دعت استشاري أمراض النساء والولادة والعقم وأطفال الأنابيب د. سميرة مدن النساء الحوامل لمراقبة حملهن بالتسلح بالثقافة الصحية اللازمة ومراجعة الطبيب المختص. وقالت أن مراحل الحمل تتطلب رقابة ورعاية للتدخل المبكر إن لزم الأمر.
وأوضحت المدير الطبي لمركز إيفا الطبي أن المشيمة التي تحفظ الجنين وتمده بالأوكسجين والغذاء قد تتحرك من موضعها الطبيعي، وواصلت: "تحرك المشيمة قد يؤثر على الحمل ونوع عملية الولادة، لكن التعايش مع هذا الوضع ومتابعة المستمرة مع الطبيب المختص يجنب الحامل المضاعفات بإذن الله".
"الطبي" حاورت د. سميرة مدن حول أسباب تحرك المشيمة، ومضاعفاته، والرعاية الطبية التي تنتهي بولادة جنين في موفور الصحة في الأسطر التالية:
ما هي المشيمة وما هي وظيفتها؟
المشيمة هي كتلة من الأنسجة والأوعية الدموية تتكون مع تكون الجنين وينمو حجمها بنمو مع تقدم مراحل الحمل، وتتصل بالرحم ويخرج منها الحبل السري الذي يغذي الجنين بالأوكسجين والغذاء اللازم لنموه طوال فترة الحمل.
ما هو الشكل الطبيعي للمشيمة ؟
يكون الوضع الطبيعي لتكون المشيمة داخل الرحم في الأعلى بعيدًا عن عنق الرحم وأسفل البطن، وذلك هو الوضع الأمثل والطبيعي والشائع بين جميع النساء خلال فترة الحمل، ويسمح بالولادة الطبيعية والقيصرية للجنين دون مضاعفات. وبعد أن يتم توليد الجنين بسلام يقوم الطبيب بإخراج المشيمة من الرحم خلف الجنين مباشرة.
متى يمكن تحديد وضع ومكان المشيمة بشكل دقيق؟
كما ذكرنا من قبل فإن المشيمة تتكون منذ بدء تكون الجنين في الرحم، وتنمو وتكبر بمرور شهور الحمل ونمو الجنين، ويكون وضعها ومكانها واضحًا جدًّا منذ الشهر الرابع للحمل، ولكن عادة لا يُجزم الأطباء بوضعها ومكانها النهائي قبل الأسبوع الـ 28 للحمل، أي قبل حلول نهاية الشهر السابع تقريبًا، لأنها في ذلك الوقت تكون قد اتخذت الوضع المستقر والدائم حتى الولادة بنسبة 90 %.
في ذلك التوقيت يحدد الطبيب مكان المشيمة، فإما أن تكون في وضعها الطبيعي أعلى الرحم، أو في بعض الحالات الاستثنائية تتكون في أسفل الرحم منذ بداية الحمل، وتظل هكذا حتى موعد الولادة وتسمى حينها المشيمة النازلة أو المتقدمة أو الأمامية.
ماذا يعني نزول المشيمة؟ وما تأثيره على الحمل والولادة؟
وضعية المشيمة النازلة تمنع الأم من الولادة الطبيعية أو في أحسن تقدير تقلل فرص حدوثها لتجنب حدوث النزيف - لا قدر الله - وقت الولادة، ويكون القرار الأمثل هو الخضوع للقيصرية. وتؤثر كذلك وضعية المشيمة على وصول الغذاء بشكل طبيعي وكافٍ للجنين، ولكن يمكن تجنب ذلك تمامًا بالمتابعة الدورية بأشعة "الدوبلر" في كل مرة للتأكد من سلامة الدورة الدموية للمشيمة.
ما هي أوضاع المشيمة النازلة؟
لها وضعان رئيسيان، الوضع الأول:
المشيمة النازلة بشكل جزئي، وفي هذه الحالة تكون المشيمة متقدمة عن الجنين أي في وضع أمامي ولكنها لا تغطي عنق الرحم بالكامل بل بشكل جزئي.
وفي هذه الحالة بنسبة كبيرة ترتفع المشيمة مرة أخرى لأعلى عنق الرحم مع تقدم الحمل وكبر حجم الرحم والجنين فيجذبها لأعلى مرة أخرى، ولذلك في هذه الحالة لا يُجزم الطبيب بوضع المشيمة النهائي قبل الشهر الثامن لأن احتمالية ارتفاعها تكون عالية جدًّا.
الوضع الثاني:
المشيمة النازلة بالكامل، وهي المشيمة المتقدمة التي تغطي عنق الرحم بالكامل وتسده، وإذا كان هناك ولادة قيصرية سابقة للأم فإن هذا الوضع للمشيمة يغطي مكان جرح الولادة الأولى أيضًا.
ويكون في أسوأ حالاته إذا كانت المشيمة ملتصقة بجدار الرحم مكان الجرح القديم، في هذه الحالة لا تتحرك من مكانها مهما تقدم الحمل وكبر حجم الرحم والجنين.
بل إن نسبة الخطورة تكون في أعلى معدلاتها من حيث حدوث نزيف - لا قدر الله - أو حدوث انفصال للمشيمة مع نمو الجنين، أو عدم وصول الدم والغذاء والأوكسجين بشكل كافٍ لنمو الجنين واكتمال الحمل، وهذه الحالة تتطلب متابعة دورية ودقيقة من الطبيب حتى موعد الولادة لتجنب المضاعفات السيئة.
ما هي أسباب المشيمة النازلة أو الأمامية؟
النزيف المهبلي دون ألم هو العرض الرئيسي للمشيمة النازلة، والذي يكتشفه الطبيب لاحقًا بالسونار العادي أو أشعة رباعية الأبعاد D 4 .
بشكل عام لا يوجد سبب مباشر لتكون المشيمة في الجدار الأمامي للرحم أي حدوث المشيمة النازلة، ولكن هناك بعض العوامل التي تزيد من فرصة تكون المشيمة النازلة، وهي:
- إجراء جراحات سابقة في الرحم مسببة ندبات واضحة.
- الولادة القيصرية السابقة وحدوث التصاقات في الرحم.
- تقارب الوقت بين موعد الولادة القيصرية والأخرى.
- الحمل بأكثر من جنين مثل التوائم الثنائية والثلاثية.
- الإصابة بحالة المشيمة النازلة نفسها في حمل سابق.
- القيام بمجهود مضاعف في أثناء الحمل.
- إصابة الأم بالضغط أو السكر، أو كان عمرها فوق 35 سنة.
- التقليح الصناعي.
- وضع الرحم غير الطبيعي (الرحم المقلوب).
كيف يمكن التعامل مع نزول المشيمة؟
- الراحة التامة وتجنب المجهود والحركة المفاجأة وصعود أو نزول السلالم.
- أخذ الفيتامينات والمقويات اللازمة وقت الحمل، والمتابعة الدورية مع الطبيب بشكل مستمر.
- تجنب السفر وقيادة السيارة لمسافات طويلة.
- التقليل من ممارسة الجماع - إذا طلب الطبيب - عند حدوث نزيف أو استمر وضع المشيمة حتى الثلث الأخير من الحمل لتجنب النزيف الشديد.
ماذا يعني الانفصال المبكر للمشيمة؟
يُعد انفصال المشيمة أحد أهم المشكلات التي تحدث خلال فترة الحمل، وهو عبارة عن خروج المشيمة عن جدار الرحم في وقت مبكر قبل الولادة، وكما نعلم فالمشيمة هي الجهاز المسؤول عن توصيل الغذاء والأوكسجين من الأم إلى الطفل طوال فترة الحمل، وهي تتكون بمجرد حدوث الحمل.
متى يمكن حدوث هذه المشكلة؟
عادة تحدث هذه المشكلة في الثلث الأخير من الحمل، ولكن يمكن أن تحدث في أي وقت بعد الأسبوع 20 من الحمل، ويطلق عليها الأطباء "الانفصال المبكر للمشيمة".
ما هي أسباب الانفصال المبكر للمشيمة؟
لم يجد الأطباء أسبابًا واضحة لمثل هذه الحالة، ولكن هناك بعض التصرفات الخاطئة التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بهذه المشكلة، ومنها:
- ارتفاع ضغط الدم - أكثر الأسباب شيوعًا - التي تؤدي إلى انفصال المشيمة عن جدار الرحم في وقت مبكر، سواء كان نتيجة الحمل أو أنه موجود معكِ كعرض مزمن.
- إذا كنتِ قد عانيت من انفصال مبكر للمشيمة في حمل سابق، فأنتِ أكثر عرضة له في الحمل التالي.
- التدخين.
- إذا كان عمرك أكبر من 35 سنة.
- إذا كنتِ تعانين من تمزق في الأغشية المحيطة بالرحم.
- إذا كانتِ كمية السوائل المحيطة بالجنين قليلة.
- وجود إصابة في الرحم نتيجة لصدمة أو حادث.
ما هي أعراض الانفصال المبكر للمشيمة؟
- نزيف مهبلي مستمر حتى وإن كان بنسبة خفيفة، يجب عليكِ استشارة الطبيب على الفور. انقباضات فجائية ومؤلمة في الرحم تجعلك تشعرين بعدم الراحة، مثل انقباضات الولادة التي يصاحبها آلام أسفل الظهر.
- ألم مستمر في البطن.
كيف يمكن تشخيص الانفصال المبكر للمشيمة وعلاجه؟
من الصعب تشخيص الطبيب لهذه الحالة، ولكن إذا كانت لديكِ أحد الأعراض السابقة، فعلى الطبيب أن يتأكد من خلال عمل هذه الفحوصات:
- الفحص بالموجات فوق صوتية التي ستوضح جزء من المشكلة إن وجدت.
- تحليل دم لاكتشاف، إذا كنتِ تعانين من فقر شديد في الدم (أنيميا حادة).
- مراقبة نبضات الجنين والتأكد من سبب حدوث التقلصات في الرحم إن وجدت.
- إذا اشتبه الطبيب في إصابتك بانفصال المشيمة في وقت مبكر، يجب عليكِ الذهاب للمستشفى لعمل اللازم تحت رعاية طبية متكاملة وأخذ الأدوية، والمكملات التي يصفها الطبيب لأهميتها في محاولة علاج المشكلة والأعراض، أما في حالة عدم استجابتك للدواء أو وصول المشيمة لدرجة لا يمكن معها العلاج مثل استمرار النزيف، ففي الغالب ستخضعين لولادة قيصرية مبكرة.
كيف يمكن تجنب حدوث مشكلة انفصال المشيمة المبكر؟
من الممكن حدوث هذه المشكلة حتى وإن كانت صحتك جيدة ولا تعانين عرضًا سابقًا، فلا يوجد سبب مؤكد لحدوثها، ولكن أيضًا يمكنك اتباع بعض التعليمات لمزيد من الوقاية، ومنها:
- الابتعاد تمامًا عن التدخين.
- معالجة ارتفاع ضغط الدم ومتابعة ضغطك باستمرار.
- إجراء الفحوصات بشكل منتظم خلال فترة حملك.
- لا تهملي تناول حمض الفوليك، الذي يصفه لك الطبيب يوميًا خلال فترة حملك بالكامل.
ما هي كلمتكِ الأخيرة في هذا الشأن؟
وأخيرًا، إذا كنتِ في بداية حملك وأخبركِ الطبيب بأنكِ تعانين من وضع المشيمة النازلة، فلا تقلقي، غالبًا سترتفع بعد ذلك بشكل طبيعي للأعلى إذا كانت غير منغرسة بجدار الرحم الأمامي، وحتى إذا لم يحدث وتابعت حملك بشكل طبيعي حتى الشهر التاسع دون مضاعفات سابق ذكرها وكانت حالة جنينك جيدة ومكتمل النمو، سيتخذ طبيبك قرار الولادة القيصرية بشكل نهائي، تجنبًا لحدوث نزيف قوي يهدد حياتك أو حياة الطفل وقت الولادة.