مرحلة الشيخوخة وأبرز تغيراتها ...حسين محمد علي آل ناصر

اهتم علم نفس النمو بمختلف المراحل النمائية للإنسان منذ الحمل حتى مرحلة الهرم ثم الوفاة، وقد أولى اهتمامًا كبيرًا بمرحلتي الطفولة والمراهقة وأبلى حسنًا في ذلك، ورغم ذلك لم يعط الباحثون المسنين ولا مرحلة الشيخوخة حقهما من البحث والاهتمام، مما انعكس بشكل سلبي على فهم هذه المرحلة وتغيراتها واحتياجاتها وبرامجها.

تتسم مرحلة الشيخوخة بتغيرات نفسية وجسمية تؤدي لخلل يصيب العمليات الحيوية الدقيقة، وقد يرافق ذلك ضعفًا وانحدارًا جسميًا عامًا.

يعد الشخص مسنًا عند بلوغه ثمانين عامًا أو أكثر، وكان المعيار السابق يعتبر ابن الخمسين عامًا مسنًا في بدايات القرن العشرين، ومع التقدم العلمي والتطور في الخدمات المقدمة لهذه الفئة في القرن الواحد والعشرين، بالإضافة لتقدم فرع علم نفس النمو ازداد الاهتمام بهذه المرحلة وتغير تصنيفها، وذلك يعود لعوامل متعددة منها ما هو نفسي ومنها ما هو ليس كذلك.

من الجدير بالذكر، أنه لوحظ في السنوات الأخيرة ازدياد في أعمار المسنين والفضل في ذلك يعود للتقدم الطبي ومكافحة الأمراض المزمنة بالإضافة للتغيرات في نمط الحياة، وبالمقابل فإن هذه الزيادة في العمر تحتاج لبرامج تحسن من حياتهم وتضفي لها قيمة ومعنى.

تتأثر أجهزة جسم المسن جميعها وتحدث فيها تغيرات متعددة، ورغم أن التغير نسبي ويختلف من مسن لآخر، إلا أن القاسم المشترك هو أن معظم هذه التغيرات تحتاج لمساعدة ودعم وربما تدخل وعلاج.

يعد الجهاز العصبي الحسي الأكثر خطورة وتأثرًا عند المسن حيث تتأثر الحواس جميعها بلا استثناء، وإن كان للسمع والبصر نصيب الأسد من هذا التأثر، ورغم أن هذا التأثر يحدث بشكل تدريجي، إلا أن فقدان حاسة ما بشكل كلي يصبح معيقًا.

علاوة على ذلك تظهر التجاعيد ويشيب الشعر، كما تظهر تغيرات في المشي وتثقل الحركة، ويلاحظ عليه تراجعًا وظيفيًا في جهاز المناعة والجهاز الدوري والدموي.

أما الأقل تأثرًا بالتقدم في العمر هما الجهاز الهضمي والجهاز البولي، حيث إن خلايا الجهاز الهضمي تستبدل وتتجدد.

يتأثر (زمن الرجع)  مع التقدم في السن وقد يعود ذلك لمشكلات في الخلايا العصبية ووظيفتها فنجد المسن يحتاج وقتًا أطول للاستجابة بعد ظهور مثير ما، وهذا ملاحظ بشكل واضح في تأخر الاستجابة لإيقاف فرامل السيارة عندما يستدعي الأمر ذلك.

التغيرات المعرفية تأخذ نصيبها من مجمل التغيرات أيضًا، لذا نجد تأثرًا في الأداء العام في اختبارات الذكاء بينما تبقى الدرجات اللفظية ثابتة في هذه الاختبارات، بالإضافة إلى ذلك فإن المسن يجد صعوبة في إدخال المعلومات في الذاكرة طويلة المدى واسترجاعها.

تتدهور القدرات العقلية للمسن ويصاحب ذلك اضطرابات انفعالية تحدث نتيجة أمراض عضوية أو اختلال في الدماغ، ويعرف ذلك بالخرف وهو أنواع كثيرة يظهر عند صاحبها القلق والهلاوس والضلالات ومشكلات في التفكير المجرد واضطرابات النوم، بالإضافة لمشكلات في اللغة والكلام.

الوعي بهذه المرحلة والتدخل الفعال مع المسن يمكن أن يساهم في صحة نفسية وجسمية أفضل وعمر أطول وجودة حياة وصحة نفسية.

السبيل إلى تحقيق ذلك يكون من خلال إدماجه في المجتمع ومساعدته في ممارسة هواياته، بالإضافة إلى إدراك أن هذه المرحلة تحتاج لصبر على المسن مع إعطائه الوقت الكافي للإنجاز وتقبل أسئلته من دون صراخ أو توبيخ.

 

حسين آل ناصر

ماجستير علم النفس الإكلينيكي

المملكة العربية السعودية