العراق الطب القديم 3-4 ... د.نبيل تمام

في البدء كانت تقوم الفلسفة الدينية للطب السومري القديم على أن سبب نشوء المرض إلى غضب إلهي يحل على الإنسان نتيجة خطأ في أداء واجباته، حيث كان التصور الديني لمسيرة المرض عند العراقيين القدماء تنقسم إلى ثلاثة أقسام هي:

أولا: ما قبل المرض ويشمل الحوادث التي أدت إلى حصول المرض وهي الخطيئة وثم ظهور الشر في الشيطان المهاجم ودور الإله الحامي للشخص وثم إنزال العقاب بالشخص المخطئ.

ثانيًا: المرض وهي المرحلة التي يبدأ فيها المرض ويستمر ويتطور والنتائج الروحية والجسدية المترتبة.

ثالثًا: ما بعد المرض وقد يتجه نحو الشفاء بعد حدوث التشخيص والتوقع والإنذار ثم التداوي وإما نحو الموت بعد فشل محاولات العلاج.

بلغت ممارسة الطب في الحياة السومرية مرحلة مزدهرة جدًا حيث بلغت مرحلة التخصص في فروع الطب والصيدلة والشفاء، وكان يسمى الطبيب آنذاك آزو وتعني العارف بالماء أو الشخص الذي يكتشف المعرفة من الماء، وأن إله الماء إنكي هو الإله المسؤول عن الشفاء وكان يطلق عليه إله الطب الأكبر، وهذا يدل على أن الطب يعني الحياة.

شعار الطب السومري القديم تمثل في ثعبانين يمثلان الإله ننكشزيدا يلتفان على عصا منذ الألف الثالث قبل الميلاد، وأول طبيب سومري ممارس عرف باسم لولو في سنة 2700 قبل الميلاد، حيث كان الطبيب يتمتع بمكانة عالية، وكانوا يلجأون إلى المصادر النباتية والحيوانية لعمل وصفاتهم الطبية، وكان الأطباء السومريون يستخدمون دساتير سومرية نذكر منها أول دستور أدوية يطلق عليه أقرباذين وعثر عليه في مدينة نفر التي اشتهرت بمهلة الطب والأطباء.

كان الأكديين على معرفة جيدة بالطب الباطني الذي يحدد أمراض كل عضو أو جهاز في الجسم، وشرحوا تشخيص تلك الأمراض، إلى جانب توصيف التخصصات في الطب مثل الواصفو و الآسو والقابلة، وتم تقسيم الأطباء بالشكل النقابي المهني إلى آسو جلو وهو نقيب الأطباء أو جليل الأطباء، وآسو جلاتو وهي نقيبة الأطباء أو جليلة الأطباء، وآسو جلدتو وهم الاختصاصيون.

وجدير بالذكر أن العهد البابلي حفل بازدهار الطب وقوانينه في مجال التشريع الطبي التي وضعها حمورابي وتحتوي على ثلاثة عشر قسمًا منها ما يحدد أتعاب الطبيب ومنها ما يحدد العقاب لمن يمارس مهنة الطب دون تصريح. أما العهد الآشوري فمثل العصر الذهبي للطب الرافيديني لاتساع وتفرع الطب وحقوله وظهور عدد كبير من المتخصصين لدرجة كان يتم طلبهم من قبل ملوك الحضارات المجاورة للتطبيب فيها.

مثلت البحوث والدراسات الطبية والوصفات والتشخصيات الطبية وكتب الجيب الطبية دورًا حيويًا في الطب العراقي القديم، ولقد اعتمد العراقيون القدماء على الطب النفسي حيث اعتمدوا المعالجة النفسية على مبدأين أساسيين هما مبدأ الإيهام ومبدأ الشعور بالاضطهاد.

المصدر: كتاب بخور الآلهة - دراسة في الطب والسحر والأسطورة والدين للدكتور خزعل الماجدي العام 1998 من منشورات الأهلية

 

د.نبيل تمام

استشاري وجراح أنف وأذن وحنجرة