تندف السماء في دول الشمال ثلجًا أبيضًا، في موسم تتغير فيه أنشطة الحياة تكيفًا مع انخفاض درجات الحرارة. التغير يشمل المشهد كاملًا من الميكروبات التي لا ترى بالعين المجردة للشجر وصولا للسماء ذات السحب والرياح الباردة.
صحة الفرد تتأثر أيضًا في الشتاء وتنتشر أمراض السعال والزكام والأنفلونزا وغيرها وأطلق عليها أمراض الشتاء، ويرتفع خطر الاصابة بالأزمات القلبية.
ملاحظة رصدتها دراسة بريطانية وجدت أن كل انخفاض درجة فهرنهايت ما يقارب 1.8 درجة مئوية في أي يوم كان مرتبطا بأكثر من 200 نوبة قلبية إضافية. ويسند هذه الدراسة دراسات أخرى أن هناك ارتفاع في الأزمات القلبية في الفترة ما بين ديسمبر إلى يناير.
الحقيقة دفعت الأطباء للبحث عن السبب وراء كثرة الأزمات القلبية شتاءًا بغرض اتخاذ التدابير الوقائية من هذا العرض الخطير المؤدي للموت.
البحث نتج عن أسباب عديدة قلب مجهد، تصلب شرايين، لويحات دم لزجة، عوامل جسدية وأخرى نفسية. قد تجتمع هذه الأسباب لإحداث الأزمة وقد يكون أحدها كفيل بوقوعها.
الشرايين تنقبض
وأوضح طبيب القلب في مستشفى ماونت سيناي في نيويورك د. سامين شارما أن البرد يتسبب في انقباض الشرايين.
وأضاف طبيب القلب في مستشفى ماساتشوستس العام د. راندال زوسمان "أحيانًا ما يخلق الطقس البارد عاصفة من عوامل الخطر لمشاكل القلب والأوعية الدموية". وتنبع العديد من هذه المخاطر مما يسميه الدكتور زوسمان "عدم التوافق بين العرض والطلب".
الطقس البارد يمكن أن يقلل من تدفق الدم الغني بالأوكسجين إلى عضلة القلب. ويمكن أن يدفع القلب للعمل بشكل أكبر، مما يؤدي إلى طلب المزيد من الدم الغني بالأكسجين.
هذا التباين - وهو عرض كميات أقل من الأوكسجين إلى القلب إلى جانب زيادة الطلب على الأوكسجين من القلب - يمكن أن يكون بمثابة مقدمات لنوبة قلبية.
ويعرض د. شارما لموقع Zoomer سببًا آخر ترتبط بتركيبة الدم قائلًا: "تتقلب مستويات الكورتيزون في الطقس الأكثر برودة، مما يجعل الصفائح الدموية (لزجة) ". الصفائح الدموية اللزجة تسمح بتكوين جلطات بشكل أكثر سهولة، وانكماش الشرايين بسبب الهواء البارد، يرفعان من خطر زيادة الانسدادات فيها. ويقول: "ترتفع نسبة الخطر بالاصابة بالأزمة القلبية 60 % في هذه الحالة إلى ما بين 75 - 80 %".
زائر الصباح
على ذات الصعيد قال أستاذ الطب الوقائي في جامعة ألاباما في كلية الطب د. ستيفن ب. جلاسر لموقع WebMD تظهر الدراسات أن النوبات القلبية والمضاعفات المتعلقة بأمراض القلب تحدث بشكل متكرر في ساعات الصباح.
تشير الأبحاث إلى أن ارتفاع ضغط الدم في الصباح الباكر قد يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية. "في فصل الشتاء، يميل الناس إلى ممارسة العمل في الفناء صباحًا لأن الظلام يتلاشى في وقت سابق".
وأوضح "التحول في نشاطات ساعات الصباح يضاف إلى الإختلاف اليومي العادي في الصباح عن مثله في الشتاء مثل زيادة معدل ضربات القلب، وضغط الدم، والهرمونات التي تخفض من معدل ضربات القلب وعمل الأوعية الدموية".
ويؤكد د. زوسمان على ضرورة المحافظة على درجة حرارة الجسم الأساسية في الهواء الطلق وارتداء ملابس ثقيلة عند تساقط الثلوج أو عند ممارسة الرياضة فإن قلبك يعمل بجد أكثر. وقال: "كن حذرًا بشكل خاص حول ممارسة أي نشاط في الهواء الطلق في فصل الشتاء".
الأجواء الساخنة
الأفراد الذين يعيشون في مناخات حارة عرضة أيضًا الأزمات القلبية في الموسم البارد فقد وثق تزايدها شتاء في ولاية فلوريدا وجنوب كاليفورنيا.
وتوضح المدير المشارك لأمراض القلب الوقائية في جامعة جنوب كاليفورنيا في لوس أنجلوس د. كارول واتسون "في كاليفورنيا ما زلنا نمتلك نفس الارتفاع في النوبات القلبية" وترجع ذلك إلى موسم الإنفلونزا. "نحن نعلم أن الالتهاب يمكن أن يؤدي إلى نوبة قلبية والأنفلونزا تسبب الالتهاب." في المقابل، يمكن للالتهاب أن يجعل اللوح الشرياني أقل استقرارًا، وقد ينفصل ويصد الشرايين، ويساهم في نوبة قلبية.
وتلفت إلى أن "الناس يأكلون أكثر، ويشربون أكثر، ويدخنون أكثر، ويكتسبون المزيد من الوزن خلال موسم العطلات". وتضيف أن فترة العطلة (نهاية ديسمبر وبداية يناير) مرهقة للغاية من حيث القضايا العائلية التي قد تتسبب بها والضغوط المالية، كالقلق والاكتئاب يميلان إلى الذروة بالنسبة لبعض الناس في موسم العطلات ويرتبطان بالنوبة القلبية والسكتة الدماغية.
وينصح الأطباء للوقاية من خطر الأزمات القلبية شتاءًا بالتدفئة وارتداء الملابس الثقيلة، وقبعة أو وشاح للرأس، فيمكن للرأس المكشوف أن يتسبب ببرودة الجسم فالآذان المكشوفة عرضة للسعات البرد، اليدان والقدمان تميلان إلى فقدان الحرارة بسرعة ويجب الحرص على دفئهما.
ويشدد الأطباء على الأشخاص الأكثر عرضة للاصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في الطقس البارد وهم المدخنون ومرضى ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول والسكري والتاريخ العائلي للقضايا القلبية الوعائية والبدانة والأشخاص فوق سن السبعين بمراجعة الطبيب ورسم البرنامج العلاجي والوقائي المناسب.