في الحلقات السابقة من سلسلة اكتساب اللغة الثانية استعرضتُ جملة من التساؤلات التي تثار حول تأثيرها على التطور اللغوي واستعرضتُ الإجابات التي أشارت إلى أنها لا تسبب تأخرًا لغويًا، كما استعرضت طرق اكتساب لغة أخرى.
بقي سؤال استعرض اجابته في الأسطر التالية:
الوالدان أحاديا اللغة، ولكن يريدان أن يكون أبناءهما ثنائيي اللغة، فما هو الخيار الأفضل؟
قد يذهب بعض الآباء للاعتماد على الوسائل التكنولوجية، كالتلفاز والأجهزة اللوحية الإلكترونية في تعليم أبنائهم للغة الثانية، وبسبب جمالية التفاعل مع الصور والألوان والأصوات التي تظهرها هذه الأجهزة يتعلق الأطفال بها كثيرًا ويدمنون عليها، ولأن الآباء يظنون أن أبناءهم يتعلمون منها فلا يدركون مدى ضررها على أبنائهم على المدى البعيد.
لن أتطرق هنا للأضرار النفسية أو الاجتماعية لهذه الأجهزة فقد تناولت العديد من المواضيع والدراسات هذا الشأن وبإمكان أي أحد أن يجد ذلك بالبحث في أيٍ من مواقع البحث والتواصل الاجتماعي، وسأكتفي بالتطرق إلى مدى فائدتها لتعلم اللغة الثانية (اللغة الإنجليزية)،
فهل فعلًا يمكننا أن نعلم أبناءنا عن طريق التلفاز؟
الجواب هو ليس من السهولة على الأطفال الصغار اكتساب اللغة من التلفاز حيث أشارت أحدث الدراسات، إذ أن الطفل يحتاج لتلقي لغة ذات جودة عالية وتحتوي على كمٍ عالٍ من المفردات، ولا يتم ذلك إلا بالتفاعل مع متحدثين متعددين، فكلما تفاعل مع أفراد وأشخاص، بالتحدث واللعب، كلما زادت حصيلته اللغوية وأتقن اللغة أكثر، على عكس التلفاز، فقد أثبتت احدى الدراسات أن الأطفال ثنائيي اللغة الذين يأخذون لغتهم من التلفاز يملكون حصيلة لغوية أصغر من أقرانهم. فما هو الحل؟
الخيار الأفضل هو أن يسجلوا ابنهم في مركز رعاية الأطفال النهاري (حضانة) يتحدثون باللغة المستهدف اكتسابها لابنهم، مع مراعات التحري عن الحضانة والتأكد بأن الأطفال يتم التفاعل معهم عن طريق الألعاب الحركية والمجسمات، وليس تركهم وحدهم أو وضعهم أمام شاشة التلفاز. ويتبعه مدرسة ذات نظام يعتمد اللغة المستهدفة كلغة أساسية. فيتعرض الأطفال في المنزل للغة الرئيسية (العربية)، ويتعرضون للغة الثانية (الإنجليزية) في المدرسة، وكلما كبروا سنًا ازدادت مهاراتهم اللغوية في اللغتين على حدٍ سواء.
فيجب على الآباء والأمهات الاتفاق على احدى الطرق والاستراتيجيات التي تتناسب معهم ومع ابنهم والبيئة التي يعيشون فيها في اكساب / تعليم أبنائهم اللغة الرئيسية واللغة الثانية، علمًا أنهم كي يصبحوا ثنائيي اللغة لا يجب أن يتقنوا اللغة الثانية بنفس الدرجة من الاتقان للغة الأولى، فيكفي أن يتقنوها بدرجة تسمح لهم من التواصل بها مع من يتحدث بها، فلا إفراط ولا تفريط، فلا تبالغوا في الضغط على أبنائكم ليتقنوا اللغة الثانية بشكلٍ مثالي، فيكرهوا التحدث بها أو يتقنوها أكثر على حساب اللغة الرئيسية. وإن واجهتكم أي مشكلة أو لاحظتم تأخرًا لغويًا أو نطقيًا في أيٍ من اللغتين، فيجب مراجعة اخصائي في النطق واللغة يتحدث ويقوم بتشخيص اللغتين الرئيسية والثانية.
حسين النشيط
اخصائي سمع ونطق