مشرط د. الربيعة يفصل ليهب الحياة

قاد الصبي عبد الله دراجته بسرور في ساحات الرياض وسقط - وهي حوادث تقع - لكن للأسف شج رأسه، أخذه والده للطبيب الذي خيط الجرح بلا مخدر فضاعف ذلك ألم عبد الله، فسعى والده للتخفيف من معاناته وقال له: "ستصبح يومًا ما يا عبدالله جراحًا، وإن شاء الله ستخيط الجروح دون ألم".

قادت الكلمات التي صارت حلمًا وطموحًا تحول لحقيقة ليصبح الصبي الصغير طبيبًا حطم الأرقام القياسية في فصل التوائم السيامية أجراها على مدار ثلاثين عامًا لفصل توائم ملتصقة ولدت لعائلات فقيرة من مختلف دول العالم.

جرح الطفولة قاد عبد الله عبد العزيز الربيعة ليدرس الطب ويتخصص في الجراحة، ووجه تخصصه لجراحة الأطفال التي حصل على الزمالة فيها من جامعة دالهاوسي الكندية في ديسمبر 1987 م.

 

فصل التوائم بالمشرط

بعد ثلاث سنوات خاض د. الربيعة تحديًا كبيرًا أظهر فيه تميزًا كبيرًا في هذا الحقل، ففي عام 1990 قرر إجراء عملية لفصل توأم سيامي بمُساعدة فريق من الجرّاحين مُتعدّدي التخصّصات، وتوالى عمله وأشرف على مدار ثلاثين عامًا على حالة 79 توأمًا ملتصقًا من 17 دولة وأجرى بنجاح 37 عملية فصل معقدة لتوائم سيامية، ثلاثة منهم توائم طفيلية.

مشرطه الماهر حاول فصل بعض الحالات وأحجم عن فصل أخرى لأنها لم تكن قابلة للفصل من الناحية الطبية والإنسانية.

د. الربيعة أب لسبع بنات بينهن توأمًا متماثلًا هنّ هيفاء وهناء وولد واحد هو خالد وهو طبيب استشاري في المسالك البولية ويسيرُ على خُطى والده في مجال الطب الإنساني.

من المواقف الطريفة التي يرويها د. عبد الله عن ابنتيه التوأم، أنّه عندما كانتا في عمر الثالثة أو الرابعة تقريبًا شاهدتا إحدى عمليات فصل التوائم لوالدهما على التلفاز، وسارعتا لسؤالِ والدتهما: "ماما، متى قام أبي بفصلنا؟"، مع العلم أنّهن لم تكونا توأم مُلتَصِق أبدًا.

أحب د. الربيعة إشراك الأطباء بتجربته وألّف 4 كتب تتعلق بالتوائم السيامية وطب جراحة الأطفال. كما ألّف وشارك في نشر أكثر من 72 بحث وورقة عمل في مجلات علمية مختصة ومحكمة.

 

د. الربيعة لا يغادر غرفة العمليات

عُهِدَ إليه الكثير من المناصب في المؤسسات التعليمية والطبية وتدرج فيها حتى عين وزيرًا في الفترة من فبراير 2009 - أبريل 2014م. ويقال أنه طلب إعفاؤه من منصب الوزارة ليوجه الكثير من وقته وجهده لفصل التوائم السيامية، وجمع معها منصبين جديدين فقد أصبح مُستشارًا بالديوان الملَكيّ، وفي مايو 2015 عُيّنَ مُشرِفًا عامًا على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ولا يزال يشغل هذين المنصبين حتّى يومنا هذا.

ظل د. الربيعة قريبًا من التوائم رغم مهامه الكثيرة ففي مقر مكتبه بمركز سلمان للإغاثة استقبل في فبراير الماضي التوأم السيامي المصري حسن ومحمود وذويهما، الذين سبق أن أجريت لهما عملية ناجحة لفصل الالتصاقات في الأمعاء والمسالك البولية والتناسلية والحوض بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني بالرياض عام 2009 م.

يواصل د. الربيعة في كل مواقعه كطبيب وجراح ووزير ومستشار ورئيس مركز في عمله لتخفيف الألم عن الآخرين متخذًا من كلمات والده دليلًا له في مسيرته.