أ. د الدهماني: طورنا لقاح لكورونا

"التوفيق حوَّل مسارنا من البحث عن المناعة الواقية من الفيروس لإنتاح لقاح"، هكذا كشف أ.د محمد الدهماني فتح الله أستاذ كرسي الملك فهد للتقنيات الحيوية الطبية بجامعة الخليج العربي للطبي عن العامل الذي دفع الجامعة لإنتاج لقاح مضاد لفيروس كورونا.

وقال في لقاء خاص مع "الطبي" كشفنا عن شفرة المناعة  الطبيعية الواقية ضد الفيروس ورصدنا الجزيئيات التي يستهدفها جهاز المناعة لتحقيق المناعة الفاعلة التي تحمي المصابين من تفحل المرض. وأردف: "هنا تحول مسارنا من بحثي إلى تطوير لقاح".

وأوضح وهو متخصص في علوم البيولوجيا الجزيئية والهندسة الوراثية والتقنيات الحيوية الطبية أن هناك حلقة مفقودة في منطقتنا بين تطويرالأدوية واللقاحات  في المختبرات الجامعية أو معاهد البحث وإنتاجها وهي حلقة نقل التقنية البالغة الأهمية.  التصنيع هو من اختصاص الشركات التي تمتلك ملاءة مالية تمكنها من تمويل كل مراحل التصنيع والتجارب السريرية والقدرة على التسويق. وتمنى أن ينتج اللقاح في البحرين بتمويل محلي أو إقليمي.

 

وأضاء في اللقاء التالي على جزء من مسيرة اللقاح منذ اكتشاف الشفرة والإنتاج وصولًا لتسجيل براءة الاختراع:

 

  1. ما الذي حفزكم على إنتاج اللقاح في ظل التنافس العالمي؟

لدينا حوافز كثيرة ومشتركة مع بقية الجامعات ومؤسسات البحث العلمي التي تعمل في  مجال التقنية الحيوية الطبية، فالمناخ في الجامعة محفز للبحث والتطويروالإبداع.

وكان لظهور فيروس كورونا وتحوله لجائحة محفزًا لنا للتعرف عليه وتقديم مساهمة علمية، وهذا من واجبنا  المهني للمساهمة في مكافحة الجائحة وتقديم ما يمكن أن يحمي البشرية.

أضف إلى ذلك وجود فريق مؤهل ذا خبرة في جامعة الخليج العربي.

 

  1. متى بدأتم العمل على هذا اللقاح؟

بدأنا مع ظهور حافز قوي جدًا أضيف لما سبق من حوافز حوّل توجهنا من أبحاث ترصد  المناعة  الواقية ضد الفيروس إلى وضع خطة لتطوير لقاح مضاد له وهو القيام بدراسة للتعرف على المناعة الواقية من الفيروس لعينة من البحرينين بلغ عددهم 500 متعافيًا من كورونا.

استطعنا في هذه الدراسة فك شفرة المناعة التي كانت موضوع اهتمام الباحثين في كل  أنحاء العالم والتي تمنح الوقاية الطبيعية ضد فيروس كورونا بتحديد أجزاء من الزلالية السطحية التي يستعملها الفيروس لاقتحام الخلايا والتي تؤدي إلى إنتاج أجسام مضادة فعالة تحمي من المرض عند أكثر من 80 % من المصابين بفيروس كورونا.

هنا تحول المسار إلى إنتاج لقاح للفيروس.

 

  1. في أي سنة كانت البداية؟

بدأ عملنا على تطوير اللقاح تحديدًا أواخر نوفمبر 2020.

 

  1. ألا تعد الفترة قصيرة بالنسبة لإنتاج لقاح؟

في الظروف العادية اتفق معك، ولكن الوضع ليس عادي ولم أشهد في حياتي مثل هذه السابقة العلمية من توجه مراكز الأبحاث في العالم للتعرف على فيروس كورونا وإنتاج هذا الكم الهائل من المعلومات في وقت وجيز للغاية ومشاركتها عبر الفضاء الإلكتروني في بيانات مفتوحة ومتاحة للجميع من مؤسسات علمية ومراكز بحثية وباحثين.

ويعد هذا سبب رئيس في تسريع إنتاج اللقاحات في العالم، إضافة للحاجة الملحة التي فرضها تفشي الفيروس وتهديد لحياة الناس.

 

  1. حدثنا عن مفهوم الجيل الثاني من اللقاح؟

يحدد مستوى اللقاح في تصنيف الأجيال المستويين العلمي والمعرفي، وما تم إنتاجه من لقاحات صنف بأنه من الجيل الأول أنتج بأحدث وأعلى التقنيات، ولكن بنفس المستوى المعرفي الذي بنيت عليه لقاحات سابقة لضيق الوقت أمام العلماء من جهة، وقلة البيانات المتوفرة عن الفيروس الجديد.

وفرضت الظروف إنتاج لقاح يحصن البشر في فترة زمنية قصيرة بالمقارنة مع إنتاج اللقاحات في الأوضاع الاعتيادية.

اللقاح الذي انتجناه في الجامعة يصنف بأنه من الجيل الثاني لأنه مبني على مستوى تقني ومعرفي أعلى، أنتجناه عبر دراسة المناعة الواقية بل أستطيع القول أن لقاحنا مختلف وعالي الجودة وممكن أن ينافس بجدية اللقاحات الموجودة حاليًا. ويمكن نقل اللقاح الذي طورناه للجسم بـتقنيات متعددة منها "تقنية - أ ر ن" آي. (RNA technology) 

 

  1. من هو الفريق الذي عمل على اللقاح؟

لدينا في جامعة الخليج العربي فريق ذا خبرة عالية يتكون من 3 من حملة الدكتوراه في علم المناعة، البيولوجيا الجزيئية (الهندسة الوراثية)، والمعلوماتية الحيوية التي تختص بتحليل البيانات بالحاسوب ونتميز بها على مستوى المنطقة. إضافة إلى أخصائي تقنية حيوية طبية. وكذلك بمشاركة شبابًا من طلبة الدكتوراه في الجامعة.

 

  1. من أين حصلتم على التمويل؟

أود في البداية أن أوجه شكري وامتناني لرئيس الجامعة د. خالد العوهلي – الذي جعل هذا المشروع يرى النور فهو الذي بادر بتخصيص مبلغ لتمويل المشروع، وقدم كل الدعم لنجاح المشروع والاهتمام لأنه بحسب وصفه له بأنه خدمة للبشرية. إنه الأب الروحي والراعي لهذا الإنجاز.

 

  1. كم حجم التكلفة؟

من الصعب تحديدها في الوقت الراهن، ولكنها بلغت مئات الآلاف من الدنانير. لكن المرحلة القادمة ستتطلب تمويلًا أكبر يفوق قدرة الجامعة واختصاصها.

 

  1. أين وصلتم في موضوع تسجيل براءة الاختراع؟

الحمد لله في تاريخ 29 من شهر نوفمبر 2021 تم تسجيل براءة الاختراع لدى المنظمة الأمريكية للملكية الفكرية وحصلت جامعة الخليج العربي على تاريخ الأولوية للقاح ضد مرض كورونا.

وكان صيف 2021 صيفًا حافلًا بالعمل فقد راجعنا 2500 وثيقة قبل التسجيل للتحقق إن ما أنجزناه علميًا فريد ومتميز. المكتب الاستشاري الذي استعانت به الجامعة لتسجيل براءة الاختراع مكتب ذا صيت عالمي ساعدنا في تطوير استراتيجية محكمة لضمان الملكية الفكرية للجامعة الشيء الذي منحنا فرصة أولوية للتسجيل في وقت وجيز وفتح المجال أمام تسجيل أي تطورات على اللقاح حتى أبريل القادم.

 

  1. متى يمكنكم تصنيع اللقاح؟

سؤال جيد ومفيد، الجامعات لا تصنع اللقاحات بل تطور لقاحًات تصنع إما بتمويل حكومي أو بشراكة وتمويل من شركات خاصة، وفي حالات أخرى تقوم الجامعات ببعث شركات مبتدئة تخضع لقوانين القطاع الخاص  لتصنيع الدواء أو اللقاح.

 

  1. هل يمكن إنتاجه في البحرين؟

طبعا هذا ممكن، وهو ما نتمناه إذ يتوفر لدينا الجانب المعرفي والعلمي والتجربة اللازمة في جامعة الخليج العربي، لكن يجب توفير التمويل حسب أنظمة القطاع الخاص في مجال التقنيات والصناعات الحيوية وهما العنصران الأساس في العملية.

وأود أن أؤكد أن الجامعات تقدم نتاج علمي قابل للتصنيع وهذا ما يطلق عليه اليوم الاقتصاد المعرفي الذي له مكاسب اقتصادية واجتماعية وغيرها.

 

  1. هل يفتح هذا الباب واسعًا أمام الجامعة لتصنيع اللقاحات والأدوية؟

الفريق الذي كونته من حوالي 10 سنوات أنتج دواءًا لعلاج سرطان، كما اخترعنا إسراء لعلاج مرض التصلب اللويحي وتسلمنا وثيقة براءة الاختراع في مارس 2019.

كل هذه الاختراعات والابتكارات تحتاج إلى شركات تتبناها وتصنع وتنتج هذه الأدوية.

 

  1. هل من كلمة أخيرة؟

أتمنى يتجاوز اللقاح مرحة الإبتكار للإنتاج ويتم تسويقه بإرادة وتمويل محلي أو إقليمي ومستعدين لتسخير إمكاناتنا العلمية لتحقيق هذا الهدف.