الاضطرابات النفسية عند الأطفال..د.لمياء الأشقر

يعتقد الكثيرون أن الأطفال لا يصابون بالأمراض النفسية، ولكن أثبتت الدراسات الحديثة ذلك وساهم اطلاع الناس وثقافتهم حول الأمراض عامة والنفسية خاصة في إيجاد وعي مجتمعي لأهمية الالتفات للمشاكل النفسية التي يعاني منها الأطفال.

فتصيب الأمراض النفسية الأطفال مثلهم مثل البالغين إلا أن الأعراض لديهم تختلف وقد يُساء فهمها وتعد من ضمن المشاكل السلوكية الاعتيادية للأطفال ولكن الكثير من المشاكل السلوكية قد تكون مقدمة ومؤشر لأمراض نفسية مستترة. لذلك قد يصعب على الآباء ملاحظة التغييرات في سلوك أطفالهم أو في صحتهم النفسية مما يؤخر طلب الاستشارة والعلاج والذي يؤدي إلى تفاقم المشكلة السلوكية والنفسية لدى الطفل بما تحمل من تداعيات على صحته الجسدية والعقلية والاجتماعية في المستقبل.

 للتعرف على المشاكل أو الاضطرابات النفسية والسلوكية عند الطفل لا بد أن نتعرف على مثلث الصحة النفسية بشكل عام والذي يتكون من التفكير السليم الذي يتبعه شعور وعواطف سليمة يؤدي بالتالي إلى تصرفات وسلوكيات سليمة.

ولأنه من الصعب على الطفل شرح أو توضيح مشاعره أو ما يحس به من اضطراب إضافة لكون الاضطرابات النفسية عند الأطفال تختلف وتتغير بحسب العمر ونتيجة تشابك العوامل التي تؤثر في الحالة النفسية للطفل والتي من أهمها عامل الوراثة والأسرة والمدرسة، فيصبح من الصعب على الأهل تشخيص حالة طفلهم إن كانت ضمن الحالات الطبيعية للأطفال أم أنها تحتاج لتدخل المختصين من الاخصائيين والأطباء النفسيين. ناهيك عن شعور الوصمة الاجتماعية والحرج الذي قد يشعر به الأهل والذي قد يؤخر تشخيص وعلاج الطفل في الوقت المناسب مما يفاقم الحالة عنده ويصعب العلاج أكثر صعوبة بعدها.

من الاضطرابات الشائعة بين الأطفال:

.1      اضطرابات القلق

.2      اضطراب طيف التوحد

.3      اضطراب الشهية

.4      الاكتئاب واضطرابات المزاج الأخرى

.5      اضطراب الكرب ما بعد الصدمة

.6      الفصام

.7      اضطراب الوسواس القهري

.8      اضطراب تشوه الجسم

.9      اضطراب الأعراض النفسية - الجسدية

.10    اضطراب قلق الانفصال

.11    هوس شد الشعر وتقطيعه

 

ومن المؤشرات التي قد يراها الأبوان في طفلهما وقد تنم عن إصابته باضطراب نفسي ما يلي:

  • الحزن المتواصل - أسبوعين أو أكثر
  • الانسحاب من التجمعات العائلية
  • إيذاء نفسه أو الحديث عن إيذاء نفسه
  • الحديث عن الموت أو الانتحار
  • الهَيَجان أو رد الفعل السريع على إثارة الآخرين له
  • السلوك الخارج عن السيطرة الذي يُمكن أن يكون ضارًا
  • تغييرات جذرية في المزاج أو السلوك أو الشخصية
  • تغيرات في عادات الأكل
  • تكرار بعض السلوكيات مثل الكلمات والحركات والأفعال
  • فقدان الوزن
  • صعوبة النوم
  • حالات الصداع أو آلام المعدة المتكررة
  • صعوبة التركيز
  • تغييرات في أدائه وتحصيله العلمي في المدرسة
  • الغياب عن المدرسة

 

وهنا سنلقي الضوء على بعض الاضطرابات النفسية التي قد تصيب الطفل:

.1      اضطرابات طيف التوحد تحتوي على مجموعة من العلاقات الاجتماعية الضعيفة ومجال محدود من الاهتمامات والنمطية في التصرفات واستخدام غير طبيعي للغة وفي بعض الحالات ضعف في القدرات العقلية.

.2      اضطراب الوسواس القهري (Obsessive-compulsive Disorder) يكون غالبًا ناتج عن القلق والخوف من التعرض لأذى أو تعرض شخص عزيز على الطفل لأذى بسبب المرض أو الوفاة. والسلوكيات القهرية هي نوع من السلوك الهادف والمتكرر والمفرط الذي يشعر الطفل بضرورة القيام بها لتبرير شكوكه مثل التحقق بشكل متكرر من أن الباب موصد.

.3      اضطراب تشوه الجسم (Body Dysmorphic Disorder) حيث يصبح الطفل منهمك في عيب موجود في مظهره مثل حجم الأنف أو الأذنين وغيرها من أعضاء الجسم.

.4      اضطراب الأعراض النفسية - الجسدية (Psychosomatic Disorder) التي قد تشبه أعراض الاضطراب العصبي مثل الشلل أو ضعف الرؤية وقد تكون غامضة مثل الإصابة بالصداع والغثيان.

.5      اضطراب الكرب ما بعد الصدمة (Post-Traumatic Stress Disorder) فقد يحدث هذا للطفل بعد أن يشهد حادث عنيف مثل مشاهدة حادث أو هجوم كلب أو إطلاق نار أو غيرها من الأحداث. ويبدأ الكرب الحاد بعد الحادث مباشرة وقد يستمر من أيام إلى شهور كما يمكن أن يحدث بعد الاعتداء اللفظي أو الجسدي للطفل.

.6      اضطراب قلق الانفصال (Attachment Disorder) حيث يظهر على الطفل قلق شديد حول الابتعاد عن المنزل أو عن الأم ويقوم الطفل ببكاء شديد إذا غابت الأم عن المنزل.

 

ما الذي على الوالدين عمله عند الشك بإصابة طفلهما بأحد الاضطرابات النفسية؟

لابد من استشارة الطبيب النفسي أو المعالج النفسي حول هذه الشكوك دون تأخير. كما أنه من المفيد سؤال المعلمين في المدرسة وأصدقاء الطفل حول ما إذا لاحظوا تغيرًا في سلوك الطفل وما هو هذا التغيير ومنذ متى؟ ومشاركة هذه المعلومات مع الطبيب النفسي أو المعالج النفسي للطفل والذي سوف يشخص الحالة اعتمادًا على مدة وفترة التغيير في سلوك الطفل ومدى تأثير هذا التغيير على حياته وصحته الجسدية والاجتماعية مع مراعاة أن التشخيص قد يستغرق وقتا خاصة عند الأطفال الصغار نظرًا لأنهم قد يجدون صعوبة في فهم مشاعرهم أو التعبير عنها، كما يختلف التطور الجسدي والنفسي الطبيعي من طفل لآخر.

ويشمل العلاج الشائع للأطفال الذين يعانون من اضطرابات نفسية على جلسات العلاج النفسي أو الأدوية أو الاثنين معا بحسب ما يراه الطبيب النفسي مناسبا وبالاتفاق مع الوالدين. كما هناك بعض الأفكار التي قد تفيد الوالدين لمساعدتهما وطفلهما للوصول إلى بر الأمان منها على سبيل المثال لا الحصر:

  • القراءة والتعلم حول الاضطرابات النفسية عند الأطفال
  • مشاركة جميع أفراد الأسرة في العلاج والعمل كفريق واحد
  • تعلم تقنيات التحكم في التوتر والقلق المصاحب لهذا النوع من الاضطرابات وعلاجها
  • البحث عن طرق للاسترخاء والاستمتاع مع الطفل والأسرة بشكل عام
  • التعاون مع مدرسة الطفل وأصدقائه وزملائه لتمر فترة العلاج بسلام

 

وفي الختام، لابد من حماية الطفل منذ الصغر والعناية بصحته النفسية حتى ينشأ سليم البنية جسديا ونفسيا واجتماعيا ليكون شخص منتج وفاعل في مجتمعه.

 

د. لمياء الأشقر

اخصائية الطب النفسي

مركز سلوان للطب النفسي