يتميز التوكيديون باستخدام لغة جسدية واثقة عند التحدث مع غيرهم، ويترجم ذلك في تواصلهم البصري الفعال والنظر بشكل مباشر واستقامة الرأس، كما أنهم منضبطون انفعاليًا وأكثر قدرة على التعبير عن انفعالاتهم بشكل سليم وسوي، بالإضافة إلى جرأتهم في الحديث وقوة خطابهم وسرعة استجابتهم.
ومن أجل فهم أعمق للسلوك التوكيدي، حري بنا التفريق بين أنواع ثلاثة من السلوك، تختلط في أذهان الناس، وقد يمارسون نوعًا من السلوك ظنًا منهم أنه هو السلوك التوكيدي بينما هو نوع آخر يختلف اختلافًا جوهريًا قد يبدو بسيطًا عند معرفته لأول وهلة، والأمر ليس كذلك، بل أكثر تعقيدًا.
أول أنواع السلوك هو السلوك السلبي الذي يبدو فيه الشخص تابعًا للآخرين فيسلك ما يسلكونه حتى وإن كان ذلك على حساب مشاعره وحقوقه، وكأنه يقدم مشاعرهم على مشاعره، أو لا يأبه بمشاعره وحقوقه إرضاءًا للآخرين. والتطبيقات كثيرة، منها على سبيل المثال غير المدخن عندما يجلس مع مجموعة من المدخنين، فهم لا يحترمون حقه في بيئة آمنة من دون تدخين، وهو لم يتواصل معهم لينهاهم عن التدخين، ونتيجة للسلبية يستمر السلوك الذي لا يراعي حقه.
نجد في المقابل أن هناك من يحاول انتزاع حقوقه انتزاعًا، ويستخدم سلاح الغضب والتجاوز لحقوق الآخرين، والعدوان اللفظي والبدني عليهم من دون مراعاة لحقوقهم، وكأن لسان حاله يقول "المهم أن آخذ حقي، الآخرون غير مهمين". تلك السمات والخصائص يمكن تعريفها بالسلوك العدواني، ويعد ذلك النوع الثاني من أنواع السلوك. وتطبيقات هذا النوع من السلوك في الواقع كثيرة؛ منها على سبيل المثال ما يحدث في التفاعل بين الزوجين فنرى زوجًا إذا خرجت زوجته من المنزل من دون الاستئذان منه لظرف طارئ، فيفسر ذلك على أنه عدم احترام لمشاعره وحقوقه كزوج، لكم أن تتصوروا ماذا سيفعل إذا كان سيمارس السلوك العدواني؟! .
لا سلبية ولا عدوان بل توكيدية، أي مراعاة حقي وحقوق الآخرين، احترام مشاعري ومشاعرهم من دون إيذاءهم ولا إذعان لهم ولرغباتهم.
هنا سنرفض ما يستدعي الرفض وعدم القبول والمشاركة وسنقول (لا) بوضوح ومن دون تردد وتلعثم في الحوار مع الآخرين، سنقولها بثقة، سنتواصل بصريًا مع الآخر معلنين رفضنا، حاملين رسالة سلام عنوانها لك حقك ولي حقوقي، وينبغي أن أحترم مشاعرك وأتعاطف معك وأنت عليك أن تحترم مشاعري. النتيجة هنا حصولك على حقوقك من دون أن تخسر الآخرين.
حسين آل ناصر
اخصائي نفسي إكلينيكي أول
المملكة العربية السعودية