هل الحكة مشكلة جلدية أم باطنية؟ د.علي العجمي

الحكة هي أكثر الأعراض شيوعًا وأكثرها تعقيدًا والتي ما زال الأطباء والعلماء إلى يومنا هذا يكتشفون أشياء جديدة فيها وبشكل شبه يومي. يعرف العلماء الحكة بأنها شعور غير محبب يصيب الجلد وينتقل عبر الأعصاب كالألم تقريبًا ولكن بشكل أكثر تعقيدًا لوجود جوانب مناعية وكيميائة مصاحبة له.  

القفز إلى العلاج  بمجرد الشعور بالحكة ودون معرفة السبب الحقيقي من ورائها سواء بالفحص الاكلينيكي أو المخبري يعتبر مضيعة لوقت المريض وأيضًا للأسف نوع من أنواع التهور لأننا لن نستطيع علاجها دون معرفة أصل المشكلة من خلال معالجة جذورها وإيقاف الأسباب وليست الأعراض فهناك فرق كبير بينهما.

الحكة لها العديد من الأسباب، قد تكون أسباب جلدية أولية وتكون ظاهرة بشكل واضح على الجلد كمرض الإكزيما والأرتيكاريا والصدفية، أو أسباب قد تكون مصاحبة للأمراض الباطنية كمشاكل الكلى والكبد أو الغدد الصماء والتي تكون فيها الحكة في بعض الأحيان شديدة ومن دون ظهور طفح جلدي واضح على الجلد ومنتشرة في كامل الجسم.

هناك أسباب أخرى لها علاقة بمشاكل الأعصاب أو بعض الأمراض النفسية والتي قد تشكل تحدي وصعوبة في علاجها بشكل كامل فهي بحاجة إلى تعاون الأطباء من الاختصاصات المختلفة للوصول لعلاج يخفف معاناة هؤلاء المرضى.

أحد الأسباب النادرة نوعًا ما ولكن تشكل خطورة كبيرة على حياة المريض وهي سرطانات الغدد الليمفاوية (Hodgkin Lymphoma) حيث تكون الحكة أول الإشارات أو إنذارات الخطر لهذه المشكلة والتي تحتاج لتحويل سريع إلى المختصين في هذا المجال.

بعض أنواع الأطعمة كالحليب والبيض وبعض أنواع الخضراوات والفواكه قد تكون سببًا في ظهور حكة بالجسم وهذه الحالة تسمى الأرتيكاريا والتي تتدرج في خطورتها من مجرد طفح جلدي وحكة بسيطة في الجلد إلى انتفاخات بالفم والشفتين وتضيق بالقصبة الهوائية وضيق بالنفس ومن ثم هبوط حاد بالدورة الدموية. الجدير بالذكر إن الأطعمة تشكل فقط 1% من مسببات الأرتيكاريا وهناك 99% سبب آخر غيرها! 

لذلك لا يجب دائمًا ربط الحكة بنوع الغذاء إلا إذا ظهرت الأعراض بعد الأكل خلال ثوانٍ أو دقائق وليس ساعات أو أيام وعادة تختفي هذه الحكة من المكان الواحد بالجلد خلال أقل من 24 ساعة.    

السؤال الآن متى يستوجب على المريض المصاب بالحكة أن يذهب إلى طبيب الجلدية؟

هناك 5 سيناريوهات إذا حصل أحدها للمريض تستوجب مراجعة طبيب الجلدية:

1) إذا كانت مستمرة لمدة أسبوعين أو أكثر دون تحسن مع استخدام الكريمات المرطبة الموجودة في المنزل

2) إذا كانت الحكة حادة جدًا بحيث تعيق النوم وتؤثر على نفسية المريض أو على ممارسة أنشطته اليومية

3) إذا كانت الحكة منتشرة بكامل الجسم

4) إذا كانت هناك أعراض مصاحبة للحكة كنزول الوزن السريع وفقدان الشهية أو التعرق الزائد أثناء النوم أو حرارة، هنا يحتاج المريض الذهاب بشكل طارئ إلى طبيبه المختص لأن هذه الأعراض بالغالب قد تكون إشارات لنشاط سرطاني

5) إذا ظهرت الحكة بالجسم بشكل مفاجئ ودون أي سبب واضح

 

ماهو العلاج وما أهم النصائح الواجب اتباعها فترة الحكة؟

علاج الحكة يبدأ دائمًا في البحث عن المسبب وإزالته والتي قد يتطلب إجراء العديد من الفحوصات السريرية والمخبرية من خلال الطبيب المختص، ولكن هناك عدة طرق يستطيع المريض القيام بها في البيت لتخفيف أعراض الحكة:

  • الكمادات الباردة واستخدام الثلج أو أخذ حمام بارد
  • الكريمات المرطبة الموجودة بالصيدليات كالفازلين أو غيرها
  • الكريمات التي تحتوي على مادة Pramoxine والتي تعمل على ايقاف الاشارات العصبية المسؤولة عن انتقال الحكة وبالتالي التخفيف من حدتها وبطريقة آمنة للمريض
  • الكريمات التي تحتوي على مادة Camphor أو  Menthol لها تأثير ممتاز في تخفيف الحكة والتي تعمل على مستقبلات الحكة في أعصاب الجلد الطرفية
  • هناك العديد من الكريمات والحبوب التي تؤخذ عن طريق الفم أو بعض الحقن والتي تحتاج إلى وصفة من الطبيب المختص ولكن لا يتم إعطائها للمريض إلا بعد الفحص الكامل ومعرفة السبب الرئيسي للحكة
  • وأخيرًا العلاج الضوئي حيث تبين من خلال العديد من الدراسات بأن له تأثير كبير في تخفيف الالتهابات في الجلد بشكل عام والحكة بشكل خاص      

 ختامًا، ما زال العلماء لا يعرفون الكثير من الأسباب للعديد من الأمراض، وهذا الأمر ليس مقتصرًا على الأمراض الجلدية وإنما أغلب التخصصات الطبية الأخرى ما زلنا نجهل أسباب ظهور الأمراض عند بعض الأشخاص دون آخرين على الرغم من التطور العلمي الهائل في علاج وتشخيص أغلب هذه الأمراض، وهذه من النقاط التي تستحق التفكر سواء من جانب الأطباء أو المرضى، فجسم الإنسان هذا الإعجاز والابداع الرباني الذي خلقه الله سبحانه وتعالى لا يمكن لعقل الإنسان المحدود مهما بلغ من العلم أن يدرك تفاصيله بالكامل فكما قال الله سبحانه وتعالى ( وَما أوتيتُم مِنَ العِلمِ إِلّا قَليلًا).  

 

 

د.علي العجمي

إختصاصي أمراض جلدية

دولة الكويت