تتعاظم المشكلة إذا كان الجهاز المناعي هو من يهاجم أعضاء الجسم، فقد تعطب برمجة كريات الدم البيضاء بسبب المرض وتصنف هذا العضو أو ذاك الجزء من جسم الإنسان بأنه دخيل يجب محاربته وطرده.
هذا ما حدث مع المرحومة أم طيبة التي بدت مصفرة اللون والعينين بسبب خلل في وظائف الكبد كما بدا واضحًا لدى الأطباء، وظلت كذلك حتى أصيبت بإرهاق وتعب شديدين نقلت على إثرهما للمستشفى الذي كشف عن إصابتها بمرض الذئبة الحمراء وهو مرض مناعي له العديد من الأعراض والآثار.
كريات الدم البيضاء في جسم أم طيبة حاربت كبدها بشراسة فهو بنظرها جسم غريب يجب حماية الجسم منه بسبب خلل في منظومته الدفاعية خلفها مرض الذئبة الحمراء، أمام هذا الوضع الصحي قرر الأطباء في مجمع السلمانية الطبي أنها بحاجة لزراعة كبد.
تقدم عدد من أفراد أسرتها للتبرع لها بقطعة من كبدهم، ورشحت الفحوصات شخصين منهم هما الأنسب للتبرع، أخوها عباس علي وقريبة لها. "قررتُ أن أهب أختي كبدي" هكذا حسم عباس سباق التبرع لصالحه.
وقال: "أكدت الفحوصات الطبية لياقتي الصحية وقدرتي على التبرع، وكنت أعتقد أني جاهز للعملية. وبعثتني وزارة الصحة مع شقيقتي للمملكة العربية السعودية لإجراء العملية".
في مستشفى الملك فهد التخصصي في الدمام كان أمام عباس عدة خطوات قبل دخول غرفة العمليات فمثل أمام لجنة طبية حرصت على التأكد من لياقته الصحية وأن تبرعه نابع من إرادته وليس جراء ضغط من أحد.
وأوضح: "كانوا يسألوني باستمرار عن سبب التبرع وهل هناك من ضغط علي للتبرع؟ وهل أرغمني أحد على ذلك؟ كان لهم أسلوب جميل في التعرف على السبب الحقيقي للتبرع، كانوا يقولون لي لا تخف إذا كان هناك ضغط عليك من أي جهة أخبرنا وسيكون سرًا محفوظًا سنخبرهم أنك غير لائق للتبرع".
تبسم وقال: "كنت أرد عليهم أن تبرعي جاء بمحض إرادتي فالمريضة أختي". وأضاف: "أمام هذا التوثق الشديد من إجراءات التبرع كانوا يخبروني أنهم سيأخذون قطعة من كبدي لزراعتها وأنها ستعاود النمو لتصبح في حجمها الطبيعي".
45 دقيقة في صندوق
وواصل: "أجريت لي فحوصات أكثر شمولية منها تصوير بالأشعة المقطعية أخذت لي 9 صور، وقال لي اخصائيي الأشعة أن هذه الصور تتطلب منك ثباتًا فإذا تحركت سنعيد التصوير. أدخلوني في جهاز الأشعة الذي بدا أشبه بالصندوق لمدة 45 دقيقة تقريبًا". وتابع: "حينما خرجت شعرت بتصلب ظهري لأني ظللت ثابتًا بلا حراك".
كان عباس سعيدًا فقد اجتاز كل الاختبارات التي أثبتت أهليته، وكان يعد الدقائق للدخول لغرفة العمليات ليتبرع لأخته ويخلصها من آلامها.
وفي مسار آخر كان الأطباء يقومون بعملهم للتأكد من الحالة الصحية لأم طيبة والتعرف بالدقة على حالة كبدها وكانت المفاجأة حيث أظهرت النتائج أن كبدها يستجيب للعلاج ولم يصل لمرحلة الفشل.
رجع عباس للبحرين بعد أسبوع دون أن يمسه مشرط، وظلت أخته هناك للعلاج. وقال: "للأسف توفيت أختي بعد فترة بسبب المرض، ولو قدر الله العلاج بزراعة كبد لكانت اليوم أختي قطعة من كبدي لكن ما قدر الله فعل".
لكانت قطعة من كبدي تشد رابط الإخوة بيني وبين أختي لكن ما قدر الله فعل".