هل طفلك "مضغوط"؟

في الساعة السابعة وعشر دقائق صباحًا من التاسع من سبتمبر الماضي دق جرس المدرسة ليعلن بدء العام الدراسي الجديد في مملكة البحرين، وانتظام الطلبة في المدارس وكثير منهم في برامج وأنشطة ما بعد المدرسة من دروس للمراجعة، وأنشطة رياضية في النادي، والتحاق بالمعاهد أو غيرها.

النشاطات المذكورة تمارس في حوالي ما يقارب 10 ساعات، إضافة لما يقرب من ساعة ونصف يقضيها الطالب في التنقل من البيت إلى المدرسة ومقرات الأنشطة ما بعد المدرسة. ووفقًا للتقسيم المشهور للساعات اليومية فإن الفرد ينام 8 ساعات ويعمل 8 ساعات ويقضي 8 ساعات بين أسرته ونشاطات أخرى، ونجد أن الطلبة الذين ينتظمون في نشاط أو نشاطين ما بعد المدرسة يقضون حوالي 6.30 ساعات بين الأسرة والأنشطة الحرة.

الأكاديمية الأمريكية لأطباء الأطفال حذرت قبل عقدٍ من الزمن من انخفاض وقت الفراغ الذي يقضيه الأطفال، وتأثير الافراط في المشاركة في البرامج. ووفقًا لمكتب الإحصاء الأمريكي فإن حوالي 60 % من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و 17 عامًا يشاركون في رياضة واحدة على الأقل، أو النادي، وبين العائلات ذات الدخل المرتفع حوالي 11 ٪ من الأطفال يشاركون في النشاطات الثلاثة.

من جهته قال عالم النفس السريري في بوسطن، د. مايكل تومبسون، مؤلف كتاب "الطفل المضغوط" لمجلة WebMD: "أضف إلى ذلك الدروس الخصوصية أو إعداد الاختبار الموحد، وزيادة الأحمال المنزلية، والمزيد من الساعات التي يقضيها في السيارة للتنقل بين الأنشطة؛ لدى الأطفال الآن ما يقارب 9 إلى 12 ساعة من وقت الفراغ الأسبوعي مقارنةً بما كان لنظراءهم منذ بضعة عقود".

ويرى د. تومبسون أن الأنشطة غير المنهجية تُثري الطفل وتقدم بديلًا صحيًا عن قضاء أوقات طويلة أمام شاشات الأجهزة المختلفة أو الإفراط في ذلك. ويلفت أن هذا اتجاه يغلب بين العائلات الأكثر ثراءً ولكنها قد تجعل الأطفال متوترين، ومحرومين من النوم، ومفتقرين إلى دروس الحياة اليومية. "عندما ترتب أمك أو أبوك الأشياء لك دائمًا، فإنك لن تتعلم أبدًا، كيف ترتب الأمور لنفسك". وتساءل كيف يمكن صناعة رياضيين في المدارس وهم لم يلعبوا الألعاب الجماعية (Pick-up Games) مع الجيران (تحتاج هذه الألعاب إلى مستوى عالٍ من المهارة).

الجدول اليومي المضغوط من المحتمل أن يساهم في ارتفاع معدلات المخدرات واستخدام الكحول والاكتئاب بين المراهقين. ويلفت د. تومبسون أنه يتسبب في تغير ديناميكية الأسرة أيضًا.

مؤخرًا كشفت دراسة أجريت على 70 طفلًا في السادسة من العمر ونشرت في دورية Frontiers أن الأطفال يقضون أوقات طويلة في الأنشطة المنظمة، والأسوأ أن بعضها تعد تدابير تنفيذية وموجهة. وكشف بحث آخر أجري على ألف شخص في الـ 13 من العمر أنهم يشعرون بالإرهاق من البرنامج اليومي المزدحم مع أن 70 % منهم من الرياضيين.

وحول آثار البرامج اليومية المزدحمة الأخرى، أوضح د. تومبسون أن الأنشطة تقلص من الوقت الذي يقضيه الوالدين مع أطفالهم لصالح إدارة الأنشطة والتحدث عن النشاط التالي. "لا وقت للعشاء معًا والتحدث عن الحياة بشكل عام". وتساءل: "هل هذا الوقت الذي يقضى مبالغ فيه؟ هذا يعتمد على قدرة الطفل".

مشيراً إلى أن هناك أطفال لديهم شهية كبيرة للمشاركة في الأنشطة اللامنهجية بينما الآخرين يتوقون لأوقات راحة من هذه الأنشطة. ويؤكد د. تومبسون أن مفتاح الحل في الاستماع لرغبات الأطفال وأن يقنع الآباء بالقدر الذي يحتمل الطفل من الأنشطة. قد يمر يوم لا يسمع الآباء ما يقوله أطفالهم".

ولفت إلى مراقبة ردود أفعال الطفل فإذا كان يؤدي الواجبات المنزلية التي يجب أن يؤديها بجهد وتثاقل، أو إذا بدا متعبًا، أو تكررت شكواه من الانتظام في الأنشطة اليومية. وقال: "تعد هذه إشارة يجب معها مراجعة يوميات حياتك الخاصة".

استطلاعات الرأي تظهر أن حوالي 40 ٪ من الآباء الآن يقضون أكثر من خمس ساعات في القيادة الأسبوعية لنقل أطفالهم من نشاط لآخر. أما المشاركين في ثلاثة أنشطة فيقضون أكثر من 10 ساعات.  وختم د. تومسون حديثه بتوجه الخطاب للآباء: "إنها حياتك أيضًا".