أكتب ها هُنا نيابة عن كل أمهات اضطراب التوحد، عن شعور الإنهاك والتعب المتواصل الذي يُخلفهُ اضطراب النوم، فالسلسلة تتواصل من المريض إلى الأم وتطولنا نحنُ الأخصائيين كذلك.
يعاني 60% من أطفال التوحد من مشاكل في النوم أو خلل في الساعة البيولوجية، فمشاكل النوم لديهم لها عدة أنواع، إما أن ينام الطفل متأخراً، أو قد يصحو فجأة عند منتصف الليل، أو تكون عدد ساعات نومه أقل من المُعدل الطبيعي.
ويترتب وراء هذا الاضطراب زيادة في نوبات الغضب Tantrum behaviour والعصبية لدى الطفل ويقل استيعابه للتعليم والتدريب في المراكز وتنخفض استجابته للجلسات العلاجية في العيادة، والأم أيضاً تبقى مُجهدة وعصبية بسبب قلة النوم.
لذلك سأسرد في هذا المقال كيفية حل مشاكل النوم عند المصابين باضطراب التوحد وقبلها سأذكر أسبابه:
1- الروتين: لأن الطفل التوحدي يبرمج نفسه على النوم عند ساعة مُعينة والاستيقاظ عند ساعة مُعينة.
2- انقلاب الساعة البيولوجية: أي النوم يكون في النهار والاستيقاظ في الليل.
3- الحساسية المُفرطة: الحواس عند أطفال التوحد عادةً تكون أكثر حدة من الأشخاص الطبيعيين، فهم يشعرون بأحاسيس معينة لا نلتفت إليها أبداً، فمن الممكن أن الطفل يتحسس تجاه أضواء معينة وأصوات يشعر بالضيق تجاهها أثناء النهار، فبالنسبة إليه أن الليل جو مُناسب جداً ومريح نفسياً للاستيقاظ بعيداً عن كل الصخب والأضواء المزعجة .
4- العادات السيئة: فبعض من أطفال التوحد يعتادون على النوم بالارتباط بشيء محدد، على سبيل المثال يشترط أن ينام على الإرجوحة، ففي حالة غياب هذه الأشياء المرتبط بها يعزف عن النوم.
نأتي الآن لعرض بعض من الإستراتيجيات العلاجية لحل مشاكل النوم عند أطفال التوحد:
- فرض روتين مختلف على طفل التوحد لكسر الروتين المعتاد عليه عن طريق ضبط ساعة معينة (مثلاً عند العاشرة مساءاً) للنوم وتدريبه على الإستلقاء على السرير.
- وضع خطة معينة (روتين يتبع روتين) عن طريق إتباع ما يُسمى بالسلسلة المعقدة Task analysis تكون على خطوات متسلسلة:
أ – عند العاشرة مساءاً، انظر إلى الساعة (تحديد وقت الخلود للنوم)
ب – الذهاب إلى الحمام لقضاء الحاجة وغسل الأسنان
ج – إرتداء بيجامة النوم
د- من الممكن قراءة قصة قصيرة
عندها سيعشق هذا الروتين المتكون من عدة خطوات وسيعتاد على النوم عند الساعة العاشرة مساءاً بدون أي رفض.
- التغييرات التي تحدث داخل المنزل يجب أن توضع بعين الاعتبار مثلاً، عندما يستنشق روائح معينة كالعطور التي لا يتقبلها الطفل التوحدي فإنها توثر سلباً على نومه.
- الأصوات: يجب حجب أي نوع من أنواع الأصوات التي ينزعج منها قدر الإمكان واستغلال الموسيقى التي يعشقها الطفل وتشغيلها أثناء النوم أو تشغيل آيات من الذكر الحكيم لبث الطمأنينة وتهيئة الجسم لإفراز هرمون الميلاتونين.
- تناول المكملات الغذائية مثل الكالسيوم والماغنيسيوم و B12 نوعاً ما ستكون عامل مساعد مع وضع روتين ثابت للنوم لحل مشكلة الأرق.
اضطراب النوم لدى المصابين بالتوحد يؤدي إلى ظهور مشاكل سلوكية شديدة ( مثل العدوانية والإكتئاب والنشاط الحركي الزائد ونوبات الغضب) توثر سلباً على حالتهم الصحية، لذلك يتوجب ضبط الساعة البيولوجية لتفادي هذا المشاكل.
زهراء داوود
أخصائية تعديل سلوك