متلازمة انكسار القلب 2 ..... اللغز الجدلي في الفلكلور الطبي الحديث .... هبة الحبيب

القلب ليس مجرد عضو يعمل ليلاً نهاراً لا يكل من الانقباض والانبساط لضخ الدم لسائر الجسد، وفي واقع الأمر لا يعد الشخص ميتاً عند توقف عضلة القلب عن تلك العملية الفيسيولوجية المادية فقط فهناك أيضاً معاني معنوية للفؤاد أبعد أفقاً من ذلك.

في الجزء الأول من المقال تحدثنا عن أول اكتشاف لمتلازمة انكسار القلب في اليابان عام 1990 والتفريق بينها وبين النوبة القلبية  (Myocardial Infraction) وفي هذا الجزء نتناول تعريفها وأسبابها.

متلازمة انكسار القلبTakotsubo cardiomyopathy-Broken heart syndrome  هي حالة حقيقة فسيولوجية قد يتعرض لها القلب فيتضخم فيه البطين الأيسر من جراء التعرض إلى الصدمات العاطفية، كالحزن أو الإجهاد النفسي البدني الشديد فيسبب قصور حاد في ضخ الدم بشكل مؤقت بينما تواصل باقي أجزاء عضلة القلب عملها بشكل طبيعي ويُعتقد أن هذا التضخم يحدث عندما ترتفع نسبة إفراز هرمونات الإجهاد مثل الأدرينالين والنورادرينالين في حالات التوتر والإرهاق النفسي والجسدي والوجداني فتسبب تشنجات واضطرابات في الأوعية الدموية الدقيقة للقلب. كما أن الفائض من هذه الهرمونات قد يترسب في الخلايا العضلية مما يسبب الآلام العضلية المزمنة المنتشرة على نطاق واسع في الجسم.

وتم إعزاء الأسباب التي قد تؤدي لهذه المشكلة إلى مسببات جسدية مثل التعرض لعملية جراحية خطيرة، حدوث فشل حاد في التنفس أوالإجهاد البدني الشديد ولكن تم ترجيح نسبة المسببات العاطفية في حدوثها بشكل أكثر شيوعاً مثل الخوف، القلق، الغضب، الفقد سواء بموت أحدهم أو الإنفصال، الصراعات في العلاقات الإنسانية والصدمات العاطفية الشديدة سواء من قول أو فعل جارح.

والجدير بالذكر بأن العلماء قد توصلوا لتشخيص متلازمة انكسار القلب وطرق علاجها من قبل ما يقارب 30 عاماً من الآن إلا أن الفسيولوجية المرضية لهذه الظاهرة لا تزال غامضة نوعاً ما وقيد الأبحاث العلمية المتواصلة.

 

على الرغم من أن التشخيص الدقيق وتلقي العلاج المناسب والدعم النفسي الكافي الذي يساهم في تعافي حوالي 95 % من المرضى بشكل كامل إلا أن الأسابيع الأولى من الإصابة بهذا الإعتلال تُعد الأكثر حرجًا لبعض الحالات لأنها تحتاج لفحص متكرر لتقييم مرحلة التشافي وللحد من حدوث بعض المخاطر المصاحبة مثل التعرض للسكتة الدماغية خلال أول شهر من الإصابة والدخول للمستشفى.

وبالتالي حتى بعد مرحلة التعافي التام فإن هؤلاء المرضى يحتاجون لتلقي الرعاية القلبية طويلة المدى للاطمئنان على استقرار حالتهم الصحية.

ونتيجة لذلك فإن القلب ليس مجرد أوعية وشرايين تستجيب لأوامر الدماغ بالنبض وإنما هو منظومة متكاملة تعقل وبه شبكة عصبية ثنائية الطرف مرتبطة بالدماغ وقادرة على اتخاذ القرارات الوجدانية بشكل منفصل عن الدماغ كما له ذاكرة للألم مشابهة لمثيلتها في الدماغ فالقلب هو سكن الروح وميدان النفس ومنبع الطمأنينة وهو المضغة التي إذا صلحت عزائمها صلح كل ما سواها من الجسد والذي أشار له سيد الخلق الرسول الكريم ص في الحديث الشريف :

} ألَا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً: إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألَا وهي القَلْبُ{

 

وعلى الرغم من أن متلازمة انكسار القلب لم يتم اكتشافها كما أشرنا مسبقاً إلا من ما يقارب الـ 30 عاماً إلا أن أمير البلغاء علي بن أبي طالب ع قد أشار لها قبل ما يقارب الـ 1400 عام في قوله :

وَاحْرَصْ على حِفْظِ القُلُوْبِ مِنَ الأَذَى       فَرُجُوعِهَا بَعْدَ التَنَافُرِ يَصْعُب

إِنَّ القُلوبَ إِذَا تَنَافَرَ ودُّهَا                     شِبْهُ الزُجَاجَةِ كَسْرُهَا لا يُشْعَبُ

 

فترفق بقلبك وبقلوب من حولك وأٌخُرج إلى كل ما عداك من الرحمة إليك حتى لا تكون سبباً خفياً في معاناة، أو مرض أحداً ما.

 

ودامت قلوبكم حية رحيمة ..

 

 

هبة الحبيب

أخصائي أول عظام في العلاج الفيزيائي

المملكة العربية السعودية


pdfmedical