على الرغم من المستوى العالي من الوعي لدى مرضى الأسنان في الآونة الأخيرة، إلا أنه لا تزال هناك نسبة كبيرة من الأشخاص الذين يستمعون "للهبات" التي تنشرها مختلف وسائل التواصل الاجتماعي من "خلطات سحرية" و"عصائر الديتوكس" (detox) من أجل خسارة الوزن وإذابة دهون الجسم والتخلص من سموم الجسم، أو من أجل معالجة مشكلة صحية معينة في الصحة البدنية بشكل عام.
من ناحية صحة الفم والأسنان، فإن العصائر الصحية وبالأخص العصائر التي تحتوي على الفاكهة الحمضية، تلعب دورًا كبيرًا في تسريع عملية تآكل طبقة المينا. هذه المشروبات الشائعة صحية إلى حدٍ ما، حيث أنها تحتوي على الفاكهة والخضار المفيدة للجسم والمناعة، ولكن قد تؤدي لتآكل مينا الأسنان مع الوقت بسبب الأحماض والسكر الطبيعي الموجود فيها. كما أن العديد من متاجر العصائر تضع سكرًا إضافيًا حسب الذوق، ويتحول هذا السكر في النهاية إلى حمض مجددًا على سطح الأسنان، ليساهم بدوره في تراكم البكتيريا الضارة في الفم.
عندما تتعرض الأسنان بشكل متكرر لتلك المشروبات والعصائر الصحية والتي تحتوي بدورها على كم هائل من الأحماض، تبدأ طبقة المينا بفقدان المعادن أثناء "الهجمات الحمضية"، وهذا ما يؤدي إلى تسوس الأسنان وتآكلها.
الطبقة الخارجية الصلبة التي تحمي أسنانك من التسوس تدعى بـ "مينا الأسنان". وعلى الرغم من أنها تعتبر على نطاق واسع من أقوى المواد المعدنية في جسم الإنسان (وحتى أكثر صلابة من العظام) إلا أنها لا تزال لديها نقطة ضعف، والمهاجمون قد يكونوا غير متوقعين. قبل أن نكمل الشرح في هذه النقطة، أود أولًا توضيح كيفية تكون طبقة المينا على الأسنان.
طبقة المينا تتكون من معدن فوسفات الكالسيوم، والذي هو على شكل هيكل بلوري يعرف باسم "الهايدروكسي أباتايت" (Hydroxyapetite). وقد تجدون نفس المعدن هذا في أصداف البحر وكذلك اللآلئ. أما البروتين الرئيسي الموجود في المينا أثناء نموه وتمعدنه فهو الأميلوجينين (Amelogenin)، وهو يصنع صفائح بروتينية تزداد طولها ببطىء ودورها أن توجه نمو بلورات الهايدروكسي أباتايت بالطريقة الصحيحة.
لا تزال عصائر الفاكهة خيار أفضل مقارنةً بالمشروبات الغازية وغيرها التي تحتوي على ثاني أكسيد الكربون ونسبة عالية من السكر الاصطناعي والمواد والألوان الضارة الأخرى، لذلك، أعزائي قراء مجلة الطبي، أقدم لكم أدناه بعض النصائح لمساعدتكم في التلذذ بعصائر الفاكهة المفضلة لديكم بطريقة سليمة تخفف ضررها على مينا الأسنان:
- اغسل أسنانك قبل شرب العصير: نعم، لقد قرأت ذلك بشكل صحيح، "قبل" شرب العصير. يؤدي التعرض للحمض إلى تنعيم المينا بشكل فوري، وبالتالي يسهل إتلاف أسنانك بفرشاة الأسنان. يسارع الكثير بتفريش الأسنان "بعد" الاستمتاع بالمشروبات الصحية، لكن تنظيف أسنانك بالفرشاة بعد الأكل والشرب مباشرةً يؤدي في الواقع إلى انهيار مينا الأسنان، مما يسمح للأحماض بالتغلغل بشكل أعمق! فبدلًا من ذلك، اغسل أسنانك بالفرشاة قبل أن تشرب عصير الفاكهة، فمادة الفلورايد الموجودة في معجون الأسنان سيضيف طبقة وقائية لمحاربة هذا الهجوم الحمضي. وتذكر بأن مستوى الحمض في الفم يستغرق حوالي ساعة كاملة ليرجع لمستواه المعتدل، فلابد من التريث لمدة ساعة ليكون التفريش آمن وغير ضار بالأسنان.
- لا تطلب السكر الإضافي: قاوم الموافقة على هذا الطلب المغري. إذا قررت تناول السكر، فمن المفيد حقًا أن تختار كمية أقل من السكر لأسنانك. ولأن العصائر تحتوي بالفعل على الكثير من السكر الطبيعي من الفاكهة، اطلب من صانع العصير حذف السكر الإضافي، ودع "حلوى الطبيعة" تعتني بالنكهة التي تهدف للاستمتاع بها.
- اشرب عصيرك باستخدام العود: قد يبدو الأمر بسيطًا جدًا لدرجة يصعب تصديقها، ولكن إذا كنت تشرب باستخدام العود، فإن مينا أسنانك تتعرض بشكل أقل بكثير لأي مشروب تشربه، ولذلك فأنا أنصحك باستخدام هذه الطريقة للاستمتاع بالعصائر الحمضية المفضلة لديك مع مراعاة صحة أسنانك في الوقت ذاته.