كيف تنتقل الأوبئة سريعًا؟

في غضون بضعة أسابيع فقط من تفشي فيروس كورونا، اُشتبه بانتشاره في أكثر من 16 دولة. واتساع الانتشار ليصل حتى الرابع من فبراير الجاري إلى 23 دولة.

فكيف تنتقل الجراثيم بسرعة بين الحدود من الشرق للغرب ؟

سؤال أجاب عليه تقرير للصحفية في بي بي سي ستيفاني هيغارتي أشارت فيه إلى دور وسائل المواصلات الحديثة، والكثافة السكانية، وأنماط التغذية في سهولة انتشار الأوبئة بشكل سريع.

وقالت: "الحقيقة البسيطة إننا نعيش على هذا الكوكب بكثافة سكانية أكبر من أي وقت مضى، إذ يبلغ عدد سكان العالم حالياً 7.7 مليار نسمة، وهذا الرقم في تصاعد مستمر. ونحن نعيش أقرب فأقرب إلى بعضنا البعض". وأضافت: "بوجود وسائل النقل كالطائرات والقطارات والسيارات، يمكن للفيروس أن ينتقل إلى جميع بلدان العالم في أقل من يوم واحد".

في عام 2019، نقلت شركات الطيران 4.5 مليار مسافر. وهذا ضعف العدد الذي يقارب 2.4 مليار قبل عقد من الآن.

مدينة ووهان الصينية حيث ظهر الفيروس تعد محطة رئيسية لخطوط سكك الحديد عالية السرعة في الصين. وظهرت حالة الإصابة بالفيروس في الوقت الذي كانت تستعد فيه الصين لحركة بشرية واسعة في التاريخ. إذ كانت تنظم أكثر من ثلاثة مليارات رحلة عبر البلاد بمناسبة رأس السنة الصينية الجديدة.

حركة الانتقال السريعة عبر الحدود هي ما يفسر انتشار المرض خارج حدود فالمصابين بالمرض أما صينيون سافروا إلى خارج بلادهم أو مواطنون عادوا إلى بلدانهم من الصين.

وقارنت هيغارتي بين انتشار الأوبئة في الوقت الراهن وانتشارها سابقًا، مشيرة إلى جائحة الإنفلونزا الإسبانية التي حدثت في أعقاب الحرب العالمية الأولى واصفة إياها بأنها أحد أسوأ الأوبئة التي سجلت على الإطلاق.

وقالت: "تفشت الإنفلونزا الإسبانية في أوروبا في نهاية الحرب العالمية الأولى التي كثرت فيها الهجرات الجماعية. وأثناء انتشاره، عاد الجنود إلى مواطنهم جالبين معهم الفيروس". وأضافت: "لقد جاؤوا بالفيروس إلى مجتمعات لم تأخذ أي احتياطات، فحدث أن اقتحم الفيروس جهاز المناعة لدى السكان فجأة".

وتقول إحدى الدراسات التي أجراها عالم الفيروسات، جون أوكسفورد، إن مصدر الفيروس كان معسكراً مؤقتاً ينطلق منه ما يربو على مئة ألف جندي يومياً.

وانتشر الوباء إلى جميع أنحاء العالم تقريباً وقتل ما بين 50 و 100 مليون شخص، قبل عصر السفر جوًا.

ومع ذلك، انتشرت الإنفلونزا الإسبانية في جميع أنحاء العالم، خلال 6 إلى 9 أشهر.

وأشارت: "لكن في عالم يمكننا فيه السفر حول الكوكب بأكمله في يوم واحد، يمكن أن ينتشر فيروس إنفلونزا جديد بسرعة أكثر بكثير".

وأوضحت فيما يتعلق بأنماط الغذاء قائلة: "إيبولا، سارس، والآن فيروس كورونا في ووهان، كلها فيروسات ذات مصدر حيواني، انتقلت من الحيوانات إلى البشر".

وفي هذه الأيام، هناك حوالي ثلاثة أمراض جديدة حيوانية المصدر من أصل أربعة.

وقالت: "إن رغبتنا في تناول اللحوم آخذة في الازدياد في جميع أنحاء العالم، وتتوسع التربية الحيوانية كلما زاد ثراء العالم أكثر، كما تطورت الحميات الغذائية التي تعتمد على اللحوم أكثر". وواصلت: "تميل فيروسات الإنفلونزا إلى الانتقال للبشر عن طريق الحيوانات الأليفة، وبالتالي فإن احتمال اتصال الحيوانات المصابة مع البشر آخذ في الازدياد أيضاً".

العوامل الثلاثة المساعدة على الانتشار السريع للفيروسات تبدو مقلقة، ولكن هناك مؤشرات إيجابية أولها أن منظمة الصحة العالمية مع اطلاقها التحذيرات إلا أنها لم تصنف الحالة وباءً عالميًا حتى كتابة هذا التقرير.