من زاوية لوجستية مجردة بحتة، المريض هو العميل. والهدف من العمليات اللوجستية هو إرضاء العميل. لوجستيات الإسعاف تتضمن التخطيط والتحكم بالموارد والمعلومات المتوافرة لتسهيل خدمة المريض بشكل فعال عن طريق الحفاظ على استقرار حالته ومنعها من التدهور حتى الوصول للمنشأة الصحية للحصول على العلاج المناسب.
هناك عدة وسائل أخرى لنقل المرضى مثل طائرات الهليكوبتر، القوارب، الطائرات ثابتة الجناحين أو أي مركبة أخرى مجهزة لهذا الغرض لكن تركيز المقالة سيكون على سيارة الإسعاف لأنها الأكثر شيوعًا.
تتضمن لوجستيات الإسعاف أربعة تدفقات رئيسية كالتالي:
- تدفق المعلومات: استقبال المعلومات هو المحفز الأول والأساسي لبدء العملية اللوجستية عن طريق استخلاص المعلومات عن حالة المريض للتوجه إليه وفي المقابل إعطاء المريض ومرافقيه إرشادات طبية حتى وصول المسعفين. هنا نلاحظ أن تدفق المعلومات يأخذ اتجاهين، من المريض لمركز الإسعاف ومن مركز الإسعاف للمريض.
- تدفق المواد: يتضمن التجهيزات الطبية المخزنة داخل المركبة كالسرير النقال والأدوية وأسطوانات الأكسجين وأجهزة الإنعاش القلبي وضمادات الجروح وما إلى ذلك.
- تدفق الركاب: نقل الطواقم الطبية المؤهلة ذهابًا إلى موقع الحدث للمساعدة في نقل المريض إيابًا بالطريقة الآمنة للحفاظ على استقرار حالته.
- تدفق الخدمات: وهي خلاصة العملية اللوجستية للإسعاف حيث تتقاطع جميع التدفقات السابقة مع بعضها بحيث يتم تقديم الخدمة الطبية اللازمة للمريض لمنع حالته من التدهور بناءًا على المعلومات المتوفرة عن صحته وتوفر المعدات الطبية ومهارة المسعفين حتى اكتمال الخدمة بنقل المريض للمستشفى لتلقي العلاج المناسب.
صعوبة لوجستيات الإسعاف تكمن في صعوبة التكهن بوقت ومكان حدوث الحادث، لذلك يجب أن تكون وحدات الإسعاف متأهبة على مدار الساعة. العمليات اللوجستية الاعتيادية من الممكن أن تتخذ من "المركزية" كطريقة عمل لها بحيث نفترض شركة توريد مواد بناء قد يكون أسطول مركباتها ومستودعاتها في موقع واحد لتوفير النفقات وعدم وجود حاجة ملحة للاستجابة السريعة. على العكس، خدمات الإسعاف تتبع منهج "اللامركزية" تكون سيارات الإسعاف فيها متأهبة في عدة مواقع مختلفة لضمان سرعة الوصول للمريض لأن العمليات اللوجستية للإسعاف تركز على الفعالية من ناحية سرعة الاستجابة وكفاءة الخدمات عوضًا عن توفير النفقات لضآلة الهامش الزمني المتاح لإنجاح العملية.
وحدات الإسعاف الحكومية في مملكة البحرين تنقسم إلى قسمين:
- وحدات العناية المركزة المتنقلة: مخصصة للحالات الحرجة تحت إشراف فنيين طبيين متخصصين.
- وحدات الخدمات الروتينية: تستجيب لحالات الطوارئ والحالات متوسطة الحدة تحت إشراف فنيي الإسعاف.
عند تلقي اتصال يقوم مركز الإسعاف بتقييم حالة المريض حسب خطورتها وهامش الوقت المتوفر لإرسال وحدة الإسعاف المناسبة، ولكن هناك مشكلة عالمية تواجه الكثير من مراكز الإسعاف بأن الكثير من الاتصالات يتم تصنيفها كحالات حرجة وعاجلة عكس الواقع. السبب في ذلك يعود إلى أن المريض أو مرافقيه الذين قاموا بالاتصال للإسعاف يفتقرون للمعلومات الطبية ويكون ذلك ممزوجًا بعاملي الخوف والفزع مما يدفعهم للمبالغة في وصف حالة المريض. بناءًا على ذلك لا يمكن لمركز الإسعاف المخاطرة بإرسال وحدة العناية الروتينية لضمان سلامة المريض ويترتب على هذه المشكلة إيفاد طواقم طبية وأجهزة طبية لا حاجة لها.
الحل لهذه المشكلة هو تطوير أسئلة ذات معايير محددة ودقيقة تساعد مركز الإسعاف في تحديد حالة المريض بدقة وإرسال وحدة الإسعاف المناسبة لتقليل تبديد الموارد والحفاظ على سلامة المريض في نفس الوقت.
من الأمور المقلقة في عمل سيارة الإسعاف هو كيفية الموازنة بين الوصول السريع للمستشفى وتفادي الأخطار المتعلقة بهذه السرعة. كشفت دراسات أمريكية أن سيارات الإسعاف أكثر تعرضًا للحوادث عند التقاطعات وإشارات المرور مقارنة بسيارات الشرطة والإطفاء رغم اتخاذ إجراءات السلامة كربط أحزمة الأمان وتثبيت المصاب جيدًا على الكرسي النقال وتأمين الأجهزة على المركبة وتدريب السائقين عمليًا في محاكاة لحالات الطوارئ بعد التأكد من خلو سجلاتهم من مخالفات المرور، ولكن من ناحية عملية احترازات السلامة غير قابلة للتطبيق بشكل مثالي في سيارة الإسعاف لأن المسعف يحتاج للحركة وتحريك المعدات اللازمة للقيام بعمليات الإنعاش القلبي ووضع أجهزة الأكسجين أو تضميد الجروح. وقوع حادث لمركبة إسعاف يعني تحول المسعفين أنفسهم لضحايا لذلك التعاون المجتمعي مهم جدًا من السائقين الآخرين لضمان سلامة ركاب الإسعاف المنكوبين أساسًا.
حسين الشيخ
مختص في اللوجستيات