ينازل السرطان بعزم.... الخيج: خضت التجربة حتى لا يتألم الآخرون

"للأسف لا يوجد علاج ستموت بعد أشهر قليلة".

عبارةٌ سمعها حسن الخيج الشاب العشريني بعد انتشار ورم سرطاني في رئته.

الأمل بالله والإصرار على منازلة السرطان الذي أصابه من قبل أشعل حماسه لفتح مواجهة شاملة مع الورم والبحث عن علاج له ولغيره من المرضى.

بعد بحث طويل عثر حسن على علاج تجريبي جديد للساركوما العظمية Osteosarcoma في الولايات المتحدة، وتقدم بطلب إجراء العلاج عليه آملًا أن تحدث هذه التجربة نقلة نوعية في البرتوكول العلاجي الذي لم يتغير منذ 50 عامًا.

رحلة العلاج بحاجة لتمويل لا يملكه حسن، فتبنت جمعية خيرية حملة لتوفير المبلغ وتجاوب معها أهل البحرين، وبادر صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة متكفلًا بالعلاج.

من مشفاه في الولايات المتحدة الذي يوزع فيه وقته بين العلاج والدراسة في البولتيكنك - البحرين عن بُعد خصّ الطبي باللقاء التالي:

 

  1. كيف اكشتفت إصابتك بالسرطان؟

كانت رحلة التشخيص طويلة ومؤلمة فقد بدأت مظاهر الورم السرطاني في ركبتي اليسرى ولتشابه الأعراض التي ظهرت مع أمراض أخرى فقد تعددت نسبة هذه الأعراض إلى أمراض أخرى كالرباط الصليبي والتهاب المفاصل وتشنج العضلات.

لكن بعد أشهر من التشخيص غير الصحيح وبعد اشتداد الألم، وفقداني القدرة على المشي طلبت الوالدة من أحد الأطباء إجراء فحص بالرنين المغناطيسي. وصلتني نتيجة الفحص على بريدي الإلكتروني في ليلة عيد الأضحى 2018 تفيد باصابتي بنوع نادر من السرطان اسمه الساركوما العظمية Osteosarcoma.

 

  1. ما هو شعورك حين قرأت البريد؟

كان شعورًا صادمًا ومفاجئًا خصوصاً لشخص في عمري، ولكنه تحدي جديد قبلته من أول يوم مستعينًا بحول وبقوة من الله.

 

  1. أليس من الصادم لشاب في مقتبل العمر هذا التشخيص؟

أكيد وهذا دليل على أن مرض السرطان لا يصيب كبار السن فقط. كان عمري آنذاك 20 سنة كما أني رياضي وغير مدخن وأتبع نظام غذائي صحي ولكن مع ذلك أصبت بالسرطان.

 

  1. أين تلقيت العلاج؟

بسبب ندرة المرض وعدم توفر العلاج في البحرين أو المنطقة، أرسلت للعلاج في الجمهورية التركية في أحد المستشفيات التابعة لمركز John Hopkins الأمريكي. بدأت علاجي في أغسطس 2018 مع جلسات الكيماوي والعمليات والعلاج الطبيعي حتى تشافيت كلياً في شهر مارس 2019.

 

  1. كيف كانت الرحلة؟

اصطدمتُ بالكثير من العوائق خلال رحلتي العلاجية بسبب الأدوية الكيميائية منها هبوط الخلايا المناعية المستمر، والتهاب حاد في الأمعاء أدت لازالة الجزء الأيمن من الأمعاء مع الدودة الزائدة Right hemicolectomy، عانيت أيضاً من عدوى بكتيرية خطيرة جداً لمرضى السرطان اسمها الكلبسيلا Klebsiella.

وبسبب موقع السرطان في الركبة في اليسرى، كنت طريح الفراش 6 أشهر في المستشفى عاجزًا عن المشي. وبسبب فقدان الطعم والشهية من العلاجات الكيماوية، هبط وزني من 90 كيلو إلى 55 كيلو، واحتجت إلى 30  كيس دم على مدى الـ 6  أشهر بسبب النزول الحاد في مستويات الدم.

على الرغم من جميع هذه الأعراض الجانبية للكيماوي، كان الألم الأكبر ولازال الغربة والابتعاد عن أرض الوطن والأهل والأصدقاء. ولكن كما قلت أسلفت قبلت التحدي، فكنت ولا زلت أتمسك بالأمل بعد كل عرض خطير فالأمل يعطيك القدرة على رؤية الأشياء التي تعتقد أنها مستحيلة ويشعرك بما هو غير ملموس ويحقق المستحيل.

 

  1. لماذا احتجت للعلاج مرة أخرى؟

كل مرحلة جديدة تمر عليَّ أتذكر قوله تعالى "إن مع العسر يسرا" ويطمئن قلبي.

بعد أشهر من الفحوصات المتتابعة، في يناير 2020 عاد السرطان مرة أخرى في العمود الفقري في فقرة الـ L4 والفخذ. كانت صدمة أخرى قوية ولكن كانت معنوياتي عالية جداً فكنت قادر على المشي والحركة ومساعدة نفسي مع خبرة كثيرة في طريقة التعامل مع السرطان على عكس المرة الأولى.

بدأتُ العلاج من يناير إلى أكتوبر 2020 حيث تعالجتُ بالكيماوي والإشعاعي وتشافيتُ من الأورام السابقة ولكن ظهرت عندي 8 أورام جديدة في الرئتين. أخبرني الأطباء بأن المرض ليس له علاج مُصرح به في الوقت الراهن، وقد يداهمك الموت خلال الأشهر القليلة القادمة.

 

  1. ماذا حدث بعد ذلك؟

كنت مخير بين الجلوس في المنزل وعائلتي تشاهد صحتي وهي تتدهور أو البحث عن الأمل أينما كان.

بعد البحث والتحري واستشارة الكثير من الأطباء وجدت أن هناك تجربة سريرية تعد الأولى في العالم لاستخدام أدوية مناعية جديدة Immunotherapy لعلاج مرض الساركوما العظمية في مستشفى أم دي أندرسون في مدينة هيوستن الأمريكية مع العلم أن أحد هذه الأدوية إلى الآن لم توافق عليها منظمة الغذاء والأدوية الأمريكية FDA حتى تثبت فاعليتها.

 

  1. ما هي نتائج الفحوص الأولية في أمريكا؟

جاءت الفحوصات على عكس التوقعات والحمد لله الأورام الموجودة بقت على حجمها ولم تتغير ولم تنتقل إلى أماكن أخرى من الجسم على الرغم من بقائي مدة طويلة بدون أي علاج مما أعطى الاطباء دافع قوي للبدء في العلاج.

 

  1. هل لك أن تشرح لنا عن العلاج المناعي الجديد؟

العلاج المناعي يعيد برمجة الجهاز المناعي لجسم الإنسان ويجعل الخلايا المناعية قادرة على اكتشاف الخلايا السرطانية في الجسم وقتلها. مكتشف هذا العلاج المناعي الجديد هو البرفسور جيمس أليسون James Allison الذي فاز بجائزة نوبل للطب عام 2018 لاكتشافه هذا العلاج.

نجح العلاج المناعي في رفع معدل شفاء أنواع متعددة من السرطان، ولكن هذه من المرة الأولى التي يتم تجربتها على الساركوما العظمية. طبعاً تم تجربته على خلايا حية وفئران تجارب في المختبرات وأثبت فاعليته والآن ستجرى التجارب على البشر. ولله الحمد أنا أول شخص سيستخدم هذا البروتوكول العلاجي الجديد. بإمكان القرّاء زيارة رابط التجربة من موقع التجارب السريرية التابع للحكومة الأمريكية.

‏https://clinicaltrials.gov/ct2/show/NCT04668300

 

  1. ماهي أبعاد المشاركة في التجربة العلمية؟

التجربة العلمية لها أبعاد كثيرة، منها تحقيق هدفي الأول هو إرسال رسالة أمل إلى كل مرضى السرطان الذين يمرون في مراحل العلاج حالياً. والنقطة الثانية أملي الكبير في المساهمة بإحداث تغيير للبروتوكول العلاجي لمرض الساركوما العظمية الذي لم يتغير منذ ٥٠ عامًا مضت خصوصاً بعد أن معاناتي منها مع آثارها الخطيرة، لا أريد لأشخاص آخرين معاناة هذه التجربة الأليمة التي مررت بها.

كل العلاجات الموجودة حالياً هي نتيجة تضحية أشخاص وافقوا على خوض التجارب الأولى للعلاج، وأنا اليوم هنا ليتم لمشاركة في تجربة علاجية من أجل التغيير وجعل العلاج أفضل.

 

  1. كيف يسير العلاج في الوقت الراهن؟

وافقتُ على خوض تجربة علاجية جديدة آثارها الجانبية قصيرة وطويلة المدى غير معلومة. ولكن الحمد لله لم أتعرض لأعراض جانبية قوية مثل التي تعرضت لها وأنا آخذ العلاج الكيميائي سابقاً. فحتى الآن الاثار الجانبية كانت مقتصرة على جفاف البشرة والإرهاق.

علاجي جديد وهو بيد الله والعلماء يعملون بجهدهم وتوفيق من الله "إن الله على كل شيء قدير"

 

  1. ماذا تبقى لإنتهاء فترة العلاج؟

الخطة العلاجية مكونة من ٤ جرعات من الأدوية المناعية. الحمد لله للتو انتهيت من أخذ الجرعة الثانية وبقيت جرعتين. بعد ذلك ستجرى الفحوصات لرؤية مدى فاعليته وتقبل جسمي للعلاج ويبقى الأمل بالله.