أسباب الفصام....حسين محمد علي آل ناصر

تؤثر الاضطرابات النفسية في جميع أنشطة المريض المختلفة، وبشكل جلي في الأنشطة الاجتماعية والمهنية، وليس هذا فحسب، بل تؤثر أيضًا في جودة الحياة عنده.

ومن أكثر هذه الاضطرابات تأثيرًا الفصام حيث يسبب خللًا واضطرابًا في تفكير المريض وسلوكه ومشاعره.

قد يبدأ الفصام أثناء مرحلة الطفولة إلا أنه غالبًا ما يظهر في بداية البلوغ، كما يظهر عند الرجال في وقت مبكر عن النساء.

تقسم التصنيفات الأساسية لأعراض الفصام لثلاثة أقسام: (الأعراض الإيجابية) كالهلاوس والضلالات، (الأعراض السلبية) كانعدام الإرادة، فقر التعبير اللفظي، وغياب الاختلاط الاجتماعي.

ومن أجل تشخيص الفصام يضع الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية الخامس والذي تصدره جمعية الطب النفسي الأمريكية (DSM5) معايير عدة: أن يظهر اثنان أو أكثر من الأعراض التالية وتستمر لمدة شهر على الأقل وعلى أن تكون إحدى الأعراض من بين التصنيفات (1) أو (2) أو (3) . "1" الضلالات "2" الهلاوس "3" الكلام غير المنتظم "4" السلوك غير المنتظم أو الجمود "5" أعراض سلبية انعدام الدافعية أو التعبير عن المشاعر.  انخفاض الأداء في الأنشطة الاجتماعية أو المهنية عند كل نوبة. ظهور علامات الاضطراب لمدة لا تقل عن (6) أشهر .

ولعل من المهم أن نقف على مفهومين رئيسيين عند الحديث عن الفصام وهما الضلالات والهلاوس.

تعرف الضلالات على أنها أفكار ومعتقدات خاطئة يؤمن بها المريض. منها على سبيل المثال اعتقاده أن الآخرين قادرون على سماع ما يفكر فيه، أو أن ما يذاع في التلفاز يشير إليه.

أما الهلاوس فهي خبرات حسية تحدث مع عدم وجود مثيرات بيئية، وهي أنواع متعددة إلا أن أكثرها شيوعًا بين مرضى الفصام هي الهلاوس السمعية.

ولقد تطور العلم في شرح أسباب الفصام ونظرياته تطورًا ملحوظًا أثر في الفهم والوقاية والتنبؤ والعلاج. وسنقف هنا على أبرز العوامل والأسباب ونوردها بشكل إجمالي مختصر.

 دراسات عدة وجدت أن أقارب المرضى المصابين بالفصام  هم أكثر عرضة  ويزيد الخطر كلما كانت العلاقة الوراثية أو الجينية بين صاحب الجين وبين الأقارب أكثر قربًا بينما تجد دراسات أخرى لافتة للنظر أن الأعراض السلبية قد يكون بها العنصر الجيني أقوى، وللتوضيح أكثر فإن من لديهم أشخاص مصابون بالفصام في عائلاتهم، يظهرون أعراضًا سلبية أعلى من غيرهم.

وفي المقابل فإن النظرية العصبية تفترض أن الفصام مرتبط بزيادة نشاط الناقل العصبي الدوبامين إلا أن هذا الافتراض لاقى نقدًا حيث يرى العلماء أن الفصام قد تلعب فيه نواقل عصبية متعددة أدوارًا بما يشبه الشبكة الواسعة، ومن هذه النواقل السيروتونين، الجلوتمات.

علاوة على ذلك لا يمكننا إغفال دور العوامل البيئية كالمشكلات أثناء عملية ولادة المصابين بالفصام ويكون ذلك نتيجة انخفاض توصيل الأكسجين إلى المخ بالإضافة إلى الاستعداد الجيني عند هؤلاء المرضى، كما أن تعرض الأم للعدوى أثناء الحمل يعد عاملًا من عوامل الخطر، كما يعتبر الإدمان على المواد المخدرة لاعبًا بيئيًا وقد يحفز ظهور الفصام.

ومن الجدير بالذكر ما وجدته الدراسات من أن المصابين بالفصام يبدو عليهم الميل إلى إعادة التفاعل مع المثيرات الضاغطة أثناء حياتهم اليومية، مما يشير لدور محتمل تلعبه الضغوط في الفصام كما تلعبه في اضطرابات نفسية متعددة كالقلق.

ومن الجوانب التي قد تلعب دورًا أيضًا، الجوانب الاجتماعية الاقتصادية حيث وجد إن هناك ارتفاعًا في انتشار الفصام عند الأشخاص الأقل في الحالة الاجتماعية الاقتصادية، ورغم ذلك فلن تكون العلاقة بين المتغيرين عكسية.

 

حسين محمد علي آل ناصر

أخصائي نفسي إكلينيكي أول

المملكة العربية السعودية