العسل غذاء ودواء..منتج رباني العبث فيه يفسده ....لبيب الشهابي

دلت الحفريات القديمة على ظهور العسل قبل ظهور الإنسان على سطح الأرض، وطالما اهتم الإنسان به، فما هو العسل؟ وما هو سر اهتمام الإنسان به؟ ولماذا تحرص الكثير من التشريعات والمؤسسات وواضعو الاشتراطات والمواصفات القياسية على الاهتمام بهذا المنتج؟

سنجيب على هذه الأسئلة ونحاول أن نتعرف على هذا المنتج عن كثب في هذه المساحة بحسب ما هو متاح.

اتفقت المصادر والمراجع على تعريف العسل، فكما ورد في المواصفة القياسية الصادرة عن هيئة التقييس لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تحت رقم GSO 147/2008 بأنه " المادة الحلوة الطبيعية التي تنتجها شغالات نحل العسل من رحيق الأزهار أو من إفرازات أجزاء النباتات الحية أو من مخرجات الحشرات الماصة للعصارة النباتية الحية، بعد أن تقوم بجمعها وتهيئتها ومزجها مع مواد خاصة وتخزينها في أقراص شمعية لإنضاجها"

العسل مركب معقد التركيب يتراوح بين عديم اللون واللون البني الغامق، وهو محلول شديد التشبع بالسكريات المحبة للماء الأمر الذي أكسبه ميزة مقاومة نمو الكائنات الحية كالبكتيريا والخمائر والتسبب في جفافها، كما يحتوي على أصباغ نباتية (كاروتين، زانثوفيل، كلوروفيل)، مواد معدنية، وغيرها، وهذا التركيب يجعله مضادًا للبكتيريا والالتهابات والأكسدة ويمكن استغلال هذه الفوائد الدوائية في الطب الحديث حيث تنامى الاهتمام بالعسل لما عرف عنه من فوائد علاجية إلى جانب كونه غذاءً ذا قيمة غذائية عالية – بحكم تركيبه - فقد أثبتت الدراسات أنه يقوي جهاز المناعة عند الإنسان، وذلك نظرًا لارتفاع تركيزه الأسموزي ما يعني انخفاض النشاط المائي فيه، وانخفاض حموضته، واحتوائه على مكونات بيروكسيد الهيدروجين.

أضف إلى ذلك فعاليته ضد الكائنات الحية الدقيقة الحساسة والمقاومة للمضادات الحيوية، وسهولة استعماله لعلاج الجروح، وقلة آثاره الجانبية في تخفيف آلام المعدة وتقصير مدة الإسهال وانخفاض احتمال اختيار سلالات أخرى مقاومة، ما يجعله بديلًا مرضيًا ووسيلة تكميلية للوقاية الكيميائية أو العلاج الكيميائي.

المكونات الرئيسية للعسل هي السكريات وتركيزها كما يلي:

 

الفركتوز

37.20 %

الجلوكوز

31.28 %

السكروز

1.31 %

المالتوز

7.31 %

 

يمكن استخدام تركيز السكريات كمعيار لغش العسل والذي يتم بإضافة شراب صناعي أو سكروز متحلل مع الأحماض أو النشا أو جذر الشمندر في العسل، أو أي طريقة غش أخرى، وحين يتم العبث بهذه التركيبة الربانية للعسل وخصوصًا باستعمال الحرارة أو تخفيف تركيزه فإنه يفقد المميزات العلاجية والغذائية له.

 لم يسلم العسل من الغش شأنه شأن العديد من الأغذية ما حدا بالأجهزة الرقابية وواضعي المواصفات والاشتراطات إلى سن التشريعات ووضع المواصفات التي من شأنها كشف ذلك، وتنظيم مهنة إنتاج العسل بشكل تجاري، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك ووضعوا اشتراطات للمناحل تمكنها من إنتاج عسل ذي جودة عالية وخال من الملوثات.

يمكن تمييز العسل عالي الجودة برائحته وطعمه وقوامه إلى جانب ذلك فإن دراسة المحتوى المائي أثبتت أنه ليس من المقبول أن يحتوي العسل الجيد على أكثر من 18 % ماء إذ أن ارتفاع منسوب الماء يمكن أن يسبب عملية تخمر العسل وفقدان جودته.

ومن التحاليل المهمة التي تجرى للعسل هو تحليل مركب HMF (هيدروكسي ميثيل فلفلرل) وهو مركب ينتج من السكر في الوسط الحمضي حين تتم معالجة العسل بالحرارة، فكلما زادت درجة الحرارة بمقدار عشر درجات مئوية أصبح التفاعل أسرع بمقدار خمس مرات، وهذا التحليل مؤشر على كون العسل طازجًا، ولم يتعرض للطبخ، وأنه لم يتم تخزينه لفترات طويلة، وعادة ما يكون العسل المستخرج حديثًا ذا تركيز 5 مغ/كغ.

 

لبيب الشهابي

مختص في السلامة الغذائية