هناك علاقة وثيقة بين الأمراض والأعراض النفسية وأمراض الخرف العصبية، فالإصابة بالإكتئاب المزمن في سن مبكرة قد يعد عامل خطورة للإصابة بمرض ألزهايمر، كما أن مرضى ألزهايمر عادة ما يعانون من اضطرابات المزاج في المراحل المبكرة من المرض ومن الأوهام في المراحل المتقدمة، ومشاكل الإكتئاب نفسها قد تزيد من حدة أعراض النسيان.
ومن الصور المهمة لهذه العلاقة الخلل السلوكي عند كبار السن (Mild Behavioral Impairement) وهو مصطلح يدل على أي أعراض نفسية وسلوكية تطرأ على من يتجاوز الخمسين عامًا لمدة تتجاوز الست شهور. تكمن خطورة هذا الأمر في أن هذه الأعراض قد تكون مؤشرا للإصابة بأمراض الخرف خاصة لو لم يكن هناك تاريخ مرضي سابق للإصابة بأي أمراض نفسية ولو كانت هذه الأعراض النفسية تحدث لأول مرة للمريض بعد هذا السن.
كمثال على هذا الأمر الإصابة بالإكتئاب لأول مرة بعد الخمسين عامًا قد يكون أول أعراض مرض ألزهايمر بدلًا عن مشاكل الذاكرة التي عادة ما تكون أول ما يشكو منه المريض.
ومثال آخر هو الهلاوس البصرية والأوهام كأن يظن المريض أن هناك غرباء يعيشون في بيته قد يعد أول علامات الإصابة بخرف أجسام لُوِّي (Dementia with lewy bodies) الذي يرتبط بأعراض الباركنسن والتفاوت القوي في درجة التركيز على مدار اليوم.
وأخيرًا وليس آخرًا التغيرات السلوكية في سن متقدمة كأن يبدي المريض تصرفات غير لائقة اجتماعيا، أو يفقد إحساسه العاطفي فلا يبدي اهتماما مثلًا لو أصيبت زوجته بمرض خطير أو يفقد دافعيته للقيام بأي شيء. هذا الأمر قد يرتبط بخرف ضمور الفص الجبهي والصدغي السلوكي (Behavioral variant of frontotemporal dementia).
لذلك عند حدوث هذا الأمر بعد تقييم الحالة من الطبيب النفسي يُنصح بمراجعة اختصاصي طب الأعصاب السلوكي والخرف للتشخيص المبكر.
د. محمد علي البحراني
اختصاصي طب الأعصاب
دولة الكويت
