشل الكلوي، وابنتي فاطمة التي تعاني من إعاقة ذهنية".

ويضيف:"طلبتُ الأدوية والمكملات الغذائية من موقع وزارة الصحة ووصلتني خلال يومين فقط، هذه الخدمات سريعة ومفيدة جدًا لذلك أفضل الاستمرار في تقديمها حتى بعد انتهاء كورونا خصوصًا للمصابين بأمراض مزمنة".

 

اتصال سلس

أما مشرف الجودة، أحمد جعفر علي  (42 عامًا)، فيلفت إلى أن رسائل وزارة الصحة النصية ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي عرّفته على هذه الخدمة، مبينًا أنه تلقى استشارة طبية واحدة عبر اتصال هاتفي كان "سلسًا نوعاً ما لأني أجريتُ أشعة قبل الاتصال بشهرين تقريباً، وقد كنتُ أترقب المكالمة لهذه الخدمة الجديدة".

ويضيف موضحًا: "أتذكر قبل إجراء العملية بيوم واحد اتصل الدكتور المعالج بي وسألني: هل تم الاتصال بك من المستشفى لإجراء العملية؟ كان الجواب بالنفي، ثم سأل: هل يمكنك الحضور غداً؟  أجبته بنعم. فأجريتُ العملية".

ويؤكد أحمد أنه لا يفضل الاستمرار في تقديم هذه الخدمة بعد القضاء على كورونا "لأن الحديث المباشر مع الطبيب المعالج يعطي نتائج أفضل من التواصل معه عن بُعد".

 

استشارة مرتقبة

طالبة الثانوية، زينب يوسف علي (17 عامًا)، تشير إلى أنها كانت تترقب اتصال هاتفي من المستشفى بعد معرفتها من وسائل التواصل الاجتماعي بأن وزارة الصحة ستقدم خدمة التطبيب عن بُعد، موضحة بأنها "تلقت استشارة طبية واحدة عبر الهاتف كانت مفيدة وتفي بالغرض، لكني لا أؤيد الاستمرار بفعل ذلك بعد القضاء على كورونا لأن العلاج المباشر مع الطبيب أسهل بكثير من مكالمة تجرى عبر الهاتف".

 

 

تخبط بسيط

موظف وزارة المواصلات والاتصالات، حسن عبد العزيز (34 عامًا) يذكر أنه عرف عن خدمة التطبيب عن بُعد من موقع وزارة الصحة والمصادر الرسمية في المملكة، مبينًا أنه تلقى استشارة طبية وصفها بالجيدة لكنه لم يكن مستعدًا لها "فقد كان لابني موعد ولم أصطحبه ذلك اليوم إلى مستشفى السلمانية بسبب جائحة كورونا، واتصلت بي الدكتورة لتخبرني عن نتائج التحاليل والمتابعة ووضع ابني حاليًا".

ويوضح حسن:"حدث تخبط بسيط بسبب إن الخدمة تقدم لأول مرة، فقد أخبرتني الطبيبة بأنه سيتم التواصل معي لموعد طبي، وأنني أستطيع مراجعة صيدلية المركز لاستلام الأدوية، وأنه توجد اختبارات مخبرية تجرى لابني قبل الموعد القادم، وهذا ما لم يحدث إذ راجعت صيدلية المركز بعد مدة فلم أجد وصفة حديثة للأدوية، ولم يتواصل أحد معي بشأن الموعد؛ مما دفعني للاتصال بالرقم الذي أعلنته الوزارة مؤخرًا، فحدد لي موعد قريب جدًا وأخبروني أن الطبيب سيتصل بي ولا حاجة للحضور الشخصي".

ويؤيد حسن استمرارية عمل هذه الخدمة بعد انتهاء الجائحة، قائلاً: "أتمنى أن تطور بحيث لا يكون هناك داع للاتصال، إنما لحجز المواعيد إلكترونيًا، ويفضل أن تقدّم الخدمات الصحية للوزارة في تطبيق شامل على الأجهزة الذكية يتيح حجز مواعيد العلاج وإجراء الأشعة في المختبر وغيرها".

 

 

مكالمة توقظني

خريجة المحاسبة، فاطمة عطية أحمد (25 عامًا) تقول إن خدمة التطبيب عن بُعد التي عرفت عن تطبيقها، ولم تتفاعل معها أوضحت: "سمعتُ الناس تتحدث عن الخدمة الجديدة لكني لم أصدق هذه الأقاويل، ثم تذكرتُ بأن لدي موعد في مستشفى السلمانية الطبي بتاريخ 20/4/2020 وقلتُ في نفسي إن كان ذلك صحيحًا فسيتصلون بي حتماً".

وتضيف: "لم يخطر في ذهني عندما جاء أبي يوقظني ليخبرني بورود اتصال لي، أن الاتصال قادم من المستشفى، فسارعتُ بالنهوض وأخذتُ الهاتف وإذا هي طبيبتي زينب الجفيري تعلمني أنه في ظل هذه الظروف لا توجد مواعيد حضور شخصي، ثم شرحتُ لها حالتي ووضعي الصحي وأخبرتني بأنها سجلت لي الأشعة والتحاليل، وأن عليّ متابعتها لدى المركز الصحي التابع لمنطقتي عند الانتهاء من فترة وباء كورونا".

وتصف عطية الاستشارة الطبية التي تلقتها عبر الهاتف بالسلسة والبسيطة، مشيرة إلى أنها تفضل الاستمرار في هذه الخدمة بعد انحسار كورونا لمتابعة الأمراض البسيطة التي لا تستدعي الحضور الشخصي للمستشفيات.

 

 

تقنية واعدة

اخصائية الطب العام والجراحة العامة د. كميلة الماجد التي قدمت استشارات طبية مجانية عبر الانستغرام، ترى أن تكنولوجيا الطب عن بُعد تعد بتحسين نتائج المرضى وتخفيف عبء الزيارات عليهم، مبينة "في عصرنا الحالي نمارس المهنة في وقت الابتكار التكنولوجي السريع، ولكن من الضروري دمج هذه التكنولوجيا في الممارسة الطبية بأكثر الطرق أمانًا وكفاءة، ومعرفة من الذي يجب أن يستخدمها لتحسين نتائج المرضى مع تجنب الأضرار، وهذا بحد ذاته مجال هام من مجالات الاستفسار أو التطبيب عن بُعد".

وتؤكد د.الماجد أن ثمة أدلة تشير إلى أن المرضى الذين يعانون من حالات مزمنة معينة والذين يشاركون في تقنيات التطبيب عن بُعد قد حسّنوا النتائج بشكل معتدل" واستدركت قائلة: "مع ذلك، فإن هذه النتائج تحذر من أن التطبيب عن بُعد ليس مناسبًا لجميع المرضى في جميع الأوقات من أي مقدم رعاية صحية".