بخاخ - الڤـنتولين وقت الضرورة - ليس هو الحل .... د.فاطمة محمد اللواتي

إنّ أكثر ما كان يؤرق مرضى الربو في فترة الجائحة، هو خوفهم من الإصابة بالتهاب الكوفيد، خصوصاً عندما انتشرت بعض الأفكار التي تقول بأنّ التهاب الكوفيد عند مرضى الربو قدْ يُودي بحياتهم.. وقد تكررت على مسامعي جملة قالها الكثيرون ممن يعانون من مرض الربو، بأنّ مرضه بالربو كان من أكثر الأسباب التي أخافته في فترة الجائحة..

ولهذا سأتطرق اليوم إلى هذا المرض، مدى انتشاره وقوته، والأهم من ذلك هو التحديثات التوجيهية الجديدة في كيفية علاجه بناءاً على المبادرة العالمية للربو وهي منظمة الإرشادات الطبيّة التي تعمل في جميع أنحاء العالم للحدّ من انتشار مرض الربو والاعتلال والوفيّات..

 

مرض الربو هو مرضٌ مزمن، غير متجانس يتميز عادةً بالتهاب مجرى الهواء. يتم تعريفه من خلال التاريخ المرضيّ لأعراض الجهاز التنفسي مثل ضيق التنفس وضيق الصدر والسعال، والتي تختلف في الأوقات والشدة.

 

وقد نشرت منظمة الصحة العالمية في تقريرها في مايو الماضي، بأن مرض الربو قد أصاب ما يقدّر بنحو 262 مليون شخص في عام 2019 وتسبب في وفاة 455000 شخص.

 

وبما أنّ مرض الربو هو مرضٌ مزمن، فيُمكن التحكم به عن طريق حماية المصاب من نوبات الربو.. الحماية تكون عادةً بالابتعاد عن المهيّجات، ولكن أثبتت بعض الدراسات مؤخراً بأن نوبات الربو الحادة قد تأتي مفاجأة ولا يمكن التنبؤ بها ولا يختلف ذلك باختلاف شدة المرض. أعني بأن المرض – إذا تم تشخيصه - فحتى لو كان خفيفاً ولم يلزم المريض بأيّة أعراض أو حاجة إلى التنويم في المستشفى، فإن نوبات المرض الحادة دائماً ما تكون مفاجئة ولا يمكن التنبؤ بها نهائياً. وهذا يعني أنّ المرضى الذين يعانون من الربو الخفيف على ما يبدو، لا يزالون معرضين لخطر نوبات ربو حادة قد تدخلهم إلى العناية المركزة وقد تودي بحياتهم.

 

ففي أحد المقالات التي نُشرت سابقاً، تحدث الباحثون عن أنّ 16 % من مرضى الربو الذين أصيبوا بنوبة حادة و 15 – 27 % من البالغين الذين أصيبوا بنوبة ربو أودت بحياتهم، قدْ ظهرت عليهم أعراض الربو أقل من مرة واحدة في الأسبوع فقط خلال الأشهر الثلاثة التي سبقت النوبة الحادة.

 

ولذلك فإنّ المبادرة العالمية للربو في السنوات الأخيرة أكدت على توصية جديدة على الجميع معرفتها خصوصاً مرضى الربو، وهي أن أيّ شخص مصاب بمرض الربو يجب عليه أن يستخدم علاج كورتيكوستيرويد مستنشق (Inhaled corticosteroid) بشكلٍ يوميّ، بدلاً من استخدامه لعلاج منشطات بيتا قصيرة المفعول والذي يعرف بالڤـنتولين، وهو بخاخ الربو المشهور الذي كان يُستخدم كأول خطوة لعلاج مرض الربو الخفيف في الخمسين سنة الماضية.

 

عندما تمت المقارنة بين علاج الإغاثة السريعة (الڤـنتولين) وقت الضرورة فقط، وعلاج كورتيكوستيرويد المستنشق عند المرضى المصابين بالربو الخفيف، أثبتت الدراسات بأنّ علاج كورتيكوستيرويد المستنشق أدى إلى انخفاض خطر النوبات الشديدة للربو بنسبة 60 -64 % وذلك لأنّ علاج كورتيكوستيرويد المستنشق يقلل من التهاب مجرى الهواء ويساعد على منع أعراض الربو؛ في حين أن دواء الإغاثة السريع (الڤـنتولين) يخفف فقط من الأعراض التي قد تظهر بشكل حاد ولكنه لا يؤثر على التهاب مجرى الهواء على المدى البعيد.

 

وفي النهاية: يجب على أيّ شخص تم تشخيصه بمرض الربو أن يراجع طبيبه المختص للاستشارة، وأن لا يضيف أو يتوقف عن الأدوية المستنشقة لعلاج الربو مدى الحياة مهما كانت الأعراض بسيطة، فالحماية من النوبات الحادة غير المتوقعة خيرٌ من الإصابة بها.

 

 

د.فاطمة محمد اللواتي

أخصائية طب باطني- قسم أمراض الصدر

سلطنة عمان


pdfmedical