اخرج من دائرة الألم ... فاطمة المرزوق

تزورني حالاتٌ كثيرة في العيادة ممن أثقلتها الآلام لسنواتٍ عديدة، وأستطيع التكهن بنوعية هؤلاء المرضى من مجرد دخولهم لغرفة الفحص والتقييم بملفٍ يحتوي العديد من الأشعة والفحوصات والزيارات لمختلف الاستشاريين والمراكز. 

"تعبت دكتورة، شدّ من 3 سنين ما يروح، حياتي توقفت، ما أقدر حتى أطبخ لأولادي" هي عباراتٌ تحزنني حقيقةً عندما يتوقف الزمن عند لحظةٍ معينة ويقع المرء في دائرةٍ مُحكمة ولا يعرف السبيل للخروج..

عندما نُعالج مشاكل الرقبة أو الظهر المُزمنة فإننا لا نتعامل معها كحالةٍ مرضيةٍ فقط، بل نتعامل مع جملةٍ من الإخفاقات والتجارب والمشاعر التي يكتمها المريض رُبما في قلبه فينعكس على هيئةِ حزنٍ أو بكاء، ورُبما في عقله فيشعر بالعجز والاستسلام ورُبما في جسده فتكون على هيئة آلامٍ متفرقة أو شدٍّ مزمن. 

وجدتُ من تجاربي أن نصف العلاج يكمن في تفّهم المريض والاستماع إليه وتفهّم آلامه، فهناك حالات مهما بلغت جودة العلاج والتقنيات المُستخدمة، فإنك إن لم تبنِ جسور الثقة بينك وبين المريض فلا فائدة من العلاج، والثقة تكمن في محاورة العقل تارةً وتطمين القلب تارةً أخرى والتركيز على استخراج القوى الكامنة لدى المريض فيعود بذلك للطريق الصحيح.

الرسالة التي أحببتُ إيصالها من هذا المقال، هو أن تحرص على اختيار الأخصائي الذي يستطيع أن يحوّل نقاط ضعفك إلى قوة وأن يُبين لك كم أنت قوي رغم آلامك، فالعلاج الطبيعي بأساسه لا أجهزة ولا تمارين فقط إن لم يتضمنها خطة مدروسة ومُحكمة تبدأ من المريض نفسه لا من حالته. 

 

 

فاطمة المرزوق

أخصائية علاج طبيعي


pdfmedical