الميكروبيات علاج مرتقب لأمراض البشرة

عرضت مجلة Nature الطبعة العربية فيلمًا تناول إمكانية توظيف استراتيجيات علاجية تعتمد على الميكروبيات في علاج البشرة.

ولفت الفلم إلى أن ميكروبيومًا يوجد على البشرة بدأ بلفت الأنظار إليه في السنوات الأخيرة، والميكروبيوم مكون من مليارات البكتيريا والعتائق والفطريات والفيروسات المتنوعة، وتكوّن البكتيريا أغلبه.

ووصف معدو الفلم البشرة بالبيئة ذات ظروف معادية للميكروبات التي تستوطنها مقارنة بالبيئات الأخرى، فهي غالبًا جافة، ومالحة، وتفتقر للمغذيات، كما أنها تتغير باختلاف درجات الحرارة والرطوبة والتعرض للأشعة فوق البنفسجية.

وأكدوا أن البشرة تعد وفقًا لموقعها خط الدفاع الأول والأهم ضد الكائنات المُمرِضة بالميكروبات التي تستوطنها.

ووصفوا مجموعة من الميكروبات بالصديقة أو "المتعايشة" مثل البروبيونية العدية التي تهضم الدهون المفرزة بالغدد الدهنية وتخلق بيئة حمضية يصعب على المُمرضات استيطانها، وأشاروا لأنواع أخرى من البكتيريا المتعايشة مثل العنقودية البشروية التي تفرز مواد كيمائية مضادة لميكروبات وتقتل داخلها كائنات قد تغزو الجلد.

وبينوا دورًا آخر لهذه الميكروبات المتعايشة فهي تنتج موادًا كيمائية تساعد على تعزيز الروابط بين خلايا البشرة وتحمي سلامتها العضوية إلى جانب تقويتها للحاجز العضوي للبشرة تدعم تلك الميكروبات دفاعاتنا المناعية.

وفي مثال آخر لوظيفة العنقودية البشروية، قالوا: "تتواصل العنقودية البشروية مع خلايا تائية منظمة للاستجابة المناعية وهو ما يدرب الجهاز المناعي بكفاءة على أن تتحمل ميكروبات البشرة المتعايشة وتظل متنبهًا للغزاة".

وأوضح الفلم أن النظام البيئي الدقيق المتوازن الذي يحفظ صحتنا قد يتعطل ولا يعمل كما ينبغي.

وضرب معدو الفلم مثالاً علما يعطل النظام أن العُد الشائع وهو مرض التهابي يؤثر تصل إلى 90 % من المراهقين، وقد تسبب الحالات الشديدة منه ندبات وإزعاجًا نفسيًا.

وبينوا أن في فترة البلوغ تفرز الغدد الدهنية زيوتًا أكثر وتغذي عددًا أكبر من البروبيونية العدية التي كان يعتقد أنها سبب ظهور بثور العُد لكن دراسات كُثر لم تكشف فارقًا كبيرًا في وفرتها بين مصابين العدوى ومن لا يعانونه.

التطور الحديث في تحليل جينومات الميكروبات قدم تفسيرًا لذلك، ثمة سلالات مختلفة من هذه البكتيريا وليست كلها تسبب العُد.

المضادات الحيوية علاج شائع للعُد لكنها تستهدف كل السلالات البربيونية العُدية دون تمييز بما في ذلك السلالات المتعايشة مما قد يخل بالنظام البيئي للمجتمع الميكروبي في البشرة.

وأظهرت دراسات إكلينيكية حديثة إمكانية استخدام معينات حيوية من بكتيريا صديقة يمكنها أن تعيق السلالات الخبيثة وتعيد التوزان إلى المجتمع الميكروبي.

وأظهرت دراسة انخفاضًا في عدد البثور الملتهبة بنسبة 50 % لدى من تعالجوا بهذه المعينات.

واستعرض الفلم مثال آخر حول قدرات الميكروبات في علاج الإكزيميا المرض الالتهابي المرتبط باختلال ميكروبيوم البشرة السليم ويرتبط عادة بعدوى البشرة بكتريا المكورات العنقودية الذهبية التي يعتقد أنها قد تمزق الروابط المحكمة بين خلايا الطبقة الخارجية للبشرة لتصل لطبقة الأدمة تحتها وتفاقم الالتهاب.

وكشفت دراسة حديثة أن بعض سلالات البكتيريا المكورة العنقودية المتعايشة تصنع ببتيدًا يحارب الميكروبات ويصد سلالات المكورة العنقودية الذهبية الخطيرة وزراعة هذه السلالات المضادة للبكتيريا في مرضى الإكزيميا بدا أنها جددت توازن ميكروبيوم بشرتهم وقللت إصابتهم بالمكورة العنقودية الذهبية.

وفيما يحاول علماء فك شفرة التفاعل المعقد بين ميكروبات البشرة وبينها وبين باقي الجسم، قد يتمكنون تطوير استراتيجيات علاجية إضافية لإعادة التوازن لميكروبيوم البشرة ومحاربة العديد من أمراض البشرة الأخرى.